الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نيابة عامة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نيابة عامة. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 1 يونيو 2025

الطعن 121 لسنة 19 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 117 ص 734

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة عبد العزيز محمد بك وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك - المستشارين.

-----------------

(117)
القضية رقم 121 سنة 19 القضائية

(1) بيع. 

بيع المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم قطعة أرض مقاماً عليها بناء. إقرار البائعة لزوجها الطاعن بأن قطعة الأرض مشتراة من ماله وأن عقد شرائها هذه القطعة هو عقد صوري وأن المباني المقامة عليها هي من ماله. حكم. تقريره أن ملكية قطعة الأرض والبناء قد انتقلت إلى المشتري بتسجيل عقده وأن حق الطاعن قبل البائعة قد استحال إلى مبلغ من المال هو قيمة الأرض والبناء. استناده إلى عدم تسجيل الإقرار وانتفاء الصورية التي نسبها الطاعن إلى عقد البيع. النعي عليه الخطأ في تكييف الإقرار لأنه اعتبره إقراراً يدين مع أنه إقرار بملكية الأرض والبناء. غير منتج.
(2) حكم. تسبيبه. 

قضاؤه بعدم قبول الطعن الذي أبداه الطاعن بصورية عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم. إقامته على أنه وقد دفع الطاعن أولاً بإبطال هذا التصرف وفقاً للمادة 143 من القانون المدني - القديم - ثم دفع بصورتيه ثانياً فإنه لا يقبل منه الدفع الثاني عند عدم إثبات الدفع الأول. الواقع في الدعوى هو أن الطاعن تمسك بالصورية أولاً. الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد والتناقض في الأسباب. يكون غير منتج متى كان الحكم قد تصدى لبحث الصورية وقرر بانتفائها موضوعاً.
(المادة 143 من القانون المدني - القديم - والمادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
(3) حكم. تسبيبه. 

تقريره أنه لا يجوز لمن كان بيده ورقة عرفية غير مسجلة أن يطعن بالصورية في عقد بيع مسجل. تصد به بعد ذلك لصورية العقد المسجل وتقريره بانتفائها موضوعاً وبذلك استقام ما أثبته من أن مورث باقي المطعون عليهم وقد اشترى بعقد جدي وسجل عقده من المطعون عليها الثانية وهي مالكة بموجب عقد مسجل يعتبر من الغير فلا تسري عليه ورقة الضد. الطعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون. غير منتج.
(المادة 228 من القانون المدني - القديم - والمادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
(4) بيع. تسجيل. 

عقد البيع غير المسجل. لا يترتب عليه انتقال الملكية للمشتري. من مقتضى ذلك أنه لا يجوز طلب تثبيت الملكية بناء على عقد غير مسجل. إنما يجوز للمشتري إلزام البائع بتنفيذ التزامه بنقل الملكية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد حتى إذا ما قضي له بذلك وسجل الحكم حق له طلب تثبيت الملكية استناداً إلى الحكم المسجل.

---------------
1 - متى كان الواقع في الدعوى هو أن المطعون عليها الثانية باعت إلى مورث باقي المطعون عليهم قطعة الأرض والمنزل موضوع النزاع وكانت المطعون عليها سالفة الذكر قد أقرت لزوجها الطاعن بورقة ثابتة التاريخ بأن قطعة الأرض مشتراة من ماله وأن عقد شرائها هذه القطعة هو عقد صوري وأن المباني المقامة عليها هي من ماله وكان الحكم قد أثبت للأسباب التي أوردها أنه مع عدم تسجيل هذا الإقرار وانتفاء الصورية التي نسبها الطاعن إلى العقد الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم فإن ملكية الأرض والمباني موضوع الإقرار قد انتقلت للمورث المذكور بتسجيل هذا العقد وبذلك استحال حق الطاعن قبل المطعون عليها الثانية (البائعة) إلى مبلغ من المال هو قيمة الأرض والبناء وهو ما قضى به الحكم وكان من ضمن طلبات الطاعن الاحتياطية فإن النعي على الحكم الخطأ في تكييف الإقرار لأنه اعتبره إقراراً بدين مع أنه إقرار بدين مع أنه إقرار بملكيته الأرض والمنزل يكون غير منتج.
2 - متى كان الحكم إذ قضى بعدم قبول الطعن الذي أبداه الطاعن بصورية عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم قد أقام قضاءه على أنه وقد دفع الطاعن أولاً بإبطال هذا التصرف وفقاً للمادة 143 من القانون المدني (القديم) ثم دفع بصورتيه ثانياً فإنه لا يقبل منه الدفع الثاني عند عدم إثبات الدفع الأول لأن في الدفع بإبطال التصرف معنى الإقرار بجدية العقد وكان الواقع في الدعوى هو أن الطاعن تمسك بالصورية أولاً فإن الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد والتناقض في الأسباب يكون غير منتج متى كان الحكم قد تصدى لبحث الصورية وقرر بانتفائها موضوعاً.
3 - متى كان الحكم بعد أن قرر ما يعيبه عليه الطاعن من أنه لا يجوز لمن كان بيده ورقة عرفية مسجلة أن يطعن بالصورية في عقد بيع مسجل قد تصدى لصورية العقد المسجل وقرر بانتفائها موضوعاً وبذلك استقام ما أثبته من أن مورث باقي المطعون عليهم وقد اشترى بعقد جدي وسجل عقده من المطعون عليها الثانية وهي مالكة بموجب عقد مسجل يعتبر من الغير فلا تسري عليه ورقة الضد فإن الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير منتج.
4 - لا يترتب على عقد البيع غير المسجل انتقال الملكية للمشتري ومن مقتضى ذلك أنه لا يجوز طلب تثبيت الملكية بناء على عقد غير مسجل وإنما يجوز للمشتري إلزام البائع بتنفيذ التزامه بنقل الملكية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد حتى إذا ما قضى له بذلك وسجل الحكم حق له طلب تثبيت الملكية استناداً إلى الحكم المسجل الذي يقوم مقام تسجيل العقد وإذن فمتى كان الحكم قد قرر وهو في معرض الرد على طلب الطاعن صحة ونفاذ ورقة الإقرار الصادر له من المطعون عليها الثانية أنه "لا يمكن اعتبار هذا الطلب فرعاً عن طلب تثبيت الملكية بدليل أنه لا يصح للمدعي في دعوى صحة ونفاذ العقد التحدث عن الملكية لأن حقه فيها لا ينشأ إلا بعد صدور الحكم لصالحه في الدعوى المذكورة وتسجيله وبتعبير آخر أن الملكية مرحلة تالية أساسها الحكم بصحة ونفاذ الإقرار وتسجيله" فإن الطعن فيه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير صحيح.


الوقائع

في يوم 26 من يوليه سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 24 من إبريل سنة 1949 في الاستئنافين رقمي 1051 سنة 60 ق و753 سنة 62 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 31 من يوليه سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 10 من أغسطس سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 28 منه أودع المطعون عليهم الأربعة الأولون مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم تقدم المطعون عليها الخامسة دفاعاً. وفي 17 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 5 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

من حيث إن وقائع الدعوى تتحصل كما يؤخذ من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 93 سنة 1943 على المطعون عليها الثانية ومورث باقي المطعون عليهم بصحيفة ذكر فيها أنه كان متزوجاً بالمطعون عليها الثانية ولم يرزق منها بولد وفي فبراير سنة 1929 اشترت من ماله قطعة أرض بمبلغ 147 جنيه ولكنه حرر العقد باسم زوجه وسجله في 8 من مايو سنة 1935 ثم أقام على الأرض بناء من ماله الخاص وحصل على إقرار من المطعون عليها الثانية مؤرخ في 8 من مايو سنة 1935 وثابت التاريخ في 9 من يونيه سنة 1935 بأن ثمن الأرض وقدره 147 جنيه وقيمة المباني وهي 500 جنيه من مال الطاعن وأن عقد البيع الصادر للمطعون عليها الثانية من البائع هو عقد صوري استعير فيه اسمها وتعهدت في هذا الإقرار بعدم التصرف في المنزل ثم في سنة 1941 شجر الخلاف بين الزوجين وانتهى بالطلاق فباعث المطعون عليها الثانية المنزل إلى مورث باقي المطعون عليهم بعقد مسجل في 19 من مارس سنة 1942 وطلب الطاعن تثبيت ملكيته إلى الأرض بما عليها من البناء واحتياطياً تثبيت ملكيته إلى مباني المنزل والتصريح له بحبسها تحت يده حتى الوفاء بقيمتها ثم عدل طلباته إلى طلب بطلان عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم والحكم بتثبيت ملكيته إلى المنزل من أرض وبناء واحتياطياً تثبيت ملكيته إلى مباني المنزل ومن باب الاحتياط الكلي إلزام المطعون عليها الثانية بأن تدفع إليه مبلغ 647 جنيه والفوائد بواقع 5% من الطلب الرسمي وحبس المباني لحين الوفاء بقيمتها وهي 500 جنيه وبني طلب البطلان على أن البيع الصادر من المطعون عليها الثانية هو بيع صوري ينطوي على التدليس وأن المشتري وهو ابن أخت البائعة يعلم بصورية تملك المطعون عليها الثانية للمنزل يضاف إلى ذلك أن الطاعن دائن لها بمبلغ 647 جنيهاً وله الحق في إبطال التصرف الصادر من مدينته بالدعوى البوليسية وفقاً للمادة 143 من القانون المدني وقدم تأييداً لدعواه الإقرار سالف الذكر وعقود اتفاق بينه وبين بعض المقاولين والمحكمة الابتدائية حكمت في 30 من مايو سنة 1943 بإلزام المطعون عليها الثانية بأن تدفع إلى الطاعن مبلغ 647 جنيه والمصاريف الخاصة بهذا المبلغ ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات ومؤسسة حكمها على أن الإقرار لا يثبت للطاعن حقاً عينياً ولا يصلح أساساً للملكية وأن صورية العقد الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم لم يقم عليها دليل كما لم يقم دليل على علم المورث المذكور بصورية عقد ملكية المطعون عليها الثانية وأن ركن التواطؤ منتف إذ لا دليل على علم المورث بوجود الدين وأن طلب الحبس لا أساس له. فاستأنف الطاعن والمطعون عليها الثانية الحكم وقررت المطعون عليها الثانية بالطعن في الإقرار بالتزوير وحكم برفض دعوى التزوير وصحة الإقرار واقتصر الطاعن في صحيفة استئنافه على طلب بطلان عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم بناء على المادة 143 مدني (قديم) والإحالة على التحقيق لإثبات الغش ثم بجلسة المرافعة الأخيرة قال إن طلباته الختامية هي صحة ونفاذ الإقرار وأحقيته في تملك المنزل من أرض وبناء وبطلان عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم لصوريته صورية مطلقة - ودفع المطعون عليهم عدا المطعون عليها الثانية بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعن تأسيساً على أنه لم يطلب في صحيفة استئنافه البطلان للصورية واقتصر على طلب البطلان بناء على الدعوى البوليسية. ومحكمة الاستئناف قضت بحكمها المطعون فيه برفض الدفع وتأييد الحكم المستأنف. فطعن عبد الحميد إسماعيل أفندي في هذا الحكم بطريق النقض في 21 من يوليه سنة 1949.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل السبب الأول منها أن الحكم أخطأ في تكييف الإقرار الصادر في 9 من يونيه سنة 1935 من المطعون عليها الثانية بأنه إقرار بدين في حين أنه إقرار بملكية الطاعن للأرض والمنزل كما تدل على ذلك صراحة عبارته.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه غير منتج. ذلك لأن الحكم أثبت للأسباب التي أوردها أنه مع عدم تسجيل هذا الإقرار وانتفاء الصورية التي نسبها الطاعن إلى العقد الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم فإن ملكية الأرض والمنزل موضوع الإقرار قد انتقلت للمورث المذكور بتسجيل هذا العقد - وبذلك استحال حق الطاعن قبل المطعون عليها الثانية إلى مبلغ من المال هو قيمة الأرض والمنزل. وهو ما قضى به الحكم وكان من ضمن طلبات الطاعن الاحتياطية.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وعاره خطأ في الإسناد وتناقض في الأسباب ذلك أنه قضى بعدم قبول الطعن بالصورية تأسيساً على أنه دفع بإبطال التصرف إضراراً بالدائن أولاً ثم بالصورية ثانياً فلا يقبل الدفع الثاني عند عدم إثبات الأول لأنه في الدفع بإبطال التصرف معنى الإقرار بجدية العقد. مع أن الثابت مما ذكره الحكم المطعون فيه أن الطاعن دفع أمام المحكمة الابتدائية أولاً بالصورية ثم بطلب إبطال العقد وفقاً للمادة 143 من القانون المدني القديم وقد تناول الحكم الابتدائي هذين الدفعين وقضى برفضهما وكان من مقتضى ذلك أن يعتبر الدفع بالصورية مقدماً أولاً ولو لم يشر إليه الطاعن في صحيفة استئنافه لأن الاستئناف يترتب عليه نقل النزاع الذي كان مطروحاً أمام محكمة الدرجة الأولى بكامله إلى محكمة الدرجة الثانية.
ومن حيث إنه وإن كان حقاً أن الطاعن تمسك بالصورية أولاً أمام محكمة الدرجة الأولى إلا أن هذا السبب مردود بأنه غير منتج ذلك لأن الحكم بعد أن قرر أن طعن البطران وهو مورث المطعون عليهم عدا الثانية بالصورية غير مقبول قال "أنه لم يقم دليل في الدعوى على أن البطران كان يعلم حق العلم بورقة الضد وقت شرائه إما قرابته بنظيره (المطعون عليها الثانية) فلا تنهض دليلاً على هذا العلم بل الثابت أنه إذ اشترى من نظيرة أطلعته على عقد شرائها الأرض من مالكها الأصلي الثابت به أنها أقامت عليها منزلاً وأن هذا المالك قبض منها ثمن الأرض فتعاقد معها على هذا الأساس فهو والحالة هذه لا يعلم كما قالت محكمة الدرجة الأولى بحق وجود ورقة الضد ولا ما اشتملت عليه من مديونية نظيرة البائعة لعبد الحميد (الطاعن) وبعد أن تم له الشراء ظهر بمظهر المالك الحقيقي فطالب عبد الحميد بالأجرة ولما تخلف عن دفعها رفع عليه دعوى الحراسة رقم 1229 سنة 1942 مستعجل مصر المضمومة فوافق عبد الحميد على وضع المنزل تحت الحراسة وتعين البطران نفسه حارساً ولكنه على الرغم من ذلك لم يدفع له الأجرة فاضطر إلى رفع الدعوى 2538 سنة 1942 مستعجل مصر المضمومة أيضاً بطرده وحكم فيها ضده بإخلائه العين - وأخيراً اتفقا على أن يدفع عبد الحميد إيجاراً شهرياً قدرة ثلاثة جنيهات وعند ذلك فحسب تحرك عبد الحميد فرفع الدعوى الحالية. وحيث إنه إذ يبين مما تقدم عدم قبول الطعن بالصورية بل وانتفاء موضوعها تكون مصلحة عبد الحميد في طلب صحة ونفاذ الإقرار منتفية" ومن ذلك يبين أن الحكم تصدى لبحث الصورية وقرر بانتفائها موضوعاً.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق قانون التسجيل إذ قضى بعدم جواز الطعن بالصورية في عقد بيع مسجل لمن كان بيده ورقة عرفية غير مسجلة مع أن العقد الصوري يعتبر معدوماً والتسجيل لا يكسب المعدوم وجوداً.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه غير منتج كذلك - لأن الحكم بعد أن قرر عبد الحميد استساغ لنفسه اعتماداً على ورقة الإقرار الغير مسجلة الطعن بصورية عقد البيع المسجل من نظيرة للبطران في حين أن الورقة المذكورة عقد ملزم لطرفيها وهما عبد الحميد ونظيرة ومعدومة الأثر بالنسبة للبطران لعدم تسجيلها فيما يختص بالحقوق العينية وعلى رأسها الملكية - ولأن البطران بصفته مشترياً من نظيرة يعتبر من الغير - فلا تسري عليه ورقة الضد الصادرة منها لعبد الحميد ولو كانت ثابتة التاريخ قبل عقده ما دام أن البطران سجل عقده قبل تسجيلها" - بعد أن قرر الحكم ذلك تصدى للصورية كما تقدم القول. وقرر بانتفائها موضوعاً وبذلك استقام ما أثبته الحكم من أن البطران وقد اشترى بعقد جدي وسجل عقده من المطعون عليها الثانية وهي مالكة بموجب عقد مسجل يعتبر من الغير فلا تسري عليه ورقة الضد.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق قانون التسجيل بتقريره أن الطاعن لا يجوز له أن يطلب تثبيت ملكيته إلى الأرض والمنزل موضوع النزاع بناء على ورقة الإقرار العرفية مع أن قانون التسجيل لم يسلب العقود العرفية آثارها القانونية (الناقلة بطبيعتها للملكية صفتها) وللمشتري أن يطلب إلى القضاء تنفيذ هذا الالتزام بطلب صحة ونفاذ العقد والحكم بتسجيله وهو إذ يطلب ذلك إنما يطلب حقاً خاصاً بالملكية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم قرر في معرض الرد على طلب الطاعن صحة ونفاذ ورقة الإقرار أنه "لا يمكن اعتبار هذا الطلب فرعاً عن طلب تثبيت الملكية بدليل أنه لا يصح للمدعي في دعوى صحة ونفاذ العقد التحدث عن الملكية لأن حقه فيها لا ينشأ إلا بعد صدور الحكم لصالحه في الدعوى المذكورة وتسجيله وبلفظ آخر أن الملكية مرحلة تالية أساسها الحكم بصحة ونفاذ الإقرار وتسجيله" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك لأنه لا يترتب على عقد البيع العرفي انتقال الملكية للمشتري ومن مقتضى ذلك أنه لا يجوز طلب تثبيت الملكية بناء على عقد عرفي وإنما يجوز للمشتري إلزام البائع بتنفيذ التزامه بنقل الملكية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد حتى إذا ما قضى له بذلك وسجل الحكم حق له طلب تثبيت ملكيته استناداً إلى الحكم المسجل الذي يقوم مقام العقد المسجل.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم أخطأ في تعرف حقيقة طلبات الطاعن وفي اعتبار طلب صحة ونفاذ الإقرار طلباً جديداً وفي رفضه وعاره قصور في التسبيب - ذلك أن الطاعن طلب تثبيت ملكيته للأرض والمنزل وقدم المستندات التي تدل على أنه بنى المنزل من ماله - وطلب بطلان عقد البيع المحرر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم لصوريته صورية مطلقة حتى إذا ما قضى له بذلك تصبح الخصومة قائمة بينه وبين المطعون عليها الثانية وهي لا تستطيع أن تحتج بأنها تملك الأرض والمنزل وقد أصدرت له إقراراً صريحاً بملكيته لهما. فطلب تثبيت الملكية أو صحة ونفاذ الإقرار وتسجيله لا يأتي إلا بعد فحص صورية البيع الحاصل بين المطعون عليها الثانية ومورث باقي المطعون عليهم. ولكن الحكم قلب الأوضاع فتناول الطلب الثاني وهو مؤسس على الطلب الأول وذهب إلى أن أساس طلب تثبيت الملكية هو ورقة عرفية لا يحتج بها على عقد مسجل هو العقد الصوري وأن صحة ونفاذ العقد لا يصح طلبهما أمام محكمة الاستئناف لأن الملكية مرحلة تالية لصحة ونفاذ العقد. مع أنه كان يتعين الفصل أولاً فيما إذا كان العقد المحرر بين المطعون عليهما صوري أم صحيح وقد قدم الطاعن عشر قرائن أوضحها في تقرير طعنه على صورية العقد المذكور ولكن المحكمة أغفلتها كلها وقضت بتأييد الحكم الابتدائي تأسيساً على أنه لا دليل على الصورية ولم تجب طلب التحقيق الذي قدمه الطاعن - وبينما يؤيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي لأسبابه فيما قضى به من رفض الطعن بالصورية يذهب إلى عدم قبول الطعن بالصورية ابتداء وفضلاً عن هذا فقد قرر الحكم أن طلب صحة ونفاذ الإقرار والحكم بتسجيله لا يعتبر طلباً متفرعاً من الملكية وإنما هو طلب جديد لم يبد من قبل ومن ثم فإنه لا يقبل لأول مرة أمام محكمة الاستئناف مع أن طلب تثبيت الملكية أبعد مدى من طلب ونفاذ الإقرار. كما قرر الحكم أن الطاعن لا مصلحة له في صحة ونفاذ الإقرار بعد أن طلب إبطال التصرف وقضى برفض طلبه مع أن الطاعن ما طلب صحة ونفاذ الإقرار والحكم بتسجيله إلا بعد أن طلب الحكم ببطلان العقد المسجل الصوري وله في ذلك كل المصلحة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم تصدى للصورية وقرر بانتفائها موضوعاً للأسباب التي سبقت الإشارة إليها وهي أسباب سائغة وليست المحكمة مكلفة بالرد على كل قرينة من القرائن التي قدمها الطاعن وهي بعد غير ملزمة بإحالة الدعوى على التحقيق متى كونت عقيدتها بجدية البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى مورث باقي المطعون عليهم للأسباب التي أوردتها ولم يخطئ الحكم فيما قرره من عدم قبول طلب صحة ونفاذ الإقرار على أساس أنه طلب جديد أبدى أمام محكمة الاستئناف لأول مرة وذلك لاختلاف الطلبين سبباً وموضوعاً أما ما جاء في هذا السبب غير ذلك فهو ترديد لما ورد في الأسباب السابقة وقد سبق الرد عليه.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن في غير محله ويتعين رفضه.

الطعن 106 لسنة 19 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 116 ص 730

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

-----------------

(116)
القضية رقم 106 سنة 19 القضائية

بيع كمية من الصاج المستعمل وفق عينة موجود تحت يد المشتري ومختومة من الطرفين على أن يتم تسليم الكمية المبيعة في ظرف أسبوع واحد يبدأ من تاريخ التعاقد. 

التزام البائع في العقد بأن يسلم المشتري فاتورة الشراء حتى يتسنى له بها الحصول على إذن بالتصدير. اتفاق الطرفين على أنه إذ تأخر البائع عن التسليم في ظرف المدة المحددة أو إذا رفض المشتري التسلم يلزم الطرف الآخر بدفع تعويض. حكم. تسبيبه. قضاؤه بإلزام البائع بأن يدفع إلى المشتري مبلغ التعويض ومقدم الثمن والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاة. إقامته على أن البائع هو الذي نكل عن الوفاء بالتزامه وأن ما أصاب المشتري من ضرر ثابت من خطابات فتح الاعتماد الدالة على أنه تعاقد مع تاجر في الخارج على أن يورد له كمية الصاج التي اشتراها. تمسك البائع بأن العقد لا يلزمه بأن يكون الصاج الذي يسلمه إلى المشتري من مخلفات الجيوش المتحالفة وأنه من ذلك كان له أن يسلم الكمية المبيعة من الصاج المحلي وأن المشتري إذ استبان أن تصدير الصاج المحلي ممنوع أخذ يراوغ في تسلم الصاج الذي أعده هو. عدم قطع الحكم صراحة في أن الصاج المتعاقد عليه كان من مخلفات الجيوش المتحالفة وهو أمر يدور عليه وجه الفصل في الدعوى. قصوره.

("المادة 103 من قانون المرافعات - القديم -").

-------------------
متى كان الواقع في الدعوى هو أن الطاعن باع إلى المطعون عليه كمية من الصاج المستعمل وفق عينة موجودة تحت يد المشتري ومختومة من الطرفين على أن يتم تسليم الكمية المبيعة في ظرف أسبوع واحد يبدأ من تاريخ التعاقد والتزام الطاعن في العقد بأن يسلم المطعون عليه فاتورة الشراء حتى يتسنى له بها الحصول على إذن بالتصدير واتفق كذلك في العقد على أنه إذا تأخر الطاعن عن التسليم في ظرف المدة المحددة أو إذا رفض المطعون عليه التسلم يلزم الطرف الآخر بدفع تعويض وكان الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ التعويض ومقدم الثمن والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء قد أسس قضاءه على أن الطاعن هو الذي نكل عن الوفاء بالتزامه وأن ما أصاب المطعون عليه من ضرر ثابت من خطابات فتح الاعتماد الدالة على أنه تعاقد مع تاجر في الخارج على أن يورد له كمية الصاج التي اشتراها من الطاعن وكان هذا الأخير قد تمسك بأن العقد لا يلزمه بأن يكون الصاج الذي يسلمه إلى المطعون عليه من مخلفات الجيوش المتحالفة وأنه من ذلك كان له أن يسلم الكمية المبيعة من الصاج المحلي وأن المطعون عليه إذ استبان أن تصدير الصاج المحلي ممنوع أخذ يراوغ في تسلم الصاج الذي أعده هو وكان الحكم لم يقطع صراحة في أن الصاج المتعاقد عليه كان من مخلفات الجيوش المتحالفة وهو أمر يدور عليه وجه الفصل في الدعوى فإنه يكون قد عاره قصور يستوجب نقضه.


الوقائع

في يوم 25 من يونيه سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 6 من يناير سنة 1949 في الاستئناف رقم 166 تجاري سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون في وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 27 من يونيه سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 9 من يوليه سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً. وفي 29 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات. وفي 5 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن الطاعن باع إلى المطعون عليه، في 24 من سبتمبر سنة 1946، 55 طناً من الصاج المستعمل وفق عينة موجودة تحت يد المشتري ومختومة من الطرفين، بسعر الطن الواحد 28 جنيهاً، على أن يتم تسليم الكمية المبيعة في ظرف أسبوع واحد يبدأ من تاريخ العقد - واتفق كذلك في العقد على أنه إذا تأخر البائع عن التسليم في ظرف المدة المحددة، أو إذا رفض المشتري التسلم، يلزم الطرف المتأخر بدفع مبلغ 150 جنيهاً للطرف الآخر فوراً - وقد تسلم البائع من المشتري في مجلس العقد 150 جنيها. في 11/ 10/ 1946 أقام المطعون عليه أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 16 سنة 1947 كلي تجاري بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع إليه 300 جنيه والفوائد القانونية من المطالبة الرسمية حتى الوفاء. وفي 9/ 3/ 1947 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق. وفي 11 من يناير سنة 1948 قضت برفضها - فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، وقيد استئنافه برقم 166 تجاري سنة 65 ق. وفي 6 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده (الطاعن) بأن يدفع إلى المستأنف (المطعون عليه) مبلغ ثلثمائة جنيه والفوائد القانونية بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء فطعن الطاعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم القصور في التسبيب إذ أغفل الرد على دفاعه الخاص بأن العقد لا يلزمه بأن يكون الصاج الذي يسلمه إلى المشتري من مخلفات الجيوش المتحالفة وأنه من ذلك كان له أن يسلم الكمية المبيعة من الصاج المحلي، وأن المطعون عليه استبان أن تصدير الصاج المحلي ممنوع أخذ يراوغ في تسلم الصاج الذي أعده الطاعن، وأنه بذلك يكون هو الذي أخل بالوفاء بالتزامه على ما قرره حكم محكمة أول درجة. وقد ترتب على إغفال الحكم تمحيص هذا الدفاع خطؤه في تقرير أن الطاعن هو الذي نكل عن الوفاء بالتزامه، وفي تقريره أن ما أصاب المطعون عليه من ضرر ثابت من خطابات فتح الاعتماد المقدمة منه والدالة على أنه تعاقد مع تاجر في اليونان على أن يورد له كمية الصاج التي اشتراها من الطاعن، ذلك أن الصاج الذي كان مرخصاً في تصديره هو وحده الصاج الذي يكون من مخلفات الجيوش المتحالفة.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم وإن كان قد استخلص أن البيع وقع وفقاً لعينة تحت يد المشتري ومختومة من الطرفين، وأن الطاعن التزم في العقد بأن يسلم المشتري فاتورة الشراء، حتى يتسنى له بها الحصول على إذن بالتصدير إلا أنه لم يقطع صراحة في أن الصاج المتعاقد عليه كان من مخلفات الجيوش المتحالفة، وهو أمر يدور عليه وجه الفصل في الدعوى. لما كان ذلك كذلك فإن الحكم يكون قد عاره قصور يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث أسباب الطعن الأخرى.

الطعن 68 لسنة 19 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 115 ص 721

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

-----------------

(115)
القضية رقم 68 سنة 19 القضائية

(أ) صلح. 

القاضي وهو يصدق عليه. لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة. مهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق. هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته.
(ب) صلح. 

المادة 535 من القانون المدني القديم - تطبيقها مقصور على المتعاقدين في الصلح. الأجنبي عن الصلح. لا يحاج به.
(المادة 535 من القانون المدني - القديم - ).
(ج) حراسة قضائية. 

حارس قضائي على أعيان وقف خوله الحكم الذي أقامه إدارة هذه الأعيان. يعتبر بمثابة ناظر مؤقت ويكون هو صاحب الصفة في تمثيل الوقف أمام القضاء. لا يملك التحدث في شئون إدارة الوقف سواه.
(د) حراسة قضائية. 

حكم في مواجهة الناظر بإقامة حارس على نصيبه في الوقف. يترتب على صدوره أن تغل يد الناظر عن إدارة هذا النصيب دون حاجة إلى أي إجراء آخر.
(المادة 491 من القانون المدني - القديم - ) مثال.

------------------
(أ) أن القاضي وهو يصدق عليه الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق ومن ثم فإن الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته.
(ب) إنه وإن كانت المادة 535 من القانون المدني القديم تنص على أنه "لا يجوز الطعن في الصلح إلا بسبب تدليس أو غلط محسوس واقع في الشخص أو في الشيء أو بسبب تزوير السندات التي على موجبها صار الصلح وتبين بعده تزويرها" إلا أن تطبيق هذه المادة مقصور على المتعاقدين أما الأجنبي عن الصلح فإنه لا يحاج به.
(جـ) متى قضي بإقامة حارس قضائي على أعيان وقف وخوله الحكم الذي أقامه إدارة هذه الأعيان فإنه يصبح بمثابة ناظر مؤقت ويكون هو صاحب الصفة في تمثيل الوقف أمام القضاء ولا يملك التحدث في شئون إدارة الوقف سواه.
(د) يترتب على مجرد صدور حكم في مواجهة الناظر بإقامة حارس على نصيبه في الوقف أن تغل يده عن إدارة هذا النصيب دون حاجة إلى أي إجراء آخر.
وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى هو أن الطاعن استأجر من الناظر السابق حصته في الوقف بعد أن قضى في مواجهة هذا الأخير بوضعها تحت الحراسة القضائية ولما لم يتمكن الطاعن من وضع يده على العين المؤجرة نظراً لوجودها في حيازة آخرين مستأجرين من الحارس أقام دعواه على المؤجر بصفته ناظراً للوقف يطالبه بالمبلغ الذي قبضه منه من الإيجار وبالتعويض المنصوص عليه في العقد وقد انتهت هذه الدعوى بتحرير محضر صلح بين الطاعن وبين الناظر صدقت عليه المحكمة وتعهد فيه المؤجر بصفته ناظراً على الوقف بأن يدفع إلى الطاعن المبلغ المطلوب وفوائده وكان ذلك أثناء قيام الحراسة القضائية على الوقف فإن هذا الصلح لا يعتبر حجة على الوقف ومن ثم يكون اعتبار الحكم المطعون فيه الوقف أجنبياً عنه لا يحاج به هو اعتبار صحيح لا مخالفة فيه للقانون.


الوقائع

في يوم 12 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 21 من يونيه سنة 1948 في الاستئناف رقم 378 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء في الدعوى الأصلية بعدم جواز سماعها لسبق الفصل فيها نهائياً بحكم به قوة الشيء المحكوم فيه واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 17 و21 من مايو سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن وفي أول يونيه سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظه بمستنداته. وفي 15 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 20 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 5 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن واقعة الدعوى حسبماً يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المرحوم محمد أفندي صادق شلبي كان ناظراً منضماً إلى أخويه عبد المطلب ويس على وقف والده المرحوم حسن مصطفى شهاب وأطيانه 53 فداناً و14 قيراطاً و18 سهماً ثم أفرد بالنظر على نصيبه في الوقف وقدره الثلث وذلك في 16 من ديسمبر سنة 1919 وقد أقيم أنيس بك دوس حارساً قضائياً على هذا النصيب بحكم صادر من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر المختلطة في 11 من أغسطس سنة 1921 ورغم صدور هذا الحكم أجر الناظر المذكور حصته في الوقف إلى الطاعن بعقد إيجار حرر في أول سبتمبر سنة 1921 وأثبت تاريخه في 2 من الشهر المذكور بإيجار قدره 821 جنيهاً و250 مليماً وذكر في العقد أن المؤجر قبض من الإيجار 420 جنيهاً. ولأن الطاعن لم يتمكن من وضع يده نظراً لوجود العين المؤجرة في حيازة آخرين مستأجرين من الحارس. أقام الدعوى على المؤجر بصفته ناظراً على الوقف يطالبه بالمبالغ التي قبضها منه من الإيجار وبالتعويض المنصوص عليه في العقد. وقد انتهت تلك الدعوى بتحرير محضر صلح بين الطاعن والناظر في 7 من إبريل سنة 1923 تعهد فيه المؤجر بصفته ناظراً على الوقف بأن يرد إلى الطاعن مبلغ 590 جنيهاً وفوائده بواقع 5% من تاريخ الصلح حتى الوفاء ونزل الطاعن عن مقاضاة الحارس القضائي. وبعد أن توفى الناظر أوقع الطاعن حجزاً تحت يد الحارس فرفع بعض المستحقين في الوقف دعوى أمام المحكمة المختلطة يطلب إلغاء الحجز استناداً إلى عقد الإيجار ومحضر الصلح المشار إليهما لا يلزمان الوقف لسبق تعيين حارس قضائي عليه في 11 من أغسطس سنة 1921 ولأنه من ذلك التاريخ تكون يد الناظر قد غلت عن إرادته وقد حكم للمستحقين بطلباتهم وتأيد الحكم من محكمة الاستئناف. وبالرغم من ذلك عاد الطاعن وأوقع حجزاً تنفيذياً تحت يد مستأجري أعيان الوقف. ولما لم يقروا بما في ذمتهم رفع الطاعن دعوى حراسة على أعيان الوقف حكم فيها بإقامة ناظر الوقف (المطعون عليه الأول) حارساً إلى أن يفصل في الدعوى الموضوعية التي ترفع لتفسير محضر الصلح المصدق عليه سالف الذكر لمعرفة ما إذا كان هذا الصلح ملزماً لجهة الوقف أو ملزماً لمحمد أفندي صادق شلبي شخصياً - فأقام الناظر الدعوى الحالية طالباً فيها الحكم ببطلان محضر الصلح وبطلان الحجوز الموقعة تحت يد ممثلي الوقف ومستأجريه بمقتضى محضر الصلح المذكور. فقضت محكمة أول درجة للناظر بطلباته تأسيساً على أن عقد الإيجار الصادر للطاعن من ناظر الوقف حرر في وقت لاحق لتاريخ حكم الحراسة. وبالتالي يكون صادراً من غير ذي صفة. فلا يلزم الوقف وأن عقد الصلح لا يلزم الوقف لزوال صفة الناظر في التحدث عن شئونه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم فأيدته محكمة الاستئناف لأسبابه ولما أضافته إليه من أسباب. فقرر الطعن في حكمها بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها - أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان جوهري وخطأ في تطبيق القانون من وجهين - الأول - أن الطاعن دفع بعدم جواز سماع دعوى المطعون عليه الأول لسبق الفصل فيها نهائياً بحكم حاز قوة الأمر المقضي ذلك أن الدعوى رقم 761 سنة 23 كلي مصر رفعت من الطاعن على الوقف الذي يمثله المطعون عليه الأول بطلب إلزام الوقف بذات المبالغ موضوع الدعوى الحالية أي أن الدعويين بين نفس الخصوم وعن نفس الموضوع وقد فصل في الدعوى السابقة نهائياً بإقرار ناظر الوقف بمشغولية ذمته بهذا المبلغ وتعهد الناظر بصفته بدفعه إلى الطاعن وأقرت المحكمة هذا التعهد في صورة صلح حكم نهائياً بالتصديق عليه وجعله في قوة سند واجب التنفيذ وللصلح بين الطرفين وفقاً لنص المادة 2052 مدني فرنسي قوة الشيء المحكوم فيه نهائياً ورغم إبداء هذا الدفاع فإن محكمة أول درجة لم تعره التفاتاً ورغم تمسك الطاعن به في صحيفة استئنافه فإن محكمة الاستئناف لم تتعرض له. فجاء حكمها باطلاً لقصوره فضلاً عن مخالفته للقانون والثاني - إن الطاعن تمسك أمام محكمة أول درجة بوجوب تطبيق المادة 535 من القانون المدني (القديم) التي تنص على أنه "لا يجوز الطعن في الصلح إلا بسبب تدليس أو غلط محسوس واقع في الشخص أو الشيء أو بسبب تزوير المستندات التي على موجبها صار الصلح وتبين بعده تزويرها" - إلا أن المحكمة أطرحت هذا الوجه من الدفاع بحجة أن الصلح تعدى المتعاقدين إلى غيرهما في حين أن هذا الذي قررته مخالف للقانون ذلك أن هذا الصلح تم في دعوى بين الطاعن والوقف الذي أقر بحق الطاعن وتعهد له بالوفاء وأنه قد أثار هذا الدفاع لدى محكمة الاستئناف إلا أنها لم تعره التفاتاً كذلك واكتفت بقولها أنها تأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسباب الحكم المطعون فيه قال في خصوص الوجه الأول - "وحيث إنه بالنسبة لما دفع به المدعى عليه (الطاعن) من أن عقد الصلح المطلوب إبطاله قد صدر حكم بالتصديق عليه يمنع من إعادة بحث ما تضمنه ذلك الصلح فإنه من المقرر فقهاً وقضاء أن التصديق على عقد الصلح لا يخرجه عن كونه عقداً ولا يحوله إلى حكم ولا يزيل ما قد يشوبه من نقص أو بطلان ويكون خاضعاً كسائر العقود لجميع أوجه البطلان القانونية خصوصاً إذا تعدى أثر الصلح إلى الغير" - ويبين من ذلك أن الحكم تناول دفاع الطاعن ولم يغفله كما يزعم ورد عليه رداً سليماً ذلك لأن القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق وإذن فهذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته. ومن ثم يكون هذا الوجه مرفوضاً.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فإن الحكم قال في صدده "أما استناد المدعي (الطاعن) إلى ما تقضي به المادة 535 مدني (قديم) من عدم جواز الطعن في الصلح إلا بسبب تدليس أو غلط في الشخص أو في الشيء أو تزوير السندات التي بني عليها الصلح فهو استناد في غير محله لأن مناط تطبيق المادة المذكورة إنما يكون بين المتعاقدين في الصلح الأمر المخالف للحالة موضوع الصلح المطلوب إبطاله لأن المتضرر من هذا الصلح شخص أجنبي عنه" - وهذا الذي قرره الحكم صحيح لا خطأ فيه. ذلك - لأن عقد الصلح الذي صدقت عليه المحكمة لا يعتبر حجة على الوقف بعد أن وضعت أعيانه تحت الحراسة القضائية - إذ لا يملك بعدها التحدث في شئون إدارة الوقف بنفس السلطة التي كان يملكها ناظر الوقف سوى الحارس - إذ هو بمثابة ناظر مؤقت وقد خوله الحكم الذي أقامه إدارة أعيان الوقف فأصبح صاحب الصفة في تمثيله أمام القضاء في هذه الشئون - ومن ثم يكون اعتبار الحكم الوقف أجنبياً عن الصلح لا يحاج به هو اعتبار صحيح لا مخالفة فيه للقانون.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور في التسبيب من أربعة وجوه - الأول - لأنه على الرغم من أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع صورة رسمية من حكم الحراسة على جميع أطيان الوقف في نوفمبر سنة 1921 وصورة من محضر الجلسة تثبت طلب دخوله خصماً فيها وخطاباً من الحارس أنيس دوس المعين في حكمي الحراسة الصادرين في أغسطس ونوفمبر سنة 1921 يقول فيه أنه لم يحط علماً بحكم أغسطس سنة 1921 ولم ينفذه إلا حكم نوفمبر سنة 1921 على جميع أعيان الوقف - فإن محكمة الموضوع أغفلت دلالة هذه المستندات وكيفتها تكييفاً خاطئاً إذ قررت أن الحارس القضائي نفذ حكم أغسطس سنة 1921 - والثاني - لأن المحكمة اعتبرت حكم الحراسة الصادر في أغسطس سنة 1921 شاملاً لكل حصة محمد صادق شلبي أي ثمانية عشر فداناً مع أن الحكم المذكور إنما ينصب على عشرة أفدنة - والثالث - إذ قرر أن حكم الحراسة الأول قد نفذ استناداً إلى أن الحارس بالاتحاد مع يسن شلبي أجر الأرض في أول أكتوبر سنة 1921 لمحمد محمد شلبي الذي تعذر عليه الاستلام لتعرض ناظر الوقف هو ومستأجر منه يدعى يعقوب شماس مما أدى إلى رفع دعوى الحراسة الثانية مع أن هذا الذي قرره الحكم يخالف الثابت بالمستندات التي تفيد عدم تنفيذ حكم أغسطس سنة 1921 ذلك لأن الناظر أجر للطاعن في أول سبتمبر سنة 1921 وعقد يعقوب شماس حرر في 24 من سبتمبر سنة 1921 وهو الذي انبنى عليه حكم الحراسة الثاني (والرابع) إذ قرر الحكم أن الطاعن نزل في محضر الصلح عن مخاصمة ممثل الوقف في حين أن الثابت بالأوراق أنه نزل عن مخاصمة الحارس بصفته محجوزاً لديه فقط وليس بصفته ممثلاً للوقف.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال "وحيث إنه ثابت من الأوراق المقدمة في ملف الدعوى أن جورج جارجاروتي رفع إلى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر المختلطة الدعوى رقم 8176 سنة 46 قضائية على محمد صادق شلبي طلب فيها الحكم بإقامة حارس قضائي على نصيبه في وقف حسن شلبي ليستوفي دينه من ريعها وقد تدخل فيها يسن شلبي خصماً وفي جلسة 11 أغسطس سنة 1921 أمرت المحكمة بإقامة أنيس بك دوس حارساً على حصة محمد صادق شلبي الشائعة في وقف حسن شلبي لإدارتها وتسليم المدعي صافي ريعها في حالة ثبوت دينه بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه وإلا فيودع خزينة المحكمة. وقد نفذ الحارس هذا الحكم بأن أجر هو ويسن شلبي الناظر على باقي الوقف أطيانه إلى محمد محمد شلبي وعبد المطلب حسن شلبي بعقد إيجار رسمي تاريخه أول أكتوبر سنة 1921 وعندما حاول المستأجران استلام الأطيان المؤجرة لهما اعترضهما في يوم 22 أكتوبر سنة 1921 محمد صادق شلبي ويعقوب شماس واستند الأول إلى أنه أجر الأطيان موضوع التنفيذ بوصفه حارساً قضائياً عليها للثاني بعقد إيجار رسمي محرر بمحكمة مصر المختلطة بتاريخ 24 سبتمبر سنة 1921 برقم 2860 وقد قضى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر المختلطة في هذا التعرض بإقامة أنيس بك دوس حارساً قضائياً على كل أطيان الوقف لإدارتها وتنفيذ حكم الحراسة الأول بالنسبة لخمس الأطيان وتسليم ريع الباقي لمن يستحقه من المستحقين. وحيث إن محصل ذلك أن حكم الحراسة الأول الصادر في 11 أغسطس سنة 1921 بإقامة أنيس بك دوس قد نفذ فعلاً بأن أجر الحارس الأطيان موضوع الحراسة للغير لا يؤثر في ذلك أن يكون قد اعترض تنفيذ هذا العقد استشكال محمد صادق شلبي والمستأجر منه يعقوب شماس وبذلك تسقط دعوى المستأنف (الطاعن) بأن هذا الحكم قد أهمل فلا يزيل عن محمد صادق شلبي صفة التحدث عن الوقف وإدارته - ولما كان يبين من ذلك - أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية بالأدلة السائغة التي أوردتها أن حكم الحراسة الصادر في أغسطس سنة 1921 قد نفذ - وكان يترتب على مجرد صدور حكم في مواجهة الناظر بإقامة حارس على نصيبه في الوقف أن تغل يده عن إدارة هذا النصيب دون حاجة إلى أي إجراء آخر - لما كان ذلك - كان ما يعيبه الطاعن على الحكم في الوجه الأول لا مبرر له.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الثاني عار عن الدليل - إذ لم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة دليلاً رسمياً على سبق تحديه بما ورد فيه لدى محكمة الموضوع.
ومن حيث إن الوجه الثالث من نفس السبب مردود بأنه ليس إلا جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع.
ومن حيث إن الوجه الرابع مردود كذلك بأن المحكمة اتخذت من نزول الطاعن عن مقاضاة الحارس - مع أنه صاحب الصفة في التحدث عن الوقف - قرينة على عدم جدية الصلح الذي أبرم بين الطاعن وناظر الوقف المؤجر له وهذا من حقها وليس فيه ما يناقض الثابت في مستندات الدعوى.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي لأسبابه أضاف إليه أسباباً جديدة مناقضة لأسباب الحكم المستأنف - ذلك أن محكمة أول درجة أقامت قضاءها على أن حكم الحراسة الصادر في أغسطس سنة 1921 قد نفذ وأن الحارس أجر الأطيان للغير في أول سبتمبر سنة 1921 أي في الوقت الذي استأجرها فيه الطاعن - بينما قررت محكمة الاستئناف أن الحارس أجر الأطيان مع آخر في أول أكتوبر سنة 1921 ولم يتمكن المستأجر منهما من تسلم الأطيان لتعرض الناظر والمستأجر منه. وفي هذا ما يقطع في خطأ ما ورد في الحكم الابتدائي. مما كان يتعين معه ألا تقرر محكمة الاستئناف في حكمها أن ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي صحيح.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لما كان الحكم مقاماً على أسباب تكفي لحمله على أساس أن عقد الصلح غير نافذ في حق الوقف كان ما يعيبه عليه الطاعن في سبب الطعن بفرض صحته غير مؤثر على سلامته.
ومن حيث إنه لذلك كله يتعين رفض الطعن.

الطعن 1265 لسنة 50 ق جلسة 16 / 2 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 59 ص 255

جلسة 16 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد/ المستشار د. منصور وجيه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر نائب رئيس المحكمة، عبد النبي خمخم، كمال نافع، محمد مصباح.

----------------

(59)
الطعن رقم 1265 لسنة 50 القضائية

(1 - 2) قانون "سريان القانون من حيث الزمان" نظام عام. إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير مفروش".
(1) القانون. سريانه بأثر فوري على ما يقع من تاريخ نفاذه ما لم ينص فيه على خلاف ذلك. آثار العقد خضوعها لأحكام القانون الذي أبرم في ظلمه ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على ما لم يكن قد اكتمل من المراكز القانونية. قوانين إيجار الأماكن. سريانها بأثر فوري على عقود الإيجار السارية ولو كانت مبرمة قبل العمل به.
(2) حق التأجير المفروش. قصره على الملاك والمستأجرين المصريين فقط والأجانب ليس لهم هذا الحق سواء كانوا ملاكاً أو مستأجرين المواد 31، 40، 48/ 1 ق 49 لسنة 1977. تعلق ذلك بالنظام العام. سريانه على العلاقات التي نشأت قبل صدور القانون المذكور. علة ذلك.
(3) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الأحكام غير الجائز الطعن عليها".
الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى. عدم جواز الطعن فيها بطريق النقض.

------------------
1 - المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، والأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود، طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين وإذ كانت أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على عقود الإيجار حتى ولو كانت مبرمة قبل العمل بها.
2 - النص في المواد 31، 40، 48/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أنه إذا أذن المؤجر بالتأجير من الباطن مفروشاً, أو أجاز القانون ذلك للمستأجر - رغم موافقة المؤجر لاعتبارات رآها المشرع إنما أراد تحديد جنسية من يرخص له بالتأجير مفروشاً في الحالات سالفة البيان، سواء كان مالكاً أو مستأجراً، وسواء أكانت هذه الرخصة مقررة بنص القانون في الفصل الرابع منه أو بموافقة المؤجر المنصوص عليها في المادة 31 منه، يؤكد صواب ذلك، أن نص المادة 48 سوى بين المالك الأجنبي والمستأجر الأجنبي ولا يستساغ عقلاً أن يكون لهذا الأخير أكثر مما للأول، إذ علة هذا الحظر أنه ليس للأجنبي مالكاً أو مستأجراً الاستثمار في تأجير الأماكن المفروشة في تلك الحالات وهو ما أفصحت عنه مناقشة مشروع هذا القانون في مجلس الشعب، وما دام الأمر كذلك فإن علة منع المستأجر الأجنبي من التأجير مفروشاً يتوافر في جميع الحالات الواردة بالمادة 40 مقدمة البيان، وهي الحالات التي يستمد الحق فيها من القانون مباشرة ولو أجاز المؤجر هذا التأجير أو أذن به وإذا كان قصد المشرع من القاعدة القانونية التي أفرغها في المادة 48/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بمنع غير المصريين من استثمار أموالهم ونشاطهم في التأجير المفروش هو أن يضيق قدر المستطاع من مجال المضاربة في هذا النوع من النشاط حتى تتوافر الأماكن الخالية لطالبي السكنى التزاماً بمقتضيات الصالح العام وترجيحاً لها على ما قد يكون للأفراد من مصالح مغايرة فإن هذه القاعدة تكون من قواعد النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، كما وأنها تحكم العلاقات التي نشأت قبل صدور القانون الذي قررها.
3 - مؤدى المادتين 248, 249 من قانون المرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7233 لسنة 1978 مدني شمال القاهرة ضد الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بإخلائهم من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها خالية، وقال بياناً لذلك أن المطعون ضده الثاني السوري الجنسية استأجر منه تلك الشقة بعقد مؤرخ 21/ 7/ 1971 نص في بنده السادس على حظر تنازل المستأجر عن الإيجار أو تأجير العين من الباطن بغير إذن كتابي من المؤجر، ورغم ذلك أجرها إلى المطعون ضده الثالث اللبناني الجنسية من يوليو إلى سبتمبر سنة 1976 ثم استأجرتها الطاعنة - وهي زوجة المطعون ضده الثالث - ولذلك فقد أقام الدعوى بتاريخ 27/ 6/ 1979 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث من شقة النزاع وتسليمها إلى المطعون ضده الأول. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 4652 سنة 96 ق، وبتاريخ 25/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، تنعى الطاعنة بالثلاث الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الثاني أجر لها عين النزاع مفروشة في المدة من 4/ 7/ 1976 إلى 3/ 7/ 1978 فتكون العلاقة الإيجارية قد نشأت قبل العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 المنفذ اعتباراً من 8/ 9/ 1977، بما لا يجوز معه إخضاع تلك العلاقة لنص المادة 48 من هذا القانون إذ قامت في ظل العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي لم يكن يمنعها وكان ينظم أحكام التأجير المفروش في المواد من 26 إلى 29 منه دون ما ينبئ عن قصد إلى قصر أحكامها على المصريين وحدهم، كما لا يجوز سحب أثر النص المستحدث عليها لأنه يتضمن تعديلاً لما اتفق عليه أطراف العقد مما لا يخالف قواعد النظام العام، وهو ما يكشف عنه نص المادة 47 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي أوجبت على الملاك والمستأجرين والمؤجرين لأماكن مفروشة حتى تاريخ العمل بالقانون تعديل أوضاعهم وفقاً لأحكامه في مدى ستة شهور من تاريخ صدوره أو انتهاء مدد العقود أيهما أقرب، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بالإخلاء تأسيساً على ثبوت واقعة التأجير المفروش بالمخالفة لنص المادة 48 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مع قيامها قبل العمل بأحكام هذا القانون، كما تقدم البيان بمقولة أن هذا النص كاشف لمراد الشارع معيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، وذلك أن المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفادها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، والأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة، إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود، طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد، دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين، وإذ كانت أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على عقود الإيجار حتى ولو كانت مبرمة قبل العمل بها، ولما كان ذلك وكان النص في المادة 31 الواردة في الفصل الثالث من القانون رقم 49 لسنة 1977 المنطبق على واقعة النزاع على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ( أ )....... (ب)....... (جـ) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي...". وفي المادة 40 الواردة في الفصل الرابع من ذات القانون "على أنه لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان - المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في حالات حددها"، يدل على أنه إذا أذن المؤجر بالتأجير من الباطن مفروشاً، أو أجاز القانون ذلك للمستأجر - رغم عدم موافقة المؤجر - لاعتبارات رآها المشرع، فإن النص في المادة 48/ 1 الواردة بالفصل الرابع من القانون المذكور على أنه "لا يفيد من أحكام هذا الفصل سوى الملاك والمستأجرين المصريين" - ويدل على أن المشرع إنما أراد تحديد جنسية من يرخص له بالتأجير مفروشاً في الحالات سالف البيان، سواء كان مالكاً أو مستأجراً، وسواء أكانت هذه الرخصة مقررة بنص القانون في الفصل الرابع منه أو بموافقة المؤجر المنصوص عليها في المادة 31 منه، يؤكد صواب ذلك، أن نص المادة 48 سوى بين المالك الأجنبي والمستأجر الأجنبي ولا يستساغ عقلاً أن يكون لهذا الأخير أكثر مما للأول، إذ علة هذا الحظر أنه ليس للأجنبي مالكاً أو مستأجراً. الاستثمار في تأجير الأماكن مفروشة في تلك الحالات وهو ما أفصحت عنه مناقشة مشروع هذا القانون في مجلس الشعب، وما دام الأمر كذلك فإن علة منع المستأجر الأجنبي من التأجير مفروشاً يتوافر في جميع الحالات الواردة بالمادة 40 متقدمة البيان، وهي الحالات التي يستمد الحق فيها من القانون مباشرة ولو أجاز المؤجر هذا التأجير أو أذن به، وإذ كان قصد المشرع من القاعدة القانونية التي أفرغها في المادة 48/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بمنع غير المصريين من استثمار أموالهم ونشاطهم في التأجير المفروش هو أن يضيق قدر المستطاع من مجال المضاربة في هذا النوع من النشاط حتى تتوافر الأماكن الخالية لطالبي السكنى التزاماً بمقتضيات الصالح العام وترجيحاً لها على ما قد يكون للأفراد من مصالح مغايرة فإن هذه القاعدة تكون من قواعد النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، كما وأنها تحكم العلاقات التي نشأت قبل صدور القانون الذي قررها، ولما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وافق صحيح القانون في قضائه بإخلاء الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث من عين النزاع إعمالاً لنص المادة 48/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا ينال من ذلك ما تطرق إليه في أسبابه من تقرير أن هذا النص كاشف لمراد المشرع باعتباره غير مؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ويكون النعي بالأسباب المتقدمة من ثم على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن وكيلها تقدم إلى محكمة أول درجة بطلب خلال فترة حجز الدعوى للحكم ضمنه زوال صفة المطعون ضده الأول كوكيل عن باقي ملاك العقار اللذين ألغوا توكيلاتهم إليه بعد رفع الدعوى مما كان يوجب على المحكمة الحكم بانقطاع سير الخصومة، وإذ لم تقصد المحكمة بذلك ولم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الطلب فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان مؤدى المادتين 248, 249 من قانون المرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف سواء بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها، لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى أنه صدر لصالح المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته ويبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أقامت استئنافها قبل المطعون ضده الأول عن نفسه ولم توجهه إليه بصفته التي كان قد خاصمها بها أمام محكمة أول درجة فيكون الحكم الابتدائي أصبح نهائياً في هذا الشق منه لعدم استئناف الطاعنة إياه فيه، وإذ ينصرف نعي الطاعنة إلى قضاء الحكم الابتدائي فإنه يكون غير جائز.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس للطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبب، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم دستورية نص المادة 48 من القانون 49 لسنة 1977 وطلبت وقف السير في الدعوى والتصريح لها بالالتجاء إلى المحكمة الدستورية العليا إلا أن الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه اكتفيا في الرد على هذا الدفع بالقول بعدم جديته مما يعيبه بالقصور الذي يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي أنه تناول الدفع المشار إليه بسبب النعي مبيناً أن رقابة القضاء على دستورية القوانين واللوائح قبل إنشاء المحكمة العليا ما كانت إلا بدفع من صاحب الشأن تفصل فيه محكمة الموضوع قبل الفصل في الدعوى ولم يكن للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وقد قنن المشرع هذه القواعد بالقانون رقم 81 لسنة 1969 الصادر بإنشاء المحكمة العليا والتي اختصها دون غيرها بالفصل في عدم دستورية القوانين إذ يتخذ شكل دفع من صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع، فإن هي قدرت جديته حددت لصاحبه أجلاً لرفع الأمر بشأنه للمحكمة العليا وإذا انقضى الأجل دون رفع الأمر إليها سقط الدفع، ثم خلصت المحكمة المذكورة إلى تقدير عدم جدية ذلك الدفع، ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتنق أسباب الحكم المستأنف في الرد على الدفع المذكور وزاد عليهما أن واقعة تأجير المطعون ضده الثاني لعين النزاع مفروشة للطاعنة وإن بدأت في 1/ 9/ 1977 قبل تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 إلا أنها استمرت قائمة بعد هذا التاريخ بما يوجب إخضاعها إعمالاً للأثر الفوري لها باعتبارها متعلقة بالنظام العام وذلك برغم قيام العلاقة التعاقدية قبل تاريخ نفاذ القانون وأن هذه قواعد قانونية مستقرة وينعت كل وصف يؤسس على المجادلة فيها بعدم الجدية، ولما كان ذلك وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفي لحمل قضاء الحكم برفض طلب الطاعنة وقف السير في الدعوى لعدم دستورية النص الآنف بيانه وتمكينها من رفع منازعتها فيه إلى المحكمة المختصة، فإن ما تنعاه الطاعنة عليه بسبب النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 54 لسنة 19 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 114 ص 715

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وبحضور حضرات أصحاب العزة عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

------------------

(114)
القضية رقم 54 سنة 19 القضائية

حكم. تسبيبه. 

قضاؤه بإثبات نزول المستأنف عليه عن التمسك بالحكم المستأنف استناداً إلى إقرار كتابي صدر منه بعد بلوغه سن الرشد أثناء نظر الاستئناف. تلخيص الحكم ما ورد بإقرار التنازل وبيانه ما ينعاه عليه المستأنف عليه من أنه صدر تحت تأثير الغش. إيراده حكم القانون في الغش المفسد للرضا إيراداً صحيحاً. ذكره الوقائع التي نسبها المستأنف عليه إلى المستأنفة وتحدثه عن مدى انطباق حكم القانون عليها. انتهاؤه إلى أن ما ادعاه المستأنف عليه على فرض صحته ينقصه الأركان اللازم توافرها لقيام الغش المفسد للرضا. الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور على غير أساس.
(المادة 136 من القانون المدني - القديم - و103 من قانون المرافعات - القديم - ).

--------------------
متى كان الحكم المطعون فيه قضى بإثبات نزول المستأنف عليه (الطاعن) عن التمسك بالحكم المستأنف استناداً إلى إقرار كتابي صدر منه بعد بلوغه سن الرشد أثناء نظر الاستئناف وفيه يسلم بصحة الحساب المقدم من جدته المستأنفة (المطعون عليها) وبنزوله عن هذا الحكم. متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك قد لخص ما ورد بإقرار التنازل وبين ما ينعاه عليه الطاعن من أنه صدر تحت تأثير الغش وأورد حكم القانون في الغش المفسد للرضا في قوله "أنه يجب أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التغرير بالعاقد بحيث يشوب إرادته ولا يجعله قادراً على الحكم على الأمور حكماً سليماً" ثم ذكر الوقائع التي نسبها الطاعن إلى المطعون عليها وأنزل حكم القانون عليها وانتهى إلى أن "هذا الادعاء على فرض صحته تنقصه الأركان اللازم توافرها لقيام الغش قانوناً وما صوره الطاعن لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عن الحديث الذي تم بينه وبين جدته وليس فيه من مظاهر الإغراء أو الغش ما يفسد رضاءه بتوقيع هذا التنازل الصادر منه" فإن الطعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور على غير أساس إذ هو أحاط بالوقائع التي استدل بها الطاعن على حصول الغش المدعى به والذي يزعم أنه أفسد رضاءه بالتوقيع على الإقرار المشار إليه ثم تحدث عن هذه الوقائع ومدى ما ينعكس بها من أثر على إرادة الطاعن وانتهى في أدلة سائغة سواء إلى أنه حتى مع فرض صحة هذه الوقائع فليس من شأنها التغرير بالطاعن بحيث تشوب إرادته ولا تجعله قادراً على الحكم على الأمور حكماً سليماً.


الوقائع

في يوم 23 من إبريل سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 16 من يناير سنة 1949 في الاستئناف رقم 942 سنة 62 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 24 من إبريل سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي 11 من مايو سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته ولم تقدم المطعون عليها دفاعاً. وفي 10 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 5 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن والد الطاعن كان قد أقام الدعوى بصفته ولياً عليه وعلى إخوته على المطعون عليها أمام محكمة مصر الابتدائية يطالبها بتقديم حساب للقصر المشمولين بولايته عن مدة نظارتها على وقف المرحومة السيدة نعمات صالح من سبتمبر سنة 1927 إلى سبتمبر سنة 1942 بعد أن حل محلها في النظر وفي 18 من أكتوبر سنة 1943 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لفحص حساب القصر مدة نظارة المطعون عليها وقد قام بما كلف به وانتهى إلى أن صافي ما يستحقه كل قاصر هو مبلغ 231 جنيهاً و515 مليماً وبعد ذلك قصر الولي طلباته على حق الطاعن لأن أخوته كانوا قد بلغوا سن الرشد وفي 12 من يناير سنة 1947 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع إلى والد الطاعن بصفته مبلغ 231 جنيهاً و515 مليماً.
فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم وأثناء نظر الاستئناف بلغ الطاعن سن الرشد وبعد ذلك قدمت المطعون عليها إقراراً كتابياً صادراً من الطاعن ومصدقاً على إمضائه فيه أمام مكتب الشهر العقاري في 8 من يونيه سنة 1948 وفيه يسلم بصحة الحساب المقدم من المطعون عليها وبنزوله عن التمسك بالحكم المستأنف إلا أن الطاعن دفع بحصول المطعون عليها على هذا الإقرار منه بطريق الغش فرفض الحكم هذا الدفاع وقضى بإثبات نزول الطاعن عن التمسك بالحكم الابتدائي فقرر الطاعن طعنه فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ أغفل إيراد وقائع التدليس كما صورها الطاعن في مذكرته المقدمة منه إلى محكمة الاستئناف مع وجوب ذلك لإمكان التحقق من توافر أركان التدليس فلقد صورها الطاعن بأن المطعون عليها جدته وأنها احتضنته منذ كان رضيعاً بعد وفاة أمه وأنه يكن لها ما يكن الابن لأمه من طاعة ولم يتسرب إليه الشك في كل ما تقول خصوصاً وأنها على حظ وافر من الثراء وأن هذا الإقرار أخذ بعد بلوغه سن الرشد بأقل من أربعة شهور مما ينم عن إرادة مرنة لينة سهلة الانقياد لمن لهم سلطان هذه الجدة عليه وانتهزت فرصة غياب والده مستعينة بشقيقها على إنجاح أساليبها وأن القضاء جرى على أن التأكيدات غير الصحيحة التي تصدر من أحد العاقدين ويكون لها على الطرف الآخر التأثير الذي يحمله على قبول التعاقد من شأنها أن تجعله باطلاً كما جرى على أن التأثير على إرادة الشخص واستهوائه بأساليب من شأنها تقييد حرية الفكر لديه يفسد الرضا ولو أنها لا تعتبر تدليساً على وجه عام فإذا كان ما وقع لا يرقى إلى درجة التدليس كما قال الحكم فإن له ذلك التأثير المفسد للرضا.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن لخص ما جاء بإقرار التنازل وبين ما ينعاه عليه الطاعن من أنه صدر تحت تأثير الغش أورد حكم القانون في الغش المفسد للرضا في قوله "أنه يجب أن يكون وليد إجراءات احتيالية أو وسائل من شأنها التغرير بالعاقد بحيث تشوب إرادته. ولا تجعله قادراً على الحكم على الأمور حكماً سليماً". ثم ذكر الوقائع التي نسبها الطاعن إلى جدته وتحدث عن مدى انطباق هذه القاعدة عليها وانتهى إلى أن "هذا الادعاء على فرض صحته ينقصه الأركان اللازم توافرها لقيام الغش قانوناً وما صوره المستأنف عليه (الطاعن) لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عن الحديث الذي تم بينه وبين جدته وليس فيه من مظاهر الإغراء أو الغش أو التغرير ما يفسد رضاءه بتوقيع هذا التنازل الصادر منه".
ومن حيث إنه يبين من هذا الذي جاء بأسباب الحكم أنه أحاط بالوقائع التي استدل بها الطاعن على حصول الغش المدعى به والذي يزعم أنه أفسد رضاءه بالتوقيع على الإقرار المشار إليه ثم تحدث عن هذه الوقائع ومدى ما ينعكس بها من أثر على إرادة الطاعن وانتهى في أدلة سائغة سواء إلى أنه حتى مع فرض صحة هذه الوقائع فليس من شأنها التغرير بالطاعن بحيث تشوب إرادته ولا تجعله قادراً على الحكم على الأمور حكماً سليماً وليس في ذلك ما يخالف القانون أو يعيب الحكم بالقصور. ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم إغفاله الرد على طلبه تحقيق وقائع التدليس كما صورها بمذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف وطلبه استجواب المطعون عليها عن تلك الوقائع وأنه لا يشفع للحكم في هذا القصور ما جاء بأسبابه من أنه على فرض صحة هذه الوقائع فإنه لا يتحقق معها التدليس إذ قد تقرر المطعون عليها عند استجوابها الحقيقة من أنها وعدت الطاعن بوفاء ما حكم به عليها ابتدائياً بعد توقيعه على إقرار التنازل وأنها لم تبر بوعدها.
ومن حيث إنه جاء بالحكم في هذا الخصوص "أما القول بأن الإقرار صدر مقابل قيامها بالوفاء بعد توقيعه فليس ثمة ما يدل عليه وظاهر من الاطلاع على صيغة الإقرار أنه بغير مقابل وجاء تنازلاً مطلقاً عن الحكم الصادر لصالحه" كما جاء في موضع آخر على فرض صحة الوقائع التي يدعيها الطاعن فليس يتوافر معها قيام أركان التدليس وفي هذا الذي جاء بالحكم ما يتضمن الرد على طلب الطاعن الإحالة على التحقيق واستجواب الطاعنة ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم الخطأ في فهم الواقع وإغفال واقعة جوهرية إذ جاء بأسبابه أن الطاعن لم يتخذ أي إجراء بعد توقيعه على الإقرار وبذلك لم تلق المحكمة بالاً إلى ما جاء بمذكرة الطاعن من أنه بعد أن تكشف له سوء نية المطعون عليها أبلغ الأمر إلى قسم بوليس السيدة زينب الذي حرر مذكرة عن ذلك وقد أشار وكيله بمحضر جلسة 16 من يناير سنة 1949 المقدمة صورته منه إليها كما أشار إليها بمذكرته المقدمة إلى محكمة الموضوع.
ومن حيث إن الطاعن قدم إلى هذه المحكمة تأييداً لما يدعيه بهذا السبب صورة رسمية من المذكرة رقم 67 أحوال قسم السيدة زينب وهي محررة في 9 من نوفمبر سنة 1948 إلا أنه ليس بها ما يدل على أنها قدمت إلى محكمة الاستئناف بل الثابت من هذه الصورة أنه إنما حصل عليها في 26 من إبريل سنة 1949 أي بعد صدور الحكم المطعون فيه مما يقطع في عدم سابقة تقديمها كما لم يقدم ما يثبت أنه قدم صورة أخرى منها إلى محكمة الموضوع. ومن ثم يكون هذا السبب غير مقبول لتجرده عن الدليل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 1934 لسنة 51 ق جلسة 16 / 2 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 58 ص 250

جلسة 16 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد/ المستشار الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم، ذكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق، وعبد المنعم إبراهيم.

-----------------

(58)
الطعن رقم 1934 لسنة 51 القضائية

(1) دعوى "سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته. الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم.
(2، 3) التزام "تجديد الالتزام". تقادم.
(2) كتابة سند بدين موجود من قبل أو تغيير الالتزام الذي لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفية. لا يستفاد منه تجديد الالتزام.
(3) مطالبة الشركة المطعون ضدها للطاعن بصفته أميناً للنقل بالتعويض عن العجز في البضاعة التي عهدت إليه بنقلها. سقوط هذه الدعوى بمضي المدد المنصوص عليها في المادة 104 من قانون التجارة إقرار الطاعن اللاحق على العقد بقبوله خصم قيمة العجز من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها. لا يعتبر تجديداً للالتزام المتولد عن عقد النقل بحيث يخضع للتقادم الطويل وإنما قاطعاً للتقادم الأول يبدأ به تقادم جديد بنفس المدة.

--------------------
1 - قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم.
2 - تجديد الالتزام وفقاً للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته.
3 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون ضدها قد أقامت دعواها على الطاعن بطلب إلزامه - بصفته أميناً للنقل - بالتعويض عن العجز في البضاعة التي عهدت إليه بنقلها بموجب عقد النقل المؤرخ 15/ 1/ 1973 استناداً إلى التزامه الناشئ عن هذا العقد بضمان تسليم البضاعة في جهة الوصول - كاملة وسليمة - ومن ثم فإن عقد النقل المشار إليه يكون سبب الدعوى، وإذ كانت الدعوى المستندة إلى هذا السبب تقسط - طبقاً للمادة 104 من قانون التجارة بمضي مائة وثمانين يوماً - فيما يختص بالنقل داخل البلاد من اليوم الذي كان يجب فيه نقل البضاعة - في حالة الهلاك الكلي ومن يوم تسليمها فعلاً إلى المرسل إليه - في حالة التلف - وذلك ما لم يصدر من الناقل أو تابعيه غش أو خيانة فإنها تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وكان إقرار الطاعن اللاحق على عقد النقل - بقبوله خصم قيمة العجز من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها - لا يعتبر تجديداً للالتزام المتولد من عقد النقل بتعويض الضرر الناشئ عن العجز - وإنما اعترافاً بهذا الالتزام - بهدف اعتبار هذا التعويض ثابتاً في ذمته وليس بهدف تغيير مصدره من عقد النقل إلى الإدارة المنفردة، ومن ثم فلا يترتب عليه أن يصبح التعويض في هذه الحالة ديناً عادياً يخضع للتقادم الطويل وإنما يبقى خاضعاً للتقادم الوارد بنص المادة 104 من قانون التجارة، ويعتبر الإقرار المشار إليه في ذات الوقت إجراءً قاطعاً لدعوى مسئولية الطاعن - كتأمين للنقل - يبدأ به تقادم جديد مدته هي التقادم الأول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت ابتداء الدعوى رقم 1601 لسنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية - على الطاعن يطلب إلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 6412.054 جنيه - وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد مؤرخ 15/ 1/ 1973 عهدت إليه بنقل كمية من الصفيح من الإسكندرية إلى الشركة.... بالقاهرة إلا أنه تبين عند تسليم الرسالة بتاريخ 29/ 5/ 1973 وجود عجز بها قدره 21.779 طن - يقدر التعويض عنه بالمبلغ المطالب به - دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى طبقاً للمادة 99 من قانون التجارة. وبتاريخ 30/ 4/ 1974 قضت محكمة برفض الدفع وبندب خبير في الدعوى الذي انتهى في تقريره إلى أن قيمة العجز 4046.381 جنيه وأن الطاعن قبل خصم مبلغ 3684.781 جنيه من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها. وبتاريخ 1/ 2/ 1978 قررت المحكمة شطب الدعوى. فأقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى الحالية رقم 1011 لسنة 1979 تجاري كلي الإسكندرية على الطاعن بطلب إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 361.600 جنيه - وهو الفرق بين التعويض المستحق لها عن العجز في رسالة الصفيح وبين رصيد الطاعن لديها والذي قبل خصمه دفع الطاعن بسقوط الدعوى عملاً بالمادة 104 من قانون التجارة. وبتاريخ 26/ 2/ 1980 قبلت محكمة أول درجة هذا الدفع. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 420 لسنة 36 ق. وبتاريخ 18/ 5/ 1981 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للشركة المطعون ضدها مبلغ 361.600 جنيه طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره - وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه - القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر التزامه بتعويض الضرر عن العجز في البضاعة التي قام بنقلها قد تغير مصدره من عقد النقل المؤرخ 15/ 1/ 1973 - إلى إقراره اللاحق عليه بقبوله خصم قيمة هذا العجز من قيمة مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها - واعتبر هذا الإقرار سبب الدعوى ورتب على ذلك عدم خضوعها للتقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة وخضوعها لتقادم آخر طويل المدة طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني - في حين أن سبب الدعوى هو عقد النقل المشار إليه وما إقراره اللاحق عليه بالعجز إلا إجراء قاطع لتقادم دعوى مسئوليته - كتأمين للنقل - يبدأ به تقادم جديد مدته هي مدة التقادم الأول وهي مائه وثمانين يوماً من تاريخ تسليم البضاعة - لأن التقادم في هذه الحالة لا يستند إلى قرينة الوفاء وإنما إلى الرغبة في تصفية المنازعات التي تنشأ عن عمليات النقل العديدة التي يقوم بها الناقل.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى - على أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم في دفاعهم - وأن تجديد الالتزام وفقاً للمادة 354 من القانون المدني - لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته - وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون ضدها قد أقامت دعواها على الطاعن بطلب إلزامه - بصفته أميناً للنقل - بالتعويض عن العجز في البضاعة التي عهدت إليه بنقلها بموجب عقد النقل المؤرخ 15/ 1/ 1973 استناداً إلى التزامه الناشئ عن هذا العقد بضمان تسليم البضاعة في جهة الوصول - كاملة وسليمة. ومن ثم فإن عقد النقل المشار إليه يكون سبب الدعوى.
وإذ كانت الدعوى - المستندة إلى هذا السبب تسقط - طبقاً للمادة 104 من قانون التجارة - بمضي مائة وثمانين يوماً - فيما يختص بالنقل داخل البلاد - من اليوم الذي كان يجب فيه نقل البضاعة - في حالة الهلاك الكلي - ومن يوم تسليمها فعلاً إلى المرسل إليه - في حالة التلف - وذلك ما لم يصدر من الناقل أو تابعيه غش أو خيانة فإنها تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه - وكان إقرار الطاعن اللاحق على عقد النقل - بقبوله خصم قيمة العجز من مستحقاته لدى الشركة المطعون ضدها لا يعتبر تجديداً للالتزام المتولد من عقد النقل بتعويض الضرر الناشئ عن العجز - وإنما اعترافاً منه بهذا الالتزام - بهدف اعتبار هذا التعويض ثابتاً في ذمته وليس بهدف تغيير مصدره من عقد النقل إلى الإدارة المنفردة. ومن ثم فلا يترتب عليه أن يصبح التعويض في هذه الحالة - ديناً عادياً يخضع للتقادم الطويل وإنما يبقى خاضعاً للتقادم الوارد بنص المادة 104 من قانون التجارة ويعتبر الإقرار المشار إليه في ذات الوقت - إجراءاً قاطعاً لدعوى مسئولية الطاعن - كتأمين للنقل - يبدأ به تقادم جديد مدته هي مدة التقادم الأول - لما كان ذلك وكانت الشركة المطعون ضدها لم تدع بوقوع غش أو خيانة من الطاعن أو تابعيه وكانت قد أقامت دعواها الراهنة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1/ 3/ 1979 بعد شطب دعواها السابقة رقم 1601 لسنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية بتاريخ 1/ 2/ 1978 - أي بعد مضي مائة وثمانين يوماً من قرار الشطب - باعتباره آخر إجراء صحيح تم في الدعوى ومن ثم فإن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تكون قد سقطت بالتقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة - ولما كان الطاعن قد تمسك - أمام محكمة الموضوع بهذا التقادم - وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دفاعه في هذا الصدد استناداً إلى أن التزامه بالتعويض عن العجز في البضاعة قد تغير مصدره من عقد النقل إلى الإقرار اللاحق عليه بالعجز واعتبر هذا الإقرار سبباً للدعوى ورتب على ذلك عدم خضوعها للتقادم المنصوص عليه في المادة 104 من قانون التجارة وخضوعها للتقادم الطويل طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني وقضاءه في موضوع الدعوى بالتعويض - فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد بما يوجب نقضه - دون حاجة لبحث السبب الأول من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.

الدعوى رقم 216 لسنة 28 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر  رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 216 لسنة 28 قضائية "دستورية"

المقامة من

.......

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير الداخلية

3- وزير العدل

4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

------------------

الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر سنة 2006، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية اللائحة المتضمنة نص الفقرة الأولى من المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها، أعقبته بتقرير تكميلي، بعد أن أعادت المحكمة الدعوى إليها لاستكمال التحضير.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 25813 لسنة 57 قضائية، ضد المدعى عليه الثاني؛ ابتغاء الحكم -حسب طلباته الختامية-: (1) باسترداد المبلغ الذي دفعه لوزارة الداخلية دون وجه حق فيما زاد على قيمة النفقات الدراسية الفعلية بعد خصم ما قام بسداده من مصروفات دراسية خلال سنوات الدراسة. (2) بأحقيته في استرداد المبلغ الذي دفعه للوزارة فيما زاد على ضعف النفقات الدراسية الفعلية بعد خصم ما قام بسداده من مصروفات دراسية خلال سنوات الدراسة ومقابل سنوات الخدمة التي قضاها في الوزارة قبل الاستقالة؛ وذلك على سند من أن المدعي تخرج في كلية الشرطة عام 2000، وعُين ضابطًا بالشرطة، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 126 لسنة 2003 بتعيينه معاونًا للنيابة العامة، ونفاذًا لهذا القرار تقدم باستقالته من الشرطة قبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ تعيينه، وإذ اشترطت وزارة الداخلية لقبول استقالته سداد المبلغ المطالب به، الذي يعادل ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها أكاديمية الشرطة، فقام بسداده حتى يتمكن من الالتحاق بعمله بالنيابة العامة، وأقام الدعوى الموضوعية للحكم له بطلباته. وفي أثناء تداول تلك الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها القانون رقم 129 لسنة 1981، فصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية طعنًا على اللائحة الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/10/1998، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من ذلك القانون؛ فأقام الدعوى الدستورية المعروضة، ناعيًا على النص المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة، بتخويله وزير الداخلية سلطة إعفاء آخرين من سداد تلك النفقات، وإهداره الحق في التعليم، وانطواءه على عقوبة جنائية توقع دون حكم قضائي.

وحيث إن المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها المادة الثالثة من القانون رقم 129 لسنة 1981، تنص على أن "يلتزم خريج أي من كليتي الشرطة والضباط المتخصصين بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج، وإلا التزم برد ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها الأكاديمية، ومع ذلك يجوز لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إعفاء الضابط من هذا المبلغ أو جزء منه إذا كان تركه خدمة هيئة الشرطة للالتحاق بعمل من أعمال الدولة المختلفة.

....................

ويجوز أداء المبالغ المستحقة على أقساط".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط ولايتها بالرقابة على الشرعية الدستورية هو اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها، وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع إذا ما ارتأت شبهة عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أو من خلال دفع بعدم الدستورية يبديه أحد الخصوم وتقدر تلك المحكمة جديته وتأذن لمبديه – خلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر – برفع دعواه الدستورية في الحدود التي قدرت فيها جدية دفعه، وهذه الأوضاع الإجرائية تُعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها. كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية ينحصر في الحدود التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وفي نطاق التصريح الصادر عنها بإقامة الدعوى الدستورية.

متى كان ذلك، وكان المدعي قد حدد دفعه أمام محكمة الموضوع بنص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها القانون رقم 129 لسنة 1981، إلا أن محكمة الموضوع لم تصرح بالطعن على هذا النص، وحددت تصريحها بإقامة الدعوى الدستورية على اللائحة الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/10/1998، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من القانون المار ذكره. وكانت طلبات المدعي الختامية في هذه الدعوى قد اقتصرت على الطعن على دستورية اللائحة المتضمنة نص الفقرة الأولى وحدها من المادة المشار إليها؛ الأمر الذي تكون معه الدعوى المعروضة قد أقيمت بالطريق المباشر دون تصريح من محكمة الموضوع، وتقضي المحكمة تبعًا لذلك بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الدعوى رقم 127 لسنة 34 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وخالد أحمد رأفت دسوقي ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 127 لسنة 34 قضائية "دستورية"

المقامة من

1- ياسر سمير عبد اللطيف الرزاز صاحب شركة رزاز تورز للسياحة

2- إيهاب ألبرت سليمان صاحب شركة نوجا للسياحة

3- يحيى محمد السيد الدقن صاحب شركة هوليداي للسياحة

4- فاروق السيد المرسي الشحات صاحب شركة جرين واي للسياحة

5- عصام عوض القطب صاحب شركة جولدن فيرو للسياحة

6- محمود عبد اللطيف محمد الرزاز، بصفته وكيلًا عن/ منير محمود

عبد اللطيف - صاحب شركة جولدن إيجل تورز للسياحة

7- أحمد محمود علي الخليلي صاحب شركة مون لايت للسياحة

8- كامل جورجي شنوده صاحب ومدير شركة هارموني للسياحة

9- أيمن حسن كامل حسن صاحب ومدير شركة رباح للسياحة

10- شيرين فؤاد أمين جيد صاحب ومدير شركة روبي للسياحة

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير السياحة

--------------

الإجراءات

  بتاريخ السابع من أغسطس سنة 2012، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، والمادة الحادية والعشرين من قرار وزير السياحة رقم 209 لسنة 2009 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة 1977 المشار إليه وتعديلاته.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

   بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المُدعين السبعة الأولين، وآخر، أقاموا أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار" الدعوى رقم 30297 لسنة 64 قضائية، ضد المدعى عليهما، طالبين الحكم -وفقًا لطلباتهم الختامية حسبما كيَّفتها محكمة الموضوع- بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزارة السياحة المتضمن إلزام الشركات السياحية القائمة بتوفيق أوضاعها طبقًا لحكم الفقرة الثالثة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، بعد تعديلها بالمادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة منه، وضمَّنوا صحيفة الدعوى دفعًا بعدم دستورية هاتين المادتين، وذلك على سند من أن ما تضمنه التعديل مار الذكر، من ألَّا يقل رأس مال الشركة عن مليوني جنيه، وأن تؤدي إلى وزارة السياحة تأمينًا لا يجاوز مائتي ألف جنيه، وسريان أحكامه على جميع الشركات السياحية القائمة وقت نفاذه، على أن توفق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه، خلال ثلاث سنوات بالنسبة لرأس المال، وسنتين بالنسبة لمبلغ التأمين، من تاريخ العمل به - يكون قد تناول مراكز قانونية مستقرة قبل صدوره، من خلال سريان الزيادة في رأس المال ومبلغ التأمين بأثر رجعي، مما يهدد بقاء تلك الشركات بفوات المهلة التي حددها القانون لتوفيق أوضاعها؛ من ثم فقد أقاموا الدعوى. تدخل المدعون الثامن والتاسع والعاشرة انضماميًّا إلى المدعين السبعة الأولين في طلباتهم، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم الدستورية، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية عن نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، فأقاموا الدعوى المعروضة، ناعين على هذين النصين مخالفتهما المواد (32 و34 و64 و187) من دستور 1971.  

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعين قد انصب -وفقًا لطلباتهم الختامية- على نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، والمادة الحادية والعشرين من قرار وزير السياحة رقم 209 لسنة 2009 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة 1977 المشار إليه وتعديلاته. وإذ خلا الدفع المبدى من المدعين من نص الفقرة الأولى من المادة (1) من القانون المار ذكره، كما خلا تصريح محكمة الموضوع من نص المادة الحادية والعشرين من قرار وزير السياحة سالف الإشارة إليه؛ ومن ثم يغدو اختصام المدعين لهذين النصين بمثابة دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.  

وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008 تنص على أنه "وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون إجراءات منح الترخيص بالمجالات المشار إليها، بشرط ألا يقل رأس مال الشركة عن مليوني جنيه وأن تؤدي تأمينًا ماليًّا لوزارة السياحة وفقًا لما تحدده اللائحة بما لا يجاوز مائتي ألف جنيه".

وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 125 لسنة 2008 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية على أنه "على الشركات السياحية القائمة وقت العمل بهذا القانون توفيق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه وذلك خلال ثلاث سنوات بالنسبة لرأس المال وسنتين بالنسبة لمبلغ التأمين من تاريخ العمل به".

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها -على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع.

متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يتحدد فى طلبات المدعين بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزارة السياحة المتضمن إلزام شركات السياحة القائمة بتوفيق أوضاعها طبقًا لأحكام نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، ولما كان النصان المطعون فيهما قد قضى أولهما بألا يقل رأس مال الشركات السياحية عن مليوني جنيه، وبأن تؤدي تأمينًا ماليًّا إلى وزارة السياحة لا يجاوز مائتي ألف جنيه، وقضى الآخر بإلزام الشركات القائمة في وقت العمل بهذا القانون بتوفيق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه خلال ثلاث سنوات بالنسبة لرأس المال، وسنتين بالنسبة لمبلغ التأمين من تاريخ العمل به؛ ومن ثم يكون هذان النصان هما السند التشريعي لإلزام تلك الشركات بتوفيق أوضاعها على النحو المتقدم، ويغدو الفصل في دستوريتهما لازمًا للقضاء في الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، بما يوفر شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنته المادة الرابعة من القانون رقم 125 لسنة 2008 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، في مجال سريانها على مقدار رأس مال هذه الشركات، وما تؤديه من تأمين مالي إلى وزارة السياحة، المنصوص عليهما في الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008.

وحيث إن المدعين ينعون على النصين المطعون فيهما تضمنهما أثرًا رجعيًّا ينال من الحقوق المكتسبة لشركات السياحة القائمة في ظل القانون القديم، دون أن تتحقق الضمانات الواردة بنص المادة (187) من دستور سنة1971، لإنفاذ القوانين بأثرٍ رجعي.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية المتصلة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به في حينها.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين القانونيتين؛ ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين القديم والجديد تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده.  

وحيث إنه باستقراء نصوص المواد (1 و2 و3 و4) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية بتعديلاتها، يتبين أن المشرع حدَّد الشركات التي تُطبق عليها أحكامه، بأنها تلك التي تقوم بكل أو بعض الأعمال المنصوص عليها فيه، وقَسَّمَ هذه الشركات بحسب طبيعة النشاط الذي تمارسه، وحظر على أية شركة سياحية مزاولة أي من الأعمال المنصوص عليها فيه إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من وزارة السياحة، وخوَّل المشرع وزير السياحة سلطة تقديرية في إصدار قرار بوقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة إذا رأت الوزارة في فترة من الفترات عدم حاجة البلاد لها، سواءً بسبب تزايد أعداد هذه الشركات بما يؤثر بالسلب على الخدمات المعروضة في السوق السياحي، ومن ثمَّ يكون له تأثير ضار على الاقتصاد الوطني، أو تغير اتجاهات الحركة السياحية الوافدة إلى البلاد، أو عدم كفاية المنشآت السياحية المؤهلة لاستيعاب مزيد من السياحة الوافدة، أو بسبب ظروف البلاد الأمنية غير القادرة على توفير المناخ الملائم للحركة السياحية، أو لغير ذلك من الأسباب الموضوعية التي تقدرها الوزارة مبتغية فيه وجه المصلحة العامة للدولة، ولا يحد من سلطتها التقديرية في ذلك إلا قيد عدم إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، كما أعطت المادتان (23 و25) من هذا القانون لوزير السياحة سلطة وقف نشاط الشركة، أو إلغاء الترخيص الخاص بها في أحوال معينة نصتا عليها حصرًا، باعتباره المخول تشريعيًّا بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، وبما مفاده أن المشرع أخضع تلك الشركات لنظام الترخيص الإداري المُسبق، الأمر الذي يجد مبرره في الصلة بين النشاط الذي تمارسه تلك الشركات وبين إظهار الواجهة الحضارية للبلاد، فضلًا عن أهميتها الاقتصادية البالغة، بما يستدعي من المشرع أن يتدخل دومًا -على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 125 لسنة 2008 المُعدل للقانون المشار إليه- لإعادة النظر في هذه التشريعات، وذلك في ضوء المتغيرات الدولية في تطوير السياحة الدولية، في ظل ظاهرة العولمة والمنافسة طبقًا للاتفاقية العامة لتجارة الخدمات ((GATS، وذلك بمعالجة تشريعية ناضجة للنشاط السياحي، وبنصوص واضحة وحازمة تضمن حمايته سواء من خطر تغوله على نفسه أو من خطر الآخرين، خاصة أن التشريعات السياحية لم يلحقها التطوير اللازم على الرغم من مرور فترات طويلة على صدورها.

وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة بمزاولة نشاط تجاري هو تصرف إداري مؤقت بطبيعته، لا يرتب حقًّا ثابتًا ونهائيًّا كحق الملكية، بل يخول المرخص له مركزًا قانونيًّا مؤقتًا، يرتبط حقه في التمتع به -وجودًا وعدمًا- بأوضاع وظروف وشروط وقيود يترتب على تغييرها أو انقضائها أو الإخلال بها أو مخالفتها، جواز تعديل أوصاف هذا الترخيص، أو سقوط الحق فيه بتخلف شرط الصلاحية للاستمرار في الانتفاع به، أو زوال سبب منحه، أو انقضاء الأجل المحدد له، أو أن تتطلب المصلحة العامة إنهاءه.

لما كان ما تقدم، وإذ كانت الشركات السياحية تخضع لنظام الترخيص، الذي لا يُنشئ لها مركزًا قانونيًّا مستقرًّا مكتمل البنيان وجودًا وأثرًا بشكل نهائي، محصنًا في مواجهة أي تعديل تشريعي تقتضيه المصلحة العامة، إذ ينشأ هذا المركز ويظل قابلًا للمراجعة والتعديل، بما في ذلك إلغاء الترخيص، في حدود القانون، وهو ما يتماهى مع طبيعة النشاط السياحي، وإحاطة هذا النشاط بما يحقق المصلحة العامة، وإذ تستمد الشركات السياحية حقوقها من نظام الترخيص على النحو سالف البيان، وتلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله فى كل وقت، وتخضع لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليها بأثر مباشر، فإنه لا يجوز لها أن تحتج بأن لها حقًّا مكتسبًا أو مركزًا قانونيًّا مستقرًّا يوجب أن تعامل بمقتضاه بالنظام الذى صدر الترخيص لها فى ظل أحكامه، أو الذى طُبق عليها لفترة طالت أو قصُرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى في ذاته على مخالفة نص دستوري، فلا تتفرق هذه الشركات بين نظم قانونية متباينة، قد يناقض بعضها بعضًا، أو تفضي إلى الإخلال بالمساواة وتكافؤ الفرص فيما بينها، مما يُلحق بصناعة السياحة تشوهات تُخل بدورها المتنامي في دفع عجلة الاقتصاد القومي، وتأثيرها المباشر على دخول المواطنين، باعتبارها صناعة كثيفة العمالة، واتصالها المباشر بعدد من الصناعات والخدمات الحيوية الأخرى، مما جعلها

-بحق- قاطرة للتنمية الاقتصادية؛ ومن ثم فإن نص المادة الرابعة من القانون رقم 125 لسنة 2008 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية -وقد أوجب على تلك الشركات توفيق أوضاعها، ودون أن يباغتها بذلك، بل أمهلها المدة المناسبة المبينة بالنص، وذلك من تاريخ العمل بهذا القانون- لا يكون منطويًا على أي أثر رجعي، ومن ثم فإن استيفاء الأغلبية المنصوص عليها في المادة (187) من دستور سنة 1971، لإقرار القوانين رجعية الأثر، لا يكون له محل، ويكون النعي في هذا الخصوص مفتقدًا سنده.

وحيث إن المدعين ينعون على النصين المطعون فيهما مخالفتهما نصوص المواد (32 و34 و64) من دستور 1971، وتقابلها المواد (35 و53 و94) من دستور 2014، التي تحمي الملكية الخاصة، وتنزه تنظيمها عن أي استغلال أو انحراف يعوق دورها في بناء الاقتصاد القومي في إطار الدور الاجتماعي لهذا الحق، فضلًا عن نيلهما من الحقوق التي اكتسبتها شركات السياحة في ظل القانون القديم.

وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي يجب أن تقوم عليها الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات -أيًّا كان تاريخ العمل بها- لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم شرطًا لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المطاعن التي وجهها المدعون إلى النصين المطعون فيهما تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، وكان النصان المطعون فيهما ما زالا ساريين ومعمولًا بأحكامهما حتى أدركهما العمل بالدستور القائم؛ ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها على دستورية هذين النصين، على ضوء أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014.

وحيث إن الدستور قد حدد بالمادة (27) منه الأغراض التي يتوخاها النظام الاقتصادي، وهي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء على الفقر، ويلتزم -في هذا الإطار- بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور قد حرص على صون الملكية الخاصة، وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود وبالقيود التي أوردها باعتبارها مترتبة -في الأصل- على الجهد الخاص الذى بذله الفرد بكده وعرقه، وبوصفها حافزًا إلى الانطلاق والتقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال التي يرد عليها حق الملكية، والتي تُعد -كذلك- من مصادر الثروة التي لا يجوز التفريط فيها، أو استخدامها على وجه يعوق التنمية، أو يعطل مصالح الجماعة، وكانت الملكية في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تَعد حقًّا مطلقًا، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية أو الأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التي يجريها المشرع من خلال ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية على ضوء أحكام الدستور. وفى ضوء ما تقدم، يتعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مهتديًا -بوجه خاص- بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة معينة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والمجتمع.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلًا بأهدافها، باعتبار أن كل تنظيم تشريعي ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف؛ ومن ثم يتعين دومًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي المطعون فيه يلتزم إطارًا منطقيًّا للدائرة التي يعمل فيها، كافلًا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أو متهادمًا مع مقاصده، أو مجاوزًا لها، ومناهضًا –من ثمَّ- لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة (94) من الدستور.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواءً بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها يُعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية -وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها- بعيدًا عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملًا، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام، في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التي حددتها مرتبطة عقلًا بها.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في الدائرة التي يُجيز فيها الدستور للمشرع أن يُباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع، وهى الدائرة التي تقع بين حَدَّي الوجوب والنهي الدستوريين، فإن الاختلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضوعًا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، لا يُعد إخلالًا بمبدأ المساواة، الذى يستقى أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يُطبق خلالها النص القانوني الخاضع لضوابط هذا المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية فى معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طبق فى مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُعد بذاته إخلالًا بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة إلى سد حائل دون التطور التشريعي.



متى كان ما تقدم، وكان نصُّ الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، ونص المادة الرابعة من القانون الأخير، سالفا البيان، قد صدرا في إطار السلطة التقديرية الممنوحة للمشرع في مجال تنظيم الحقوق، متخيرًا من البدائل ما ارتآه محققًا للأغراض التي توخاها، وذلك بأن وضع حدًّا أدنى لرأس مال الشركات السياحية، ورفع سقف مبلغ التأمين الواجب عليها أداؤه، حرصًا على ملاءتها وقدرتها على الوفاء بالأغراض الدستورية التي يهدف إليها النشاط الاقتصادي الذي تباشره، وأهميته الإستراتيجية، مانحًا إياها المهلة المناسبة لتوفيق أوضاعها، دون أن يتضمن هذا التنظيم التشريعي مساسًا بالملكية الخاصة لتك الشركات، بل تنظيمًا يكفل ما تقدم من أغراض، ولا ينال من تملكها وحدها رأس مالها، وإن أرهقها زيادته، فإن ذلك مما يقع في إطار تحميل حق الملكية بقيود تقتضيها الموازنة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة، ويرجح من خلالها المصلحة الأولى بالرعاية، ومحققًا بها تناغم الأغراض التي يستهدفها. وإذ كان النصان قد أوجبا زيادة الحد الأدنى لرأس المال، ورفع الحد الأقصى لمبلغ التأمين، وذلك للشركات السياحية القائمة وقت العمل بأحكام هذا القانون عما كان عليه الحال في مرحلة زمنية سابقة، -قبل تعديلهما- فإن هذين النصين يكونان قد عبرا عن مرحلة زمنية مختلفة، تتأبى معها المقارنة اللازمة لإعمال مبدأ المساواة؛ بما يضحى معه نعي المدعين على النصين المطعون فيهما إخلالهما بالحق في الملكية، وبمبدأي المساواة وخضوع الدولة للقانون، غير سديد، خليقًا بالرفض.

وحيث إن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أي حكم آخر في الدستور؛ فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات.

OSZAR »