الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 8 يونيو 2025

الدعوى رقم 4 لسنة 24 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 24 قضائية "منازعة تنفيذ"

المقامة من

..........

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

3- رئيس مجلس الوزراء

4- وزير العدل

5- رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس مجلس التأديب والصلاحية

-----------------

الإجراءات

بتاريخ الثاني والعشرين من مايو سنة 2002، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 9/9/2000، في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من مجلس الصلاحية بجلسة 30/4/2002، في طلب الصلاحية رقم 10 لسنة 2001.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن السيد المستشار وزير العدل أحال المدعي، الذي كان يشغل وظيفة وكيل نيابة عامة، إلى مجلس تأديب القضاة –بهيئة عدم الصلاحية- بالطلب رقم 10 لسنة 2001؛ لمساءلته تأديبيًّا عما نسب إليه. وبتاريخ 31/10/2001، قرر مجلس التأديب استمرار السير في الإجراءات. وبجلسته المنعقدة في 30/4/2002، أصدر حكمًا بنقل المدعي إلى وظيفة غير قضائية. وإذ ارتأى المدعي أن حكم مجلس الصلاحية آنف البيان يُشكل عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 9/9/2000، في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، القاضي بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972. وقال شرحًا لدعواه إن النص المقضي بعدم دستوريته كان يجري على أنه "ولا يمنع من الجلوس في هيئة مجلس التأديب سبق الاشتراك في طلب الإحالة إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية"، ولما كان تشكيل هيئة مجلس التأديب التي أصدرت ذلك الحكم جاء مخالفًا للدستور والقانون وحكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه؛ إذ كان من بين أعضائها من سبق أن أبدى رأيًا في قرار المجلس بالسير في إجراءات دعوى الصلاحية ضد المدعي؛ فقد أقام الدعوى المعروضة بطلباته سالفة البيان.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق -سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 9/9/2000، في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، التي كانت تنص على أنه: "ولا يمنع من الجلوس في هيئة مجلس التأديب سبق الاشتراك في طلب الإحالة إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية".

وحيث إن المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 -قبل تعديلها بالقانون رقم 142 لسنة 2006- كانت تنص على أن:

"تأديب القضاة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص مجلس تأديب يشكل على النحو الآتي:

- رئيس محكمة النقض.       رئيسًا

- أقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف

- أقدم ثلاثة من مستشاري محكمة النقض    أعضاء

..........................".

وتنص المادة (111) من القانون ذاته على أنه "إذا ظهر في أي وقت أن القاضي فقد أسباب الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية يُرفع طلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب رئيس المحكمة إلى المجلس المشار إليه في المادة (98) ولهذا المجلس –إذا رأى محلًّا للسير في الإجراءات– أن يندب عند الاقتضاء أحد أعضائه لإجراء ما يلزم من التحقيقات، ويدعو المجلس القاضي للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام وبعد سماع ملاحظات ممثل النيابة العامة وأقوال القاضي أو من ينوب عنه يصدر قراره بقبول الطلب وبإحالة القاضي إلى المعاش أو بنقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية أو برفض الطلب، وللمجلس أن يقرر أن القاضي في إجازة حتمية بمرتب كامل إلى أن يصدر قراره في الموضوع".

ومفاد ما تقدم أن قانون السلطة القضائية المشار إليه -قبل تعديله بالقانون رقم 142 لسنة 2006- قد أفرد الفصل التاسع من بابه الثاني للأحكام الخاصة بمساءلة القضاة تأديبيًّا، وعهد بذلك في المادة (98) منه إلى مجلس تأديب يُشكل برئاسة رئيس محكمة النقض وعضوية أقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف وأقدم ثلاثة من مستشاري محكمة النقض، وعهد إليهم الاختصاص بالفصل في دعوى التأديب والصلاحية، آخذًا في الاعتبار طبيعة وظائفهم وأقدميتهم على القمة من مدارج التنظيم القضائي، وما يتمتعون به من خبرة ودراية بأوضاع السلطة القضائية، وعمق فهمهم للمقاييس الصارمة التي يتعين أن يؤدى العمل القضائي في إطارها، وقدراتهم على النفاذ إلى الضوابط الكامنة في طبيعة الوظيفة القضائية وما يرتبط بها من القيم الرفيعة التي تَردُّ عنها كل تخرص أو شبهة تنال منها. كما أكد المشرع على المغايرة وعدم الخلط بين نظامي الدعوى التأديبية ودعوى الصلاحية، والتأكيد على أن الأخيرة لا تُعد فرعًا من الأولى، وأن لكل منهما أحكامها ومجالها الذي تعمل فيه. وبحسبان دعوى الصلاحية لا تقوم في الأصل على تهمة محددة جرى إسنادها إلى القاضي، وإن صح الارتكان إلى الحكم الصادر في شأنها لتقييم حالته على ضوء الشروط التي يتطلبها المشرع فيمن يولى القضاء، ومن بينها أن يكون شاغل الوظيفة القضائية محمود السيرة حسن السمعة، وهو شرط لا ينفك عنه بل يلازمه دومًا ما بقي قائمًا بأعبائها، بحيث إذا انتفت صلاحيته للاستمرار فيها؛ تعين بقرار من مجلس الصلاحية إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى بعيدًا عن العمل القضائي، ويرفع طلب إحالته إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب رئيس المحكمة التي يتبعها القاضي إلى المجلس المشار إليه في المادة (98) من القانون سالف الذكر. ولهذا المجلس إذا رأى محلًّا للسير في الإجراءات أن يدعو القاضي للحضور أمامه خلال ميعاد ثلاثة أيام، وبعد سماع طلبات ممثل النيابة العامة ودفاع القاضي المُحال للصلاحية أو من ينوب عنه، يصدر المجلس حكمه مشتملًا على الأسباب التي بني عليها، إما بقبول الطلب وإحالة القاضي إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، وإما برفضه الطلب.

متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن حكم مجلس تأديب القضاة -بهيئة عدم صلاحية– الصادر في الطلب رقم 10 لسنة 2001 بإحالة المدعي إلى وظيفة غير قضائية، قد صدر عن مجلس تأديب تم تشكيله استنادًا إلى نص المادة (98) من قانون السلطة القضائية المشار إليه، بعد القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة منه؛ ومن ثم يكون هذا التشكيل قد التزم قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، بحسبان وزير العدل هو من أحال المدعي إلى مجلس الصلاحية، وإذ خلا تشكيل المجلس المذكور من وزير العدل، كما لم يثبت أنه شارك في هذا المجلس أي ممن اشترك في أي من إجراءات التحقيق التي باشرتها إدارة التفتيش القضائي، وبما مفاده: أنه لم يشارك في مجلس الصلاحية أي ممن سبق أن شارك في إحالة المدعي إلى ذلك المجلس لمحاكمته وتقرير صلاحيته؛ ومن ثم فلا يُعد هذا الحكم عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه.

ولا ينال مما تقدم ما أثاره المدعي بشأن مشاركة بعض أعضاء هيئة الحكم آنف البيان في تشكيل المجلس الذي قرر بجلسته المنعقدة في 31/10/2001 "استمرار السير في إجراءات دعوى الصلاحية"؛ فذلك مردود: بأن المشرع ناط بمجلس التأديب، وباعتباره جهة قضاء، الاختصاص الحصري بالفصل في دعوى الصلاحية، بما في ذلك النظر في الاستمرار في السير في إجراءاتها من عدمه، وذلك بمراعاة الأحكام التي خصه بها بمقتضى المادة (111) المشار إليها، وفى إطار الضمانات الجوهرية المنصوص عليها في المواد (104 و105 و106 و107) من قانون السلطة القضائية المشار إليه -ومنها أن تشكيل مجلس الصلاحية بأكمله من عناصر قضائية محددة عددًا وصفة - وقيامه دون غيره على شئون دعوى الصلاحية، وهيمنته على جميع إجراءاتها، بدءًا من قرار السير في إجراءاتها، إذا رأى محلًّا لذلك، وباعتباره افتتاحًا للخصومة، ويكون البدء في نظر موضوعها رهنًا بصدور ذلك القرار، وبما مفاده أن القرار الصادر من مجلس التأديب بشأن السير في الإجراءات، لا يُعد من قبيل قرارات الاتهام أو الإحالة، وإنما هو من إجراءات المحاكمة، ولا يفيد سبق إبداء الرأي في موضوع الدعوى، والقول بغير ذلك مؤداه الخلط بين إجراءات التحقيق التي باشرتها إدارة التفتيش القضائي، وما يليها من صدور قرار الإحالة من قبل وزير العدل، وبين القرار الصادر عن مجلس التأديب – بهيئة عدم الصلاحية - بالسير في الإجراءات التي يباشرها بحسبانه جهة قضاء وصاحب الولاية بنظر دعوى الصلاحية بعد إحالتها إليه؛ الأمر الذي لا يُعَدّ معه حكم مجلس الصلاحية المار ذكره، الصادر بنقل المدعي إلى وظيفة غير قضائية، مناقضًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"؛ مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه عما أثاره المدعي بمذكرته المقدمة بجلسات التحضير أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 2002 وقرار وزير العدل رقم 3085 لسنة 2002 الصادرين بتنفيذ حكم مجلس الصلاحية المار ذكره، بادعاء مخالفتهما حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، فلما كان هذان القراران قد صدرا تنفيذًا لذلك الحكم، فإنهما يدوران معه وجودًا وعدمًا، وإذ انتهت هذه المحكمة في قضائها المتقدم إلى عدم قبول الدعوى المقامة من المدعي بعدم الاعتداد بحكم مجلس الصلاحية سالف البيان، فإن اختصام هذين القرارين باعتبارهما عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لا يكون له محل؛ ويغدو -من ثم- الالتفات عن هذا الطلب متعينًا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

الخميس، 5 يونيو 2025

الدعوى رقم 216 لسنة 28 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ"

المقامة من

ممدوح فؤاد جرجس- رئيس مجلس إدارة شركة سوهاج الوطنية للصناعات الغذائية

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية

3- رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية

--------------

الإجراءات

  بتاريخ الثاني والعشرين من أبريل سنة 2017، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار الهيئة العامة للرقابة المالية السلبي بالامتناع عن تنفيذ الأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها: عدم سريان ونفاذ قرار مجلس إدارتها رقم 17 لسنة 2017 في مواجهة الشركة، وانعدام قرار رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية الصادر بتاريخ 13/2/2017، في صورة بيان على شاشاتها بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة". وفي الموضوع: بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وعدم الاعتداد بقراري المدعى عليهما الثانية والثالثة السلبي والإيجابي سالفي الذكر.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وقدمت المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وقدمت المدعى عليها الثالثة مذكرة، طلبت فيها إخراجها من الدعوى بلا مصروفات.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/5/2018، وفيها قدمت الشركة المدعية طلبًا عارضًا بتعديل طلبها الأصلي، إلى الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– الصادر بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها حق الشركة في دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في تجزئة القيمة الاسمية للسهم وزيادة رأس مالها، وعدم نفاذ القرار رقم 17 لسنة 2017 في مواجهتها. وبجلسة 2/6/2018، قدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها المعدلة. وقدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. كما قدمت المدعى عليها الثالثة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفض الطلب العارض. وبجلسة 22/9/2018، قررت المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير، فأودعت تقريرًا تكميليًّا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة بطلب الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة نوعيًّا بنظر إعمال الأثر الرجعي، وولائيًّا بنظر وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 17 لسنة 2017، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لإقامتها قبل الأوان، وبرفضها موضوعًا، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعية، وآخر، أقاما الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى- ضد الهيئة المدعى عليها الثانية، طلبًا للحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تقرير عدم الاعتداد وسريان قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إقرار حق الجمعية العامة غير العادية للشركة في تجزئة القيمة الاسمية للسهم، مع استمرار التداول بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، لحين إعادة القيد بالبورصة، وفي الموضوع: بإلغاء القرار سالف الذكر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكرت الشركة المدعية –شرحًا لدعواها– أن مجلس إدارتها دعا الجمعية العامة غير العادية لها للنظر في الموافقة على تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة، مع زيادة رأس المال المصدر والمدفوع، بيد أن رئيس البورصة رفض الاعتداد بدعوة الجمعية العمومية غير العادية للشركة للانعقاد، متساندًا لعدم تقديم الشركة مبررات كافية لهذه الدعوة، معلنًا عن وقف التداول على أسهم الشركة، ونقلها إلى سوق نقل الملكية "سوق الصفقات" حال عدم تقديمها تلك المبررات، وهو ما يؤدي حتمًا إلى انخفاض حاد لسعر سهم الشركة، وعلى الرغم من بيان الشركة لمبررات تجزئة الأسهم، فإن رئيس البورصة رفض الموافقة على قرار التجزئة دون إبداء أسباب موضوعية، فتظلمت الشركة المدعية من هذا القرار أمام لجنة التظلمات بالهيئة العامة للرقابة المالية، وتمسكت بعدم سريان أحكام قرارها رقم 54 لسنة 2009، المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، غير أن تظلمها قوبل بالرفض؛ مما حدا بها إلى إقامة دعواها سالفة البيان، توصلًا لها بطلباتها المتقدمة. وفي أثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية القرار آنف الذكر. وبعد أن صرحت المحكمة لها برفع الدعوى الدستورية أقامت الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية". وبجلسة 4/2/2017، قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، لعدم نشره بالجريدة الرسمية "الوقائع المصرية"، وبذات التاريخ صدر قرار مجلس إدارة الشركة المدعية بدعوة الجمعية العامة غير العادية لجلسة 4/3/2017، للنظر في تجزئة القيمة الاسمية للسهم، فنشرت البورصة المصرية على شاشاتها بتاريخ 13/2/2017، بيانًا بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة"، استندت فيه إلى قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 17 لسنة 2017 الصادر في 8/2/2017. وإذ تراءى للشركة أن ذلك القرار والبيان المنشور على شاشات البورصة سالفي الذكر يعدان عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لتعارضهما مع الأثر الرجعي لذلك الحكم، ويعدان التفافًا وتحايلًا عليه؛ فأقامت الدعوى المعروضة. وفي أثناء نظرها صدر حكم محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، قاضيًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها. وذلك بعد أن كيفت المحكمة حقيقة طلبات المدعيين فيها بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة الرابعة "تظلمات" بالهيئة العامة للرقابة المالية الصادر بجلسة 27/4/2014، في التظلمين رقمي: 8 و12 لسنة 2014، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية الجمعية العامة غير العادية لشركة سوهاج الوطنية للصناعات الغذائية في تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة من عشرة جنيهات إلى خمسين قرشًا، مع استمرار تداول أسهم الشركة بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، لحين إعادة قيدها بالبورصة. وبجلسة 5/5/2018، عدلت الشركة المدعية طلباتها في الدعوى المعروضة، إلى الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – الصادر بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، على النحو سالف الذكر، لتعطيله إعمال أثر حكم المحكمة الدستورية العليا وخروجه على حجيته.

وحيث إنه عن الطلب المبدى من المدعى عليها الثالثة بإخراجها من الدعوى دون مصروفات، فلما كانت الشركة المدعية قد اختصمت المدعى عليها المذكورة، طالبة وقف تنفيذ وعدم الاعتداد بقرارها الصادر بتاريخ 13/2/2017، في صورة بيان على شاشاتها، بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة"؛ لكونه –حسب ما يتراءى للشركة المدعية– يُشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، وبهذه المثابة يكون اختصام المدعى عليها الثالثة في الدعوى المعروضة صحيحًا، بما يغدو معه طلب إخراجها من الدعوى لا سند له، متعينًا الالتفات عنه، ولازمه استمرارها في الخصومة المعروضة.

وحيث إن منازعة التنفيذ –على ما جرى به قضاء هذه المحكمة– قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها– دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعًا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا –وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز؛ بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم - يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق –سواء بطبيعتها، أو بالنظر إلى نتائجها– ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعدُّ طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية وفقًا لنص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 6 مكرر (ب) في 15 فبراير سنة 2017، وكان حكم محكمة القضاء الإداري المار بيانه قد قضى برفض طلب وقف تنفيذ قرار لجنة التظلمات بالهيئة العامة للرقابة المالية بشأن تظلم الشركة المدعية من رفض انعقاد جمعيتها العمومية غير العادية لتجزئة القيمة الاسمية لأسهمها، وتداولها بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، وكان ما قضى به الحكم المشار إليه وكذا قرار الهيئة العامة للرقابة المالية وقرار مجلس إدارة البورصة المصرية، المصورة جميعها عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لا صلة لها بالحكم المذكور الذي اقتصرت حجيته على القضاء بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009، المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012؛ ومن ثم فإن ذلك الحكم والقرارين السالفين لا يُعد أي منها عائقًا يحول أو من شأنه أن يحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدًا لنطاقه، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إن الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرارين الصادرين من المدعى عليهما الثانية والثالثة، المصورين عقبة في التنفيذ، فإن يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة. وإذ انتهت هذه المحكمة –فيما تقدم– إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ –طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأحد، 1 يونيو 2025

الدعوى رقم 216 لسنة 28 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر  رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 216 لسنة 28 قضائية "دستورية"

المقامة من

.......

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير الداخلية

3- وزير العدل

4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

------------------

الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر سنة 2006، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية اللائحة المتضمنة نص الفقرة الأولى من المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها، أعقبته بتقرير تكميلي، بعد أن أعادت المحكمة الدعوى إليها لاستكمال التحضير.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 25813 لسنة 57 قضائية، ضد المدعى عليه الثاني؛ ابتغاء الحكم -حسب طلباته الختامية-: (1) باسترداد المبلغ الذي دفعه لوزارة الداخلية دون وجه حق فيما زاد على قيمة النفقات الدراسية الفعلية بعد خصم ما قام بسداده من مصروفات دراسية خلال سنوات الدراسة. (2) بأحقيته في استرداد المبلغ الذي دفعه للوزارة فيما زاد على ضعف النفقات الدراسية الفعلية بعد خصم ما قام بسداده من مصروفات دراسية خلال سنوات الدراسة ومقابل سنوات الخدمة التي قضاها في الوزارة قبل الاستقالة؛ وذلك على سند من أن المدعي تخرج في كلية الشرطة عام 2000، وعُين ضابطًا بالشرطة، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 126 لسنة 2003 بتعيينه معاونًا للنيابة العامة، ونفاذًا لهذا القرار تقدم باستقالته من الشرطة قبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ تعيينه، وإذ اشترطت وزارة الداخلية لقبول استقالته سداد المبلغ المطالب به، الذي يعادل ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها أكاديمية الشرطة، فقام بسداده حتى يتمكن من الالتحاق بعمله بالنيابة العامة، وأقام الدعوى الموضوعية للحكم له بطلباته. وفي أثناء تداول تلك الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها القانون رقم 129 لسنة 1981، فصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية طعنًا على اللائحة الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/10/1998، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من ذلك القانون؛ فأقام الدعوى الدستورية المعروضة، ناعيًا على النص المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة، بتخويله وزير الداخلية سلطة إعفاء آخرين من سداد تلك النفقات، وإهداره الحق في التعليم، وانطواءه على عقوبة جنائية توقع دون حكم قضائي.

وحيث إن المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها المادة الثالثة من القانون رقم 129 لسنة 1981، تنص على أن "يلتزم خريج أي من كليتي الشرطة والضباط المتخصصين بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج، وإلا التزم برد ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها الأكاديمية، ومع ذلك يجوز لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إعفاء الضابط من هذا المبلغ أو جزء منه إذا كان تركه خدمة هيئة الشرطة للالتحاق بعمل من أعمال الدولة المختلفة.

....................

ويجوز أداء المبالغ المستحقة على أقساط".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط ولايتها بالرقابة على الشرعية الدستورية هو اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها، وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع إذا ما ارتأت شبهة عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أو من خلال دفع بعدم الدستورية يبديه أحد الخصوم وتقدر تلك المحكمة جديته وتأذن لمبديه – خلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر – برفع دعواه الدستورية في الحدود التي قدرت فيها جدية دفعه، وهذه الأوضاع الإجرائية تُعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها. كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية ينحصر في الحدود التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وفي نطاق التصريح الصادر عنها بإقامة الدعوى الدستورية.

متى كان ذلك، وكان المدعي قد حدد دفعه أمام محكمة الموضوع بنص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها القانون رقم 129 لسنة 1981، إلا أن محكمة الموضوع لم تصرح بالطعن على هذا النص، وحددت تصريحها بإقامة الدعوى الدستورية على اللائحة الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/10/1998، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من القانون المار ذكره. وكانت طلبات المدعي الختامية في هذه الدعوى قد اقتصرت على الطعن على دستورية اللائحة المتضمنة نص الفقرة الأولى وحدها من المادة المشار إليها؛ الأمر الذي تكون معه الدعوى المعروضة قد أقيمت بالطريق المباشر دون تصريح من محكمة الموضوع، وتقضي المحكمة تبعًا لذلك بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الدعوى رقم 127 لسنة 34 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وخالد أحمد رأفت دسوقي ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 127 لسنة 34 قضائية "دستورية"

المقامة من

1- ياسر سمير عبد اللطيف الرزاز صاحب شركة رزاز تورز للسياحة

2- إيهاب ألبرت سليمان صاحب شركة نوجا للسياحة

3- يحيى محمد السيد الدقن صاحب شركة هوليداي للسياحة

4- فاروق السيد المرسي الشحات صاحب شركة جرين واي للسياحة

5- عصام عوض القطب صاحب شركة جولدن فيرو للسياحة

6- محمود عبد اللطيف محمد الرزاز، بصفته وكيلًا عن/ منير محمود

عبد اللطيف - صاحب شركة جولدن إيجل تورز للسياحة

7- أحمد محمود علي الخليلي صاحب شركة مون لايت للسياحة

8- كامل جورجي شنوده صاحب ومدير شركة هارموني للسياحة

9- أيمن حسن كامل حسن صاحب ومدير شركة رباح للسياحة

10- شيرين فؤاد أمين جيد صاحب ومدير شركة روبي للسياحة

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير السياحة

--------------

الإجراءات

  بتاريخ السابع من أغسطس سنة 2012، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، والمادة الحادية والعشرين من قرار وزير السياحة رقم 209 لسنة 2009 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة 1977 المشار إليه وتعديلاته.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

   بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المُدعين السبعة الأولين، وآخر، أقاموا أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار" الدعوى رقم 30297 لسنة 64 قضائية، ضد المدعى عليهما، طالبين الحكم -وفقًا لطلباتهم الختامية حسبما كيَّفتها محكمة الموضوع- بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزارة السياحة المتضمن إلزام الشركات السياحية القائمة بتوفيق أوضاعها طبقًا لحكم الفقرة الثالثة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، بعد تعديلها بالمادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة منه، وضمَّنوا صحيفة الدعوى دفعًا بعدم دستورية هاتين المادتين، وذلك على سند من أن ما تضمنه التعديل مار الذكر، من ألَّا يقل رأس مال الشركة عن مليوني جنيه، وأن تؤدي إلى وزارة السياحة تأمينًا لا يجاوز مائتي ألف جنيه، وسريان أحكامه على جميع الشركات السياحية القائمة وقت نفاذه، على أن توفق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه، خلال ثلاث سنوات بالنسبة لرأس المال، وسنتين بالنسبة لمبلغ التأمين، من تاريخ العمل به - يكون قد تناول مراكز قانونية مستقرة قبل صدوره، من خلال سريان الزيادة في رأس المال ومبلغ التأمين بأثر رجعي، مما يهدد بقاء تلك الشركات بفوات المهلة التي حددها القانون لتوفيق أوضاعها؛ من ثم فقد أقاموا الدعوى. تدخل المدعون الثامن والتاسع والعاشرة انضماميًّا إلى المدعين السبعة الأولين في طلباتهم، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم الدستورية، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية عن نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، فأقاموا الدعوى المعروضة، ناعين على هذين النصين مخالفتهما المواد (32 و34 و64 و187) من دستور 1971.  

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعين قد انصب -وفقًا لطلباتهم الختامية- على نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، والمادة الحادية والعشرين من قرار وزير السياحة رقم 209 لسنة 2009 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة 1977 المشار إليه وتعديلاته. وإذ خلا الدفع المبدى من المدعين من نص الفقرة الأولى من المادة (1) من القانون المار ذكره، كما خلا تصريح محكمة الموضوع من نص المادة الحادية والعشرين من قرار وزير السياحة سالف الإشارة إليه؛ ومن ثم يغدو اختصام المدعين لهذين النصين بمثابة دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.  

وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008 تنص على أنه "وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون إجراءات منح الترخيص بالمجالات المشار إليها، بشرط ألا يقل رأس مال الشركة عن مليوني جنيه وأن تؤدي تأمينًا ماليًّا لوزارة السياحة وفقًا لما تحدده اللائحة بما لا يجاوز مائتي ألف جنيه".

وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 125 لسنة 2008 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية على أنه "على الشركات السياحية القائمة وقت العمل بهذا القانون توفيق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه وذلك خلال ثلاث سنوات بالنسبة لرأس المال وسنتين بالنسبة لمبلغ التأمين من تاريخ العمل به".

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها -على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع.

متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يتحدد فى طلبات المدعين بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزارة السياحة المتضمن إلزام شركات السياحة القائمة بتوفيق أوضاعها طبقًا لأحكام نص الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، والمادة الرابعة من القانون الأخير، ولما كان النصان المطعون فيهما قد قضى أولهما بألا يقل رأس مال الشركات السياحية عن مليوني جنيه، وبأن تؤدي تأمينًا ماليًّا إلى وزارة السياحة لا يجاوز مائتي ألف جنيه، وقضى الآخر بإلزام الشركات القائمة في وقت العمل بهذا القانون بتوفيق أوضاعها بما يتفق مع أحكامه خلال ثلاث سنوات بالنسبة لرأس المال، وسنتين بالنسبة لمبلغ التأمين من تاريخ العمل به؛ ومن ثم يكون هذان النصان هما السند التشريعي لإلزام تلك الشركات بتوفيق أوضاعها على النحو المتقدم، ويغدو الفصل في دستوريتهما لازمًا للقضاء في الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، بما يوفر شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنته المادة الرابعة من القانون رقم 125 لسنة 2008 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، في مجال سريانها على مقدار رأس مال هذه الشركات، وما تؤديه من تأمين مالي إلى وزارة السياحة، المنصوص عليهما في الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008.

وحيث إن المدعين ينعون على النصين المطعون فيهما تضمنهما أثرًا رجعيًّا ينال من الحقوق المكتسبة لشركات السياحة القائمة في ظل القانون القديم، دون أن تتحقق الضمانات الواردة بنص المادة (187) من دستور سنة1971، لإنفاذ القوانين بأثرٍ رجعي.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية المتصلة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به في حينها.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين القانونيتين؛ ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين القديم والجديد تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده.  

وحيث إنه باستقراء نصوص المواد (1 و2 و3 و4) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية بتعديلاتها، يتبين أن المشرع حدَّد الشركات التي تُطبق عليها أحكامه، بأنها تلك التي تقوم بكل أو بعض الأعمال المنصوص عليها فيه، وقَسَّمَ هذه الشركات بحسب طبيعة النشاط الذي تمارسه، وحظر على أية شركة سياحية مزاولة أي من الأعمال المنصوص عليها فيه إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من وزارة السياحة، وخوَّل المشرع وزير السياحة سلطة تقديرية في إصدار قرار بوقف قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة إذا رأت الوزارة في فترة من الفترات عدم حاجة البلاد لها، سواءً بسبب تزايد أعداد هذه الشركات بما يؤثر بالسلب على الخدمات المعروضة في السوق السياحي، ومن ثمَّ يكون له تأثير ضار على الاقتصاد الوطني، أو تغير اتجاهات الحركة السياحية الوافدة إلى البلاد، أو عدم كفاية المنشآت السياحية المؤهلة لاستيعاب مزيد من السياحة الوافدة، أو بسبب ظروف البلاد الأمنية غير القادرة على توفير المناخ الملائم للحركة السياحية، أو لغير ذلك من الأسباب الموضوعية التي تقدرها الوزارة مبتغية فيه وجه المصلحة العامة للدولة، ولا يحد من سلطتها التقديرية في ذلك إلا قيد عدم إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، كما أعطت المادتان (23 و25) من هذا القانون لوزير السياحة سلطة وقف نشاط الشركة، أو إلغاء الترخيص الخاص بها في أحوال معينة نصتا عليها حصرًا، باعتباره المخول تشريعيًّا بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، وبما مفاده أن المشرع أخضع تلك الشركات لنظام الترخيص الإداري المُسبق، الأمر الذي يجد مبرره في الصلة بين النشاط الذي تمارسه تلك الشركات وبين إظهار الواجهة الحضارية للبلاد، فضلًا عن أهميتها الاقتصادية البالغة، بما يستدعي من المشرع أن يتدخل دومًا -على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 125 لسنة 2008 المُعدل للقانون المشار إليه- لإعادة النظر في هذه التشريعات، وذلك في ضوء المتغيرات الدولية في تطوير السياحة الدولية، في ظل ظاهرة العولمة والمنافسة طبقًا للاتفاقية العامة لتجارة الخدمات ((GATS، وذلك بمعالجة تشريعية ناضجة للنشاط السياحي، وبنصوص واضحة وحازمة تضمن حمايته سواء من خطر تغوله على نفسه أو من خطر الآخرين، خاصة أن التشريعات السياحية لم يلحقها التطوير اللازم على الرغم من مرور فترات طويلة على صدورها.

وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة بمزاولة نشاط تجاري هو تصرف إداري مؤقت بطبيعته، لا يرتب حقًّا ثابتًا ونهائيًّا كحق الملكية، بل يخول المرخص له مركزًا قانونيًّا مؤقتًا، يرتبط حقه في التمتع به -وجودًا وعدمًا- بأوضاع وظروف وشروط وقيود يترتب على تغييرها أو انقضائها أو الإخلال بها أو مخالفتها، جواز تعديل أوصاف هذا الترخيص، أو سقوط الحق فيه بتخلف شرط الصلاحية للاستمرار في الانتفاع به، أو زوال سبب منحه، أو انقضاء الأجل المحدد له، أو أن تتطلب المصلحة العامة إنهاءه.

لما كان ما تقدم، وإذ كانت الشركات السياحية تخضع لنظام الترخيص، الذي لا يُنشئ لها مركزًا قانونيًّا مستقرًّا مكتمل البنيان وجودًا وأثرًا بشكل نهائي، محصنًا في مواجهة أي تعديل تشريعي تقتضيه المصلحة العامة، إذ ينشأ هذا المركز ويظل قابلًا للمراجعة والتعديل، بما في ذلك إلغاء الترخيص، في حدود القانون، وهو ما يتماهى مع طبيعة النشاط السياحي، وإحاطة هذا النشاط بما يحقق المصلحة العامة، وإذ تستمد الشركات السياحية حقوقها من نظام الترخيص على النحو سالف البيان، وتلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله فى كل وقت، وتخضع لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليها بأثر مباشر، فإنه لا يجوز لها أن تحتج بأن لها حقًّا مكتسبًا أو مركزًا قانونيًّا مستقرًّا يوجب أن تعامل بمقتضاه بالنظام الذى صدر الترخيص لها فى ظل أحكامه، أو الذى طُبق عليها لفترة طالت أو قصُرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى في ذاته على مخالفة نص دستوري، فلا تتفرق هذه الشركات بين نظم قانونية متباينة، قد يناقض بعضها بعضًا، أو تفضي إلى الإخلال بالمساواة وتكافؤ الفرص فيما بينها، مما يُلحق بصناعة السياحة تشوهات تُخل بدورها المتنامي في دفع عجلة الاقتصاد القومي، وتأثيرها المباشر على دخول المواطنين، باعتبارها صناعة كثيفة العمالة، واتصالها المباشر بعدد من الصناعات والخدمات الحيوية الأخرى، مما جعلها

-بحق- قاطرة للتنمية الاقتصادية؛ ومن ثم فإن نص المادة الرابعة من القانون رقم 125 لسنة 2008 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية -وقد أوجب على تلك الشركات توفيق أوضاعها، ودون أن يباغتها بذلك، بل أمهلها المدة المناسبة المبينة بالنص، وذلك من تاريخ العمل بهذا القانون- لا يكون منطويًا على أي أثر رجعي، ومن ثم فإن استيفاء الأغلبية المنصوص عليها في المادة (187) من دستور سنة 1971، لإقرار القوانين رجعية الأثر، لا يكون له محل، ويكون النعي في هذا الخصوص مفتقدًا سنده.

وحيث إن المدعين ينعون على النصين المطعون فيهما مخالفتهما نصوص المواد (32 و34 و64) من دستور 1971، وتقابلها المواد (35 و53 و94) من دستور 2014، التي تحمي الملكية الخاصة، وتنزه تنظيمها عن أي استغلال أو انحراف يعوق دورها في بناء الاقتصاد القومي في إطار الدور الاجتماعي لهذا الحق، فضلًا عن نيلهما من الحقوق التي اكتسبتها شركات السياحة في ظل القانون القديم.

وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي يجب أن تقوم عليها الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات -أيًّا كان تاريخ العمل بها- لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم شرطًا لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المطاعن التي وجهها المدعون إلى النصين المطعون فيهما تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، وكان النصان المطعون فيهما ما زالا ساريين ومعمولًا بأحكامهما حتى أدركهما العمل بالدستور القائم؛ ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها على دستورية هذين النصين، على ضوء أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014.

وحيث إن الدستور قد حدد بالمادة (27) منه الأغراض التي يتوخاها النظام الاقتصادي، وهي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء على الفقر، ويلتزم -في هذا الإطار- بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور قد حرص على صون الملكية الخاصة، وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود وبالقيود التي أوردها باعتبارها مترتبة -في الأصل- على الجهد الخاص الذى بذله الفرد بكده وعرقه، وبوصفها حافزًا إلى الانطلاق والتقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال التي يرد عليها حق الملكية، والتي تُعد -كذلك- من مصادر الثروة التي لا يجوز التفريط فيها، أو استخدامها على وجه يعوق التنمية، أو يعطل مصالح الجماعة، وكانت الملكية في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تَعد حقًّا مطلقًا، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية أو الأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التي يجريها المشرع من خلال ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية على ضوء أحكام الدستور. وفى ضوء ما تقدم، يتعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مهتديًا -بوجه خاص- بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة معينة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والمجتمع.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلًا بأهدافها، باعتبار أن كل تنظيم تشريعي ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف؛ ومن ثم يتعين دومًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي المطعون فيه يلتزم إطارًا منطقيًّا للدائرة التي يعمل فيها، كافلًا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أو متهادمًا مع مقاصده، أو مجاوزًا لها، ومناهضًا –من ثمَّ- لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة (94) من الدستور.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواءً بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها يُعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية -وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها- بعيدًا عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملًا، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام، في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التي حددتها مرتبطة عقلًا بها.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في الدائرة التي يُجيز فيها الدستور للمشرع أن يُباشر سلطته التقديرية لمواجهة مقتضيات الواقع، وهى الدائرة التي تقع بين حَدَّي الوجوب والنهي الدستوريين، فإن الاختلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التي تنظم موضوعًا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، لا يُعد إخلالًا بمبدأ المساواة، الذى يستقى أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التي يُطبق خلالها النص القانوني الخاضع لضوابط هذا المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية فى معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طبق فى مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُعد بذاته إخلالًا بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة إلى سد حائل دون التطور التشريعي.



متى كان ما تقدم، وكان نصُّ الفقرة الأخيرة من المادة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية، المستبدل بها المادة الأولى من القانون رقم 125 لسنة 2008، ونص المادة الرابعة من القانون الأخير، سالفا البيان، قد صدرا في إطار السلطة التقديرية الممنوحة للمشرع في مجال تنظيم الحقوق، متخيرًا من البدائل ما ارتآه محققًا للأغراض التي توخاها، وذلك بأن وضع حدًّا أدنى لرأس مال الشركات السياحية، ورفع سقف مبلغ التأمين الواجب عليها أداؤه، حرصًا على ملاءتها وقدرتها على الوفاء بالأغراض الدستورية التي يهدف إليها النشاط الاقتصادي الذي تباشره، وأهميته الإستراتيجية، مانحًا إياها المهلة المناسبة لتوفيق أوضاعها، دون أن يتضمن هذا التنظيم التشريعي مساسًا بالملكية الخاصة لتك الشركات، بل تنظيمًا يكفل ما تقدم من أغراض، ولا ينال من تملكها وحدها رأس مالها، وإن أرهقها زيادته، فإن ذلك مما يقع في إطار تحميل حق الملكية بقيود تقتضيها الموازنة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة، ويرجح من خلالها المصلحة الأولى بالرعاية، ومحققًا بها تناغم الأغراض التي يستهدفها. وإذ كان النصان قد أوجبا زيادة الحد الأدنى لرأس المال، ورفع الحد الأقصى لمبلغ التأمين، وذلك للشركات السياحية القائمة وقت العمل بأحكام هذا القانون عما كان عليه الحال في مرحلة زمنية سابقة، -قبل تعديلهما- فإن هذين النصين يكونان قد عبرا عن مرحلة زمنية مختلفة، تتأبى معها المقارنة اللازمة لإعمال مبدأ المساواة؛ بما يضحى معه نعي المدعين على النصين المطعون فيهما إخلالهما بالحق في الملكية، وبمبدأي المساواة وخضوع الدولة للقانون، غير سديد، خليقًا بالرفض.

وحيث إن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أي حكم آخر في الدستور؛ فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات.

OSZAR »