الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 15 يونيو 2025

الدعوى رقم 48 لسنة 33 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار وطارق عبد العليم أبو العطا وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز وصلاح محمد الرويني       نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود    أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 33 قضائية "دستورية"

المقامة من

صلاح السيد علي حسانين

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- وزير العدل

4- النائب العام

5- وزير الإسكان

--------------------

الإجراءات

   بتاريخ العشرين من مارس سنة 2011، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادتين (102 و107) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، والمادة (136) من اللائحة التنفيذية لقانون البناء الصادرة بقرار وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية رقم 144 لسنة 2009، وقراره رقم 415 لسنة 2009.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

 -------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن النيابة العامة أسندت إلى المدعي، في الدعوى رقم 18939 لسنة 2010 جنح مركز كفر صقر، أنه بتاريخ 17/11/2010، أقام أعمال بناء دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وقدمته إلى المحاكمة الجنائية، طالبة معاقبته بالمادة (102/1، 2، 3) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008. وفي أثناء تداول القضية أمام محكمة جنح مركز كفر صقر، قدَّم المدعي حافظة مستندات، طويت على كتاب الوحدة المحلية لقرية القضاة بمحافظة الشرقية، متضمنًا أن عزبة الجويني التابعة لقرية الشرقابة – مركز كفر صقر، التي يقع في نطاقها البناء المخالف، لم يصدر بشأنها حيز عمراني حديث أو مخطط تفصيلي أو مخطط استراتيجي عام، وأن البناء المخالف أقيم على أرضٍ زراعية، ودفع المدعي بعدم دستورية نص المادتين (102 و107) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، والمادة (136) من لائحته التنفيذية، وقرار وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية رقم 415 لسنة 2009. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية على نص المادتين (102 و107) من القانون المشار إليه؛ فأقام الدعوى المعروضة بطلباته سالفة البيان.

وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها – وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وعلى ضوء الطلبات التي تضمنتها صحيفة الدعوى الدستورية. متى كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لم تصرح للمدعي باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية إلا بشأن نص المادتين (102 و107) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، فإن الدعوى المعروضة لا تكون قد اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في قانونها المشار إليه بالنسبة إلى المادة (136) من اللائحة التنفيذية لقانون البناء سالف الذكر، وقرار وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية رقم 415 لسنة 2009، وتغدو الدعوى في هذا الشق منها غير مقبولة.

وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء، تنص على أن "تحظر إقامة أي مبانٍ أو منشآت خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة للقرى والمدن أو المناطق التي ليس لها مخطط استراتيجي عام معتمد، أو اتخاذ أي إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي، ويستثني من هذا الحظر:.....".

   وتنص المادة (102) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة التي

لا تقل عن مثلي قيمة الأعمال المخالفة ولا تجاوز ثلاثة أمثال هذه القيمة، كل من قام بإنشاء مبانٍ أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.

   كما يعاقب بذات العقوبة كل من يخالف أحكام المادة الثانية من قانون الإصدار.

   ويعاقب بعقوبة الحبس المشار إليها في الفقرة الأولى، وبغرامة لا تقل عن مثلي قيمة الأعمال المخالفة بما لا يجاوز خمسمائة ألف جنيه، كل من قام باستئناف أعمال سبق وقفها بالطريق الإداري على الرغم من إعلانه بذلك.

   وفي جميع الأحوال تخطر نقابة المهندسين أو اتحاد المقاولين –حسب الأحوال– بالأحكام التي تصدر ضد المهندسين أو المقاولين وفقًا لأحكام هذا القانون لاتخاذ ما يلزم بشأنهم".

   وتنص المادة (107) من القانون ذاته على أن "يعاقب المخالف بغرامة تعادل 1٪ (واحد في المائة) من إجمالي قيمة الأعمال المخالفة عن كل يوم يمتنع فيه عن تنفيذ ما قضى به الحكم أو القرار النهائي من الجهة المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال، وذلك بعد انتهاء المدة التي تحددها الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدة المحلية لتنفيذ الحكم أو القرار.

   ويكون الخلف العام أو الخاص مسئولًا عن تنفيذ ما قضى به الحكم أو القرار النهائي من إزالة أو تصحيح أو استكمال، وتبدأ المدة المقررة للتنفيذ من تاريخ إعلانه بالحكم أو القرار إعلانًا قانونيًّا، ويطبق في شأنه الأحكام الخاصة بالغرامة المنصوص عليها في هذه المادة.

   كما تسري أحكام هذه الغرامة في حالة استئناف الأعمال الموقوفة، وذلك عن كل يوم اعتبارًا من اليوم التالي لإعلان ذوي الشأن بقرار الإيقاف".

   وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، يتحدد على ضوء عنصرين أوليين، يقيمان معًا مضمونهما، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض لا ينفي تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز أن تباشر المحكمة الدستورية العليا رقابتها على دستورية النصوص التشريعية، أولهما: أن يقيم المدعي –في حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه– الدليل على أن ضررًا واقعيًّا – اقتصاديًّا أو غيره – قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلًّا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية، بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعي أصلًا، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية؛ ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أيَّة فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.

   متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الفعل المسند إلى المدعي ارتكابه، هو إقامة مبانٍ خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة للقرى والمدن، الذي يتساند تجريمه إلى صدر الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء، ونُص على عقوبته في الفقرة الثانية من المادة (102) من قانون البناء المشار إليه، التي أحالت في بيان نوع العقوبة وحدودها إلى نص الفقرة الأولى من المادة ذاتها، وكان طعن المدعي بعدم الدستورية وإن انصب على نص المادة (102) من قانون البناء، دون نص المادة الثانية من قانون الإصدار رقم 119 لسنة 2008، فإن نص الفقرة الثانية من المادة المطعون فيها، وقد أحال بصورة جلية إلى نص التجريم المشار إليه، يكون قد قصد من ذلك إلحاقه بأحكامه منتزعًا إياه من إطاره التشريعي، جاعلًا منه لبنة من بنيانه وجزءًا من نسيجه مندمجًا فيه؛ ومن ثم تتحقق مصلحة المدعي في الطعن على صدر الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 2008، والفقرة الثانية من المادة (102) من قانون البناء، فيما تضمنتاه من حظر إقامة أي مبانٍ أو منشآت خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة للقرى والمدن، ومعاقبة كل من يخالف هذا الحظر بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة التي لا تقل عن مثلي قيمة الأعمال المخالفة ولا تجاوز ثلاثة أمثال هذه القيمة، وذلك دون ما اشتمل عليه نص المادة (102) من أحكام أخرى، ودون نص المادة (107) من القانون ذاته، الذي يعاقب على وقائع تغاير الاتهام المسند إلى المدعي؛ ومن ثم تنتفي مصلحته في الطعن على دستوريتهما.

   وحيث إن هذه المحكمة قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بصدر الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 2008، والفقرة الثانية من المادة (102) من قانون البناء، في شأن جريمة إقامة أي مبانٍ أو منشآت خارج حدود الأحوزة العمرانية المعتمدة للقرى والمدن – الفعل المسند إلى المدعي ارتكابه - وذلك بحكمها الصادر بجلسة 16/1/2022، في الدعوى رقم 75 لسنة 35 قضائية "دستورية"، الذي قضى برفض الدعوى المقامة طعنًا عليهما، وقد نُشر ذلك الحكم في الجريدة الرسمية - العدد 2 (مكرر) بتاريخ 19/1/2022، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونص المادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارها قولًا فصلًا في المسألة المقضي بها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها؛ مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الدعوى رقم 28 لسنة 44 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 28 لسنة 44 قضائية "تنازع"

المقامة من

طه سيد عبد الحليم

ضد

1- وزير العدل، بصفته الرئيس الأعلى لمأمورية شهر عقاري شمال القاهرة

2- رئيس مأمورية شهر عقاري شمال القاهرة

3- محمد أحمد صايم أحمد

4- ماركوس أوريل ليفرلي

5- حمادة رضوان غازي أبو المعاطي

6- أشرف علي أبو حفناوي

7- معتز عبد الباقي عبد القادر أحمد

8- محمد علي سعد علي

9- رئيس مجلس إدارة شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير(شركة مدينة مصر للإسكان والتعمير - حاليًّا)

----------------

الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من سبتمبر سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال – الصادر بجلسة 15/8/2021، في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ الحكمين الصادر أولهما من محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية بجلسة 30/10/2018، في الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، والآخر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الخامسة - بجلسة 26/12/2019، في الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 3737 لسنة 2011 مدني كلي، ضد المدعى عليهم الأول والثاني، والرابع والخامس والسادس، والشركة التاسعة، بطلب الحكم بشطب ومحو المسجل رقم 4873 لسنة 2010 شهر عقاري شمال القاهرة، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من أنه بتاريخ 5/1/1998، تملك بالشراء من الشركة المدعى عليها التاسعة قطعة الأرض المبينة بالصحيفة، والمحددة معالمها بموجب محضر القياس المؤرخ 9/3/1998، إلا أنه فوجئ بمنازعة المدعى عليهما السادس والسابع له في ملكية تلك الأرض، بموجب عقد تم تسجيله تحت رقم 4873 لسنة 2010 شهر عقاري شمال القاهرة، وهي المنازعة التي تحرر عنها المحضر رقم 7931 لسنة 2011 إداري مدينة نصر، لتسجيل العقد المشار إليه بناءً على أوراق ومستندات تحصلا عليها بطريق الغش والتدليس؛ ومن ثم أقام الدعوى. أبدى المدعي طلبًا عارضًا بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية، القاضي بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 9/5/1992 و15/12/2007، ومحو وشطب المسجل رقم 1371 لسنة 2010 شهر عقاري شمال القاهرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار. تدخل المدعى عليه الثامن هجوميًّا بطلب الحكم برفض الدعوى الأصلية، والحكم لصالحه والمدعى عليه السابع، باستحقاق قطعة الأرض محل التداعي وتسليمها إليهما خالية من الأشخاص والشواغل، ومنع تعرض المدعي والمدعى عليهم والغير لهما فيها، بقالة تملكهما تلك الأرض بالشراء من وكلاء المدعى عليه السادس، بموجب توكيلات موثقة، وأنه تم تسجيل عقدهما تسجيلًا رضائيًّا برقم 2863 لسنة 2013 شهر عقاري شمال القاهرة. وجه المدعي طلبًا عارضًا آخر بشطب ومحو العقد الأخير، مع ما يترتب على ذلك من آثار. ادعى المدعى عليه السادس فرعيًّا بطلب الحكم بمحو وشطب العقد ذاته، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار. حكمت المحكمة: أولًا: بقبول تدخل المدعى عليه الثامن شكلًا، وفى الموضوع: برفضه بحالته. ثانيًا: بقبول الطلب العارض من المدعى عليه السادس شكلًا، وفى الموضوع: برفضه بحالته. ثالثًا: بقبول الطلبات العارضة من المدعي أصليًّا شكلًا، وفى موضوعها وموضوع الدعوى الأصلية: برفضها. استأنف المدعى عليه الثامن ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، بالاستئناف رقم 4326 لسنة 22 قضائية، كما استأنفه المدعي أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم 4807 لسنة 22 قضائية، والمدعى عليه السادس بالاستئناف رقم 4943 لسنة 22 قضائية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة للارتباط، قضت في موضوع الاستئناف رقم 4326 لسنة 22 قضائية، بإلغاء الحكم المستأنف فيما ورد به بالبند "أولًا"، وبأحقية المدعى عليهما السابع والثامن في قطعة الأرض رقم 21 بلوك 29 بالمنطقة التاسعة بمدينة نصر أول القاهرة، وتسليمها إليهما خالية من كافة الأشخاص والشواغل، ومنع تعرض المستأنف ضدهم والغير لهما فيها، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. ثالثًا: وفى موضوع الاستئنافين رقمي 4807 و4943 لسنة 22 قضائية: برفضهما.

  كما أقام المدعي أمام محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، ضد المدعى عليهم الثالث والرابع والتاسعة، طالبًا الحكم بعدم الاعتداد بحكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية، وعدم تنفيذه والاعتداد به في مواجهته على الأسباب ذاتها التي أقام بها الدعوى الأولى. وبجلسة 30/10/2018، حكمت المحكمة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية استئناف القاهرة؛ وذلك على سند من أن المدعي لم يكن خصمًا في الحكم الصادر في ذلك الاستئناف.

ومن ناحية أخرى، أقام المدعي أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية، ضد محافظ القاهرة ورئيس حي شرق مدينة نصر والشركة المدعى عليها التاسعة في الدعوى المعروضة، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار الصادر من رئاسة حي شرق مدينة نصر بإصدار ترخيص بناء لصالح المدعى عليه الثامن، بالمخالفة للواقع والقانون والأحكام القضائية النهائية والباتة على قطعة الأرض محل القرار موضوع الطعن، وفى الموضوع: بإلغاء ذلك القرار وما يترتب على ذلك من آثار. حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وإذ تراءى للمدعي أن ثمة تناقضًا بين الأحكام الصادرة من محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، والقاضي في موضوع الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما ورد به بالبند "أولًا"، وبأحقية المدعى عليهما السابع والثامن في قطعة الأرض محل النزاع، والحكمين الصادر أولهما من محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية في الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، بجلسة 30/10/2018، والقاضي بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية، في مواجهة المدعي، وثانيهما من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية، بجلسة 26/12/2019، بإلغاء قرار جهة الإدارة رقم 25 لسنة 2017 بالترخيص بالبناء على قطعة الأرض المشار إليها وما يترتب على ذلك من آثار، وإذ تعامدت هذه الأحكام على محل واحد، وتناقضت على نحو يتعذر تنفيذها معًا؛ فقد أقام دعواه المعروضة بطلباته الآنف بيانها.

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، وفقًا لنص البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون أحد الحكمين صادرًا من إحدى جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه: أن النزاع الذي يقوم بسبب تناقض الأحكام النهائية وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يكون بين أحكام صادرة من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان التناقض واقعًا بين حكمين صادرين من محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، فإن لمحاكم تلك الجهة ولاية الفصل فيه، وفقًا للقواعد المعمول بها في نطاقها، حيث تتولى المحكمة المختصة بتلك الجهة تقويم اعوجاجهما، تصويبًا لما يكون قد شابهما من خطأ في تحصيل الوقائع أو تطبيق القانون أو هما معًا.

متى كان ذلك، وكان حكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال -الصادر بجلسة 15/8/2021، في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، وحكم محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية الصادر بجلسة 30/10/2018، في الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، صادرين عن محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، هي جهة القضاء العادي، فإن التناقض المدعى به – بفرض قيامه – لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، إذ لا تُعد هذه المحكمة جهة طعن في الأحكام الصادرة من الجهات القضائية الأخرى؛ ومن ثم تفتقد الدعوى المعروضة مناط قبولها، في هذا الشق منها.

وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا –على ما جرى به قضاؤها– بالفصل في التناقض القائم بين حكمين نهائيين وفقًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ليس مقررًا لها بوصفها جهة طعن، ولكنها تتأكد ابتداءً من قيام التناقض، وذلك بتوافر أركانه وشروطه وتحقق مناطه، ومتى ثبت لديها ذلك فإنها تتطرق إلى موضوعه، فتفصل في شأن التناقض بينهما على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع، ليحدد بها لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات التي خصها بالفصل فيها، دون النظر إلى ما قد يقوم من تعارض بين مؤدى حيثية وردت بأحد الحكمين المدعى تناقضهما وحيثية تضمنها الحكم الآخر.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين يفترض وحدة موضوعها محددًا على ضوء نطاق الحقوق التي فصلا فيها، بيد أن وحدة هذا الموضع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كما أن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه: أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولًا من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضاءيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا.

متى كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن موضوع حكم محكمة استئناف القاهرة –مأمورية شمال– الصادر بجلسة 15/8/2021، في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، يتعلق بالفصل في ملكية الأرض المتنازع عليها بين أطراف الخصومة فيها وما يرتبط به من طلبات بشطب ومحو تسجيل المحررات المشهرة والمبينة في تلك الخصومة واعتبارها كأن لم تكن، حال أن موضوع حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 26/12/2019، في الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية، قد تحدد في القضاء بإلغاء قرار رئيس حي شرق مدينة نصر رقم 25 لسنة 2017 بإصدار ترخيص بناء لصالح المدعى عليه الثامن على قطعة الأرض المتنازع عليها، الأمر الذي يتبين معه اختلاف موضوع الحكمين المدعى تناقضهما؛ إذ انصب أولهما على نزاع مدني، بينما انصرف الحكم الآخر إلى الفصل في الطعن على قرار إداري، ولا ينال من ذلك ما أثاره المدعي من تعارض بين أسباب هذين الحكمين؛ ذلك أن هذا التعارض –بفرض قيامه– لا يُشكل تناقضًا بين حكمين نهائيين في مجال التنفيذ بالمعنى الذي يقصده المشرع في البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون هذه المحكمة المار ذكره، مما يستنهض ولايتها للفصل فيه؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.

وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة -فيما تقدم- إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد صار غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الأحد، 8 يونيو 2025

الدعوى رقم 4 لسنة 24 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 24 قضائية "منازعة تنفيذ"

المقامة من

..........

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

3- رئيس مجلس الوزراء

4- وزير العدل

5- رئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس مجلس التأديب والصلاحية

-----------------

الإجراءات

بتاريخ الثاني والعشرين من مايو سنة 2002، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 9/9/2000، في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من مجلس الصلاحية بجلسة 30/4/2002، في طلب الصلاحية رقم 10 لسنة 2001.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن السيد المستشار وزير العدل أحال المدعي، الذي كان يشغل وظيفة وكيل نيابة عامة، إلى مجلس تأديب القضاة –بهيئة عدم الصلاحية- بالطلب رقم 10 لسنة 2001؛ لمساءلته تأديبيًّا عما نسب إليه. وبتاريخ 31/10/2001، قرر مجلس التأديب استمرار السير في الإجراءات. وبجلسته المنعقدة في 30/4/2002، أصدر حكمًا بنقل المدعي إلى وظيفة غير قضائية. وإذ ارتأى المدعي أن حكم مجلس الصلاحية آنف البيان يُشكل عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 9/9/2000، في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، القاضي بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972. وقال شرحًا لدعواه إن النص المقضي بعدم دستوريته كان يجري على أنه "ولا يمنع من الجلوس في هيئة مجلس التأديب سبق الاشتراك في طلب الإحالة إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية"، ولما كان تشكيل هيئة مجلس التأديب التي أصدرت ذلك الحكم جاء مخالفًا للدستور والقانون وحكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه؛ إذ كان من بين أعضائها من سبق أن أبدى رأيًا في قرار المجلس بالسير في إجراءات دعوى الصلاحية ضد المدعي؛ فقد أقام الدعوى المعروضة بطلباته سالفة البيان.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق -سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 9/9/2000، في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية" بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، التي كانت تنص على أنه: "ولا يمنع من الجلوس في هيئة مجلس التأديب سبق الاشتراك في طلب الإحالة إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية".

وحيث إن المادة (98) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 -قبل تعديلها بالقانون رقم 142 لسنة 2006- كانت تنص على أن:

"تأديب القضاة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص مجلس تأديب يشكل على النحو الآتي:

- رئيس محكمة النقض.       رئيسًا

- أقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف

- أقدم ثلاثة من مستشاري محكمة النقض    أعضاء

..........................".

وتنص المادة (111) من القانون ذاته على أنه "إذا ظهر في أي وقت أن القاضي فقد أسباب الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية يُرفع طلب الإحالة إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب رئيس المحكمة إلى المجلس المشار إليه في المادة (98) ولهذا المجلس –إذا رأى محلًّا للسير في الإجراءات– أن يندب عند الاقتضاء أحد أعضائه لإجراء ما يلزم من التحقيقات، ويدعو المجلس القاضي للحضور أمامه بميعاد ثلاثة أيام وبعد سماع ملاحظات ممثل النيابة العامة وأقوال القاضي أو من ينوب عنه يصدر قراره بقبول الطلب وبإحالة القاضي إلى المعاش أو بنقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية أو برفض الطلب، وللمجلس أن يقرر أن القاضي في إجازة حتمية بمرتب كامل إلى أن يصدر قراره في الموضوع".

ومفاد ما تقدم أن قانون السلطة القضائية المشار إليه -قبل تعديله بالقانون رقم 142 لسنة 2006- قد أفرد الفصل التاسع من بابه الثاني للأحكام الخاصة بمساءلة القضاة تأديبيًّا، وعهد بذلك في المادة (98) منه إلى مجلس تأديب يُشكل برئاسة رئيس محكمة النقض وعضوية أقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف وأقدم ثلاثة من مستشاري محكمة النقض، وعهد إليهم الاختصاص بالفصل في دعوى التأديب والصلاحية، آخذًا في الاعتبار طبيعة وظائفهم وأقدميتهم على القمة من مدارج التنظيم القضائي، وما يتمتعون به من خبرة ودراية بأوضاع السلطة القضائية، وعمق فهمهم للمقاييس الصارمة التي يتعين أن يؤدى العمل القضائي في إطارها، وقدراتهم على النفاذ إلى الضوابط الكامنة في طبيعة الوظيفة القضائية وما يرتبط بها من القيم الرفيعة التي تَردُّ عنها كل تخرص أو شبهة تنال منها. كما أكد المشرع على المغايرة وعدم الخلط بين نظامي الدعوى التأديبية ودعوى الصلاحية، والتأكيد على أن الأخيرة لا تُعد فرعًا من الأولى، وأن لكل منهما أحكامها ومجالها الذي تعمل فيه. وبحسبان دعوى الصلاحية لا تقوم في الأصل على تهمة محددة جرى إسنادها إلى القاضي، وإن صح الارتكان إلى الحكم الصادر في شأنها لتقييم حالته على ضوء الشروط التي يتطلبها المشرع فيمن يولى القضاء، ومن بينها أن يكون شاغل الوظيفة القضائية محمود السيرة حسن السمعة، وهو شرط لا ينفك عنه بل يلازمه دومًا ما بقي قائمًا بأعبائها، بحيث إذا انتفت صلاحيته للاستمرار فيها؛ تعين بقرار من مجلس الصلاحية إحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى بعيدًا عن العمل القضائي، ويرفع طلب إحالته إلى المعاش أو النقل إلى وظيفة أخرى غير قضائية من وزير العدل من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب رئيس المحكمة التي يتبعها القاضي إلى المجلس المشار إليه في المادة (98) من القانون سالف الذكر. ولهذا المجلس إذا رأى محلًّا للسير في الإجراءات أن يدعو القاضي للحضور أمامه خلال ميعاد ثلاثة أيام، وبعد سماع طلبات ممثل النيابة العامة ودفاع القاضي المُحال للصلاحية أو من ينوب عنه، يصدر المجلس حكمه مشتملًا على الأسباب التي بني عليها، إما بقبول الطلب وإحالة القاضي إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، وإما برفضه الطلب.

متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن حكم مجلس تأديب القضاة -بهيئة عدم صلاحية– الصادر في الطلب رقم 10 لسنة 2001 بإحالة المدعي إلى وظيفة غير قضائية، قد صدر عن مجلس تأديب تم تشكيله استنادًا إلى نص المادة (98) من قانون السلطة القضائية المشار إليه، بعد القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة منه؛ ومن ثم يكون هذا التشكيل قد التزم قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، بحسبان وزير العدل هو من أحال المدعي إلى مجلس الصلاحية، وإذ خلا تشكيل المجلس المذكور من وزير العدل، كما لم يثبت أنه شارك في هذا المجلس أي ممن اشترك في أي من إجراءات التحقيق التي باشرتها إدارة التفتيش القضائي، وبما مفاده: أنه لم يشارك في مجلس الصلاحية أي ممن سبق أن شارك في إحالة المدعي إلى ذلك المجلس لمحاكمته وتقرير صلاحيته؛ ومن ثم فلا يُعد هذا الحكم عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه.

ولا ينال مما تقدم ما أثاره المدعي بشأن مشاركة بعض أعضاء هيئة الحكم آنف البيان في تشكيل المجلس الذي قرر بجلسته المنعقدة في 31/10/2001 "استمرار السير في إجراءات دعوى الصلاحية"؛ فذلك مردود: بأن المشرع ناط بمجلس التأديب، وباعتباره جهة قضاء، الاختصاص الحصري بالفصل في دعوى الصلاحية، بما في ذلك النظر في الاستمرار في السير في إجراءاتها من عدمه، وذلك بمراعاة الأحكام التي خصه بها بمقتضى المادة (111) المشار إليها، وفى إطار الضمانات الجوهرية المنصوص عليها في المواد (104 و105 و106 و107) من قانون السلطة القضائية المشار إليه -ومنها أن تشكيل مجلس الصلاحية بأكمله من عناصر قضائية محددة عددًا وصفة - وقيامه دون غيره على شئون دعوى الصلاحية، وهيمنته على جميع إجراءاتها، بدءًا من قرار السير في إجراءاتها، إذا رأى محلًّا لذلك، وباعتباره افتتاحًا للخصومة، ويكون البدء في نظر موضوعها رهنًا بصدور ذلك القرار، وبما مفاده أن القرار الصادر من مجلس التأديب بشأن السير في الإجراءات، لا يُعد من قبيل قرارات الاتهام أو الإحالة، وإنما هو من إجراءات المحاكمة، ولا يفيد سبق إبداء الرأي في موضوع الدعوى، والقول بغير ذلك مؤداه الخلط بين إجراءات التحقيق التي باشرتها إدارة التفتيش القضائي، وما يليها من صدور قرار الإحالة من قبل وزير العدل، وبين القرار الصادر عن مجلس التأديب – بهيئة عدم الصلاحية - بالسير في الإجراءات التي يباشرها بحسبانه جهة قضاء وصاحب الولاية بنظر دعوى الصلاحية بعد إحالتها إليه؛ الأمر الذي لا يُعَدّ معه حكم مجلس الصلاحية المار ذكره، الصادر بنقل المدعي إلى وظيفة غير قضائية، مناقضًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"؛ مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه عما أثاره المدعي بمذكرته المقدمة بجلسات التحضير أمام هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 2002 وقرار وزير العدل رقم 3085 لسنة 2002 الصادرين بتنفيذ حكم مجلس الصلاحية المار ذكره، بادعاء مخالفتهما حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 21 قضائية "دستورية"، فلما كان هذان القراران قد صدرا تنفيذًا لذلك الحكم، فإنهما يدوران معه وجودًا وعدمًا، وإذ انتهت هذه المحكمة في قضائها المتقدم إلى عدم قبول الدعوى المقامة من المدعي بعدم الاعتداد بحكم مجلس الصلاحية سالف البيان، فإن اختصام هذين القرارين باعتبارهما عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لا يكون له محل؛ ويغدو -من ثم- الالتفات عن هذا الطلب متعينًا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

الخميس، 5 يونيو 2025

الدعوى رقم 216 لسنة 28 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر     رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ"

المقامة من

ممدوح فؤاد جرجس- رئيس مجلس إدارة شركة سوهاج الوطنية للصناعات الغذائية

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية

3- رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية

--------------

الإجراءات

  بتاريخ الثاني والعشرين من أبريل سنة 2017، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار الهيئة العامة للرقابة المالية السلبي بالامتناع عن تنفيذ الأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها: عدم سريان ونفاذ قرار مجلس إدارتها رقم 17 لسنة 2017 في مواجهة الشركة، وانعدام قرار رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية الصادر بتاريخ 13/2/2017، في صورة بيان على شاشاتها بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة". وفي الموضوع: بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وعدم الاعتداد بقراري المدعى عليهما الثانية والثالثة السلبي والإيجابي سالفي الذكر.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وقدمت المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وقدمت المدعى عليها الثالثة مذكرة، طلبت فيها إخراجها من الدعوى بلا مصروفات.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/5/2018، وفيها قدمت الشركة المدعية طلبًا عارضًا بتعديل طلبها الأصلي، إلى الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– الصادر بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها حق الشركة في دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في تجزئة القيمة الاسمية للسهم وزيادة رأس مالها، وعدم نفاذ القرار رقم 17 لسنة 2017 في مواجهتها. وبجلسة 2/6/2018، قدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها المعدلة. وقدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. كما قدمت المدعى عليها الثالثة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفض الطلب العارض. وبجلسة 22/9/2018، قررت المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير، فأودعت تقريرًا تكميليًّا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة بطلب الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة نوعيًّا بنظر إعمال الأثر الرجعي، وولائيًّا بنظر وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 17 لسنة 2017، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لإقامتها قبل الأوان، وبرفضها موضوعًا، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعية، وآخر، أقاما الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى- ضد الهيئة المدعى عليها الثانية، طلبًا للحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تقرير عدم الاعتداد وسريان قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إقرار حق الجمعية العامة غير العادية للشركة في تجزئة القيمة الاسمية للسهم، مع استمرار التداول بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، لحين إعادة القيد بالبورصة، وفي الموضوع: بإلغاء القرار سالف الذكر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكرت الشركة المدعية –شرحًا لدعواها– أن مجلس إدارتها دعا الجمعية العامة غير العادية لها للنظر في الموافقة على تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة، مع زيادة رأس المال المصدر والمدفوع، بيد أن رئيس البورصة رفض الاعتداد بدعوة الجمعية العمومية غير العادية للشركة للانعقاد، متساندًا لعدم تقديم الشركة مبررات كافية لهذه الدعوة، معلنًا عن وقف التداول على أسهم الشركة، ونقلها إلى سوق نقل الملكية "سوق الصفقات" حال عدم تقديمها تلك المبررات، وهو ما يؤدي حتمًا إلى انخفاض حاد لسعر سهم الشركة، وعلى الرغم من بيان الشركة لمبررات تجزئة الأسهم، فإن رئيس البورصة رفض الموافقة على قرار التجزئة دون إبداء أسباب موضوعية، فتظلمت الشركة المدعية من هذا القرار أمام لجنة التظلمات بالهيئة العامة للرقابة المالية، وتمسكت بعدم سريان أحكام قرارها رقم 54 لسنة 2009، المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، غير أن تظلمها قوبل بالرفض؛ مما حدا بها إلى إقامة دعواها سالفة البيان، توصلًا لها بطلباتها المتقدمة. وفي أثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية القرار آنف الذكر. وبعد أن صرحت المحكمة لها برفع الدعوى الدستورية أقامت الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية". وبجلسة 4/2/2017، قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، لعدم نشره بالجريدة الرسمية "الوقائع المصرية"، وبذات التاريخ صدر قرار مجلس إدارة الشركة المدعية بدعوة الجمعية العامة غير العادية لجلسة 4/3/2017، للنظر في تجزئة القيمة الاسمية للسهم، فنشرت البورصة المصرية على شاشاتها بتاريخ 13/2/2017، بيانًا بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة"، استندت فيه إلى قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 17 لسنة 2017 الصادر في 8/2/2017. وإذ تراءى للشركة أن ذلك القرار والبيان المنشور على شاشات البورصة سالفي الذكر يعدان عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لتعارضهما مع الأثر الرجعي لذلك الحكم، ويعدان التفافًا وتحايلًا عليه؛ فأقامت الدعوى المعروضة. وفي أثناء نظرها صدر حكم محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، قاضيًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها. وذلك بعد أن كيفت المحكمة حقيقة طلبات المدعيين فيها بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة الرابعة "تظلمات" بالهيئة العامة للرقابة المالية الصادر بجلسة 27/4/2014، في التظلمين رقمي: 8 و12 لسنة 2014، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية الجمعية العامة غير العادية لشركة سوهاج الوطنية للصناعات الغذائية في تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة من عشرة جنيهات إلى خمسين قرشًا، مع استمرار تداول أسهم الشركة بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، لحين إعادة قيدها بالبورصة. وبجلسة 5/5/2018، عدلت الشركة المدعية طلباتها في الدعوى المعروضة، إلى الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – الصادر بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، على النحو سالف الذكر، لتعطيله إعمال أثر حكم المحكمة الدستورية العليا وخروجه على حجيته.

وحيث إنه عن الطلب المبدى من المدعى عليها الثالثة بإخراجها من الدعوى دون مصروفات، فلما كانت الشركة المدعية قد اختصمت المدعى عليها المذكورة، طالبة وقف تنفيذ وعدم الاعتداد بقرارها الصادر بتاريخ 13/2/2017، في صورة بيان على شاشاتها، بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة"؛ لكونه –حسب ما يتراءى للشركة المدعية– يُشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، وبهذه المثابة يكون اختصام المدعى عليها الثالثة في الدعوى المعروضة صحيحًا، بما يغدو معه طلب إخراجها من الدعوى لا سند له، متعينًا الالتفات عنه، ولازمه استمرارها في الخصومة المعروضة.

وحيث إن منازعة التنفيذ –على ما جرى به قضاء هذه المحكمة– قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها– دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعًا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا –وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز؛ بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم - يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق –سواء بطبيعتها، أو بالنظر إلى نتائجها– ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعدُّ طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية وفقًا لنص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 6 مكرر (ب) في 15 فبراير سنة 2017، وكان حكم محكمة القضاء الإداري المار بيانه قد قضى برفض طلب وقف تنفيذ قرار لجنة التظلمات بالهيئة العامة للرقابة المالية بشأن تظلم الشركة المدعية من رفض انعقاد جمعيتها العمومية غير العادية لتجزئة القيمة الاسمية لأسهمها، وتداولها بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، وكان ما قضى به الحكم المشار إليه وكذا قرار الهيئة العامة للرقابة المالية وقرار مجلس إدارة البورصة المصرية، المصورة جميعها عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لا صلة لها بالحكم المذكور الذي اقتصرت حجيته على القضاء بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009، المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012؛ ومن ثم فإن ذلك الحكم والقرارين السالفين لا يُعد أي منها عائقًا يحول أو من شأنه أن يحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدًا لنطاقه، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إن الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرارين الصادرين من المدعى عليهما الثانية والثالثة، المصورين عقبة في التنفيذ، فإن يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة. وإذ انتهت هذه المحكمة –فيما تقدم– إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ –طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأحد، 1 يونيو 2025

الدعوى رقم 216 لسنة 28 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 5 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر  رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس    نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري  رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود      أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 216 لسنة 28 قضائية "دستورية"

المقامة من

.......

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير الداخلية

3- وزير العدل

4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

------------------

الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر سنة 2006، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية اللائحة المتضمنة نص الفقرة الأولى من المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها، أعقبته بتقرير تكميلي، بعد أن أعادت المحكمة الدعوى إليها لاستكمال التحضير.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 25813 لسنة 57 قضائية، ضد المدعى عليه الثاني؛ ابتغاء الحكم -حسب طلباته الختامية-: (1) باسترداد المبلغ الذي دفعه لوزارة الداخلية دون وجه حق فيما زاد على قيمة النفقات الدراسية الفعلية بعد خصم ما قام بسداده من مصروفات دراسية خلال سنوات الدراسة. (2) بأحقيته في استرداد المبلغ الذي دفعه للوزارة فيما زاد على ضعف النفقات الدراسية الفعلية بعد خصم ما قام بسداده من مصروفات دراسية خلال سنوات الدراسة ومقابل سنوات الخدمة التي قضاها في الوزارة قبل الاستقالة؛ وذلك على سند من أن المدعي تخرج في كلية الشرطة عام 2000، وعُين ضابطًا بالشرطة، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 126 لسنة 2003 بتعيينه معاونًا للنيابة العامة، ونفاذًا لهذا القرار تقدم باستقالته من الشرطة قبل انقضاء عشر سنوات من تاريخ تعيينه، وإذ اشترطت وزارة الداخلية لقبول استقالته سداد المبلغ المطالب به، الذي يعادل ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها أكاديمية الشرطة، فقام بسداده حتى يتمكن من الالتحاق بعمله بالنيابة العامة، وأقام الدعوى الموضوعية للحكم له بطلباته. وفي أثناء تداول تلك الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها القانون رقم 129 لسنة 1981، فصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية طعنًا على اللائحة الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/10/1998، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من ذلك القانون؛ فأقام الدعوى الدستورية المعروضة، ناعيًا على النص المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة، بتخويله وزير الداخلية سلطة إعفاء آخرين من سداد تلك النفقات، وإهداره الحق في التعليم، وانطواءه على عقوبة جنائية توقع دون حكم قضائي.

وحيث إن المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها المادة الثالثة من القانون رقم 129 لسنة 1981، تنص على أن "يلتزم خريج أي من كليتي الشرطة والضباط المتخصصين بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج، وإلا التزم برد ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها الأكاديمية، ومع ذلك يجوز لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إعفاء الضابط من هذا المبلغ أو جزء منه إذا كان تركه خدمة هيئة الشرطة للالتحاق بعمل من أعمال الدولة المختلفة.

....................

ويجوز أداء المبالغ المستحقة على أقساط".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط ولايتها بالرقابة على الشرعية الدستورية هو اتصالها بالمسائل الدستورية المطروحة عليها، وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع إذا ما ارتأت شبهة عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أو من خلال دفع بعدم الدستورية يبديه أحد الخصوم وتقدر تلك المحكمة جديته وتأذن لمبديه – خلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر – برفع دعواه الدستورية في الحدود التي قدرت فيها جدية دفعه، وهذه الأوضاع الإجرائية تُعد من النظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية التي تغيا بها المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي حددها. كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية ينحصر في الحدود التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وفي نطاق التصريح الصادر عنها بإقامة الدعوى الدستورية.

متى كان ذلك، وكان المدعي قد حدد دفعه أمام محكمة الموضوع بنص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المستبدل بها القانون رقم 129 لسنة 1981، إلا أن محكمة الموضوع لم تصرح بالطعن على هذا النص، وحددت تصريحها بإقامة الدعوى الدستورية على اللائحة الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/10/1998، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (33) من القانون المار ذكره. وكانت طلبات المدعي الختامية في هذه الدعوى قد اقتصرت على الطعن على دستورية اللائحة المتضمنة نص الفقرة الأولى وحدها من المادة المشار إليها؛ الأمر الذي تكون معه الدعوى المعروضة قد أقيمت بالطريق المباشر دون تصريح من محكمة الموضوع، وتقضي المحكمة تبعًا لذلك بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

OSZAR »