باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة من
ممدوح فؤاد جرجس- رئيس مجلس إدارة شركة سوهاج الوطنية للصناعات الغذائية
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية
3- رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية
--------------
الإجراءات
بتاريخ الثاني والعشرين من أبريل سنة 2017، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار الهيئة العامة للرقابة المالية السلبي بالامتناع عن تنفيذ الأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها: عدم سريان ونفاذ قرار مجلس إدارتها رقم 17 لسنة 2017 في مواجهة الشركة، وانعدام قرار رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية الصادر بتاريخ 13/2/2017، في صورة بيان على شاشاتها بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة". وفي الموضوع: بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، وعدم الاعتداد بقراري المدعى عليهما الثانية والثالثة السلبي والإيجابي سالفي الذكر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدمت المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت المدعى عليها الثالثة مذكرة، طلبت فيها إخراجها من الدعوى بلا
مصروفات.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/5/2018، وفيها قدمت الشركة المدعية طلبًا عارضًا بتعديل طلبها الأصلي، إلى الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– الصادر بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها حق الشركة في دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في تجزئة القيمة الاسمية للسهم وزيادة رأس مالها، وعدم نفاذ القرار رقم 17 لسنة 2017 في مواجهتها. وبجلسة 2/6/2018، قدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها المعدلة. وقدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. كما قدمت المدعى عليها الثالثة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفض الطلب العارض. وبجلسة 22/9/2018، قررت المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير، فأودعت تقريرًا تكميليًّا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة بطلب الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة نوعيًّا بنظر إعمال الأثر الرجعي، وولائيًّا بنظر وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 17 لسنة 2017، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لإقامتها قبل الأوان، وبرفضها موضوعًا، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعية، وآخر، أقاما الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى- ضد الهيئة المدعى عليها الثانية، طلبًا للحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تقرير عدم الاعتداد وسريان قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إقرار حق الجمعية العامة غير العادية للشركة في تجزئة القيمة الاسمية للسهم، مع استمرار التداول بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، لحين إعادة القيد بالبورصة، وفي الموضوع: بإلغاء القرار سالف الذكر، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكرت الشركة المدعية –شرحًا لدعواها– أن مجلس إدارتها دعا الجمعية العامة غير العادية لها للنظر في الموافقة على تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة، مع زيادة رأس المال المصدر والمدفوع، بيد أن رئيس البورصة رفض الاعتداد بدعوة الجمعية العمومية غير العادية للشركة للانعقاد، متساندًا لعدم تقديم الشركة مبررات كافية لهذه الدعوة، معلنًا عن وقف التداول على أسهم الشركة، ونقلها إلى سوق نقل الملكية "سوق الصفقات" حال عدم تقديمها تلك المبررات، وهو ما يؤدي حتمًا إلى انخفاض حاد لسعر سهم الشركة، وعلى الرغم من بيان الشركة لمبررات تجزئة الأسهم، فإن رئيس البورصة رفض الموافقة على قرار التجزئة دون إبداء أسباب موضوعية، فتظلمت الشركة المدعية من هذا القرار أمام لجنة التظلمات بالهيئة العامة للرقابة المالية، وتمسكت بعدم سريان أحكام قرارها رقم 54 لسنة 2009، المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، غير أن تظلمها قوبل بالرفض؛ مما حدا بها إلى إقامة دعواها سالفة البيان، توصلًا لها بطلباتها المتقدمة. وفي أثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية القرار آنف الذكر. وبعد أن صرحت المحكمة لها برفع الدعوى الدستورية أقامت الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية". وبجلسة 4/2/2017، قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، لعدم نشره بالجريدة الرسمية "الوقائع المصرية"، وبذات التاريخ صدر قرار مجلس إدارة الشركة المدعية بدعوة الجمعية العامة غير العادية لجلسة 4/3/2017، للنظر في تجزئة القيمة الاسمية للسهم، فنشرت البورصة المصرية على شاشاتها بتاريخ 13/2/2017، بيانًا بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة"، استندت فيه إلى قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 17 لسنة 2017 الصادر في 8/2/2017. وإذ تراءى للشركة أن ذلك القرار والبيان المنشور على شاشات البورصة سالفي الذكر يعدان عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لتعارضهما مع الأثر الرجعي لذلك الحكم، ويعدان التفافًا وتحايلًا عليه؛ فأقامت الدعوى المعروضة. وفي أثناء نظرها صدر حكم محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، قاضيًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها. وذلك بعد أن كيفت المحكمة حقيقة طلبات المدعيين فيها بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة الرابعة "تظلمات" بالهيئة العامة للرقابة المالية الصادر بجلسة 27/4/2014، في التظلمين رقمي: 8 و12 لسنة 2014، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية الجمعية العامة غير العادية لشركة سوهاج الوطنية للصناعات الغذائية في تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة من عشرة جنيهات إلى خمسين قرشًا، مع استمرار تداول أسهم الشركة بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، لحين إعادة قيدها بالبورصة. وبجلسة 5/5/2018، عدلت الشركة المدعية طلباتها في الدعوى المعروضة، إلى الاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – الصادر بجلسة 13/3/2018، في الدعوى رقم 51256 لسنة 68 قضائية، على النحو سالف الذكر، لتعطيله إعمال أثر حكم المحكمة الدستورية العليا وخروجه على حجيته.
وحيث إنه عن الطلب المبدى من المدعى عليها الثالثة بإخراجها من الدعوى دون مصروفات، فلما كانت الشركة المدعية قد اختصمت المدعى عليها المذكورة، طالبة وقف تنفيذ وعدم الاعتداد بقرارها الصادر بتاريخ 13/2/2017، في صورة بيان على شاشاتها، بمنع الشركة مجددًا من السير في إجراءات تجزئة القيمة الاسمية لأسهمها في سوق الأوامر "خارج المقصورة"؛ لكونه –حسب ما يتراءى للشركة المدعية– يُشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، وبهذه المثابة يكون اختصام المدعى عليها الثالثة في الدعوى المعروضة صحيحًا، بما يغدو معه طلب إخراجها من الدعوى لا سند له، متعينًا الالتفات عنه، ولازمه استمرارها في الخصومة المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ –على ما جرى به قضاء هذه المحكمة– قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها– دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعًا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا –وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز؛ بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم - يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق –سواء بطبيعتها، أو بالنظر إلى نتائجها– ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعدُّ طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية وفقًا لنص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 4/2/2017، في الدعوى رقم 14 لسنة 37 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009 المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 6 مكرر (ب) في 15 فبراير سنة 2017، وكان حكم محكمة القضاء الإداري المار بيانه قد قضى برفض طلب وقف تنفيذ قرار لجنة التظلمات بالهيئة العامة للرقابة المالية بشأن تظلم الشركة المدعية من رفض انعقاد جمعيتها العمومية غير العادية لتجزئة القيمة الاسمية لأسهمها، وتداولها بسوق الأوامر "خارج المقصورة"، وكان ما قضى به الحكم المشار إليه وكذا قرار الهيئة العامة للرقابة المالية وقرار مجلس إدارة البورصة المصرية، المصورة جميعها عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، لا صلة لها بالحكم المذكور الذي اقتصرت حجيته على القضاء بعدم دستورية قرار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 54 لسنة 2009، المعدل بالقرار رقم 8 لسنة 2012؛ ومن ثم فإن ذلك الحكم والقرارين السالفين لا يُعد أي منها عائقًا يحول أو من شأنه أن يحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدًا لنطاقه، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرارين الصادرين من المدعى عليهما الثانية والثالثة، المصورين عقبة في التنفيذ، فإن يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة. وإذ انتهت هذه المحكمة –فيما تقدم– إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ –طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979– يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق