باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سيد عبد الله
سلطان عمار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد
أحمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار /
شعبان عبد العزيزعبد الوهاب إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ
المستشار / أحمد ماهر سيد عبد العال نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار
/ محمد الصباحي مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد أمين أبو كيلة أمين سر المحكمة
أصدرت الحكم بالآتي
في الطعنين رقمي 20806 ، 23187 لسنة 60 ق . عليا .
-------------------
" الإجراءات "
بتاريخ 20/ 2/ 2014 أودع الأستاذ / ….. نائباً عن الأستاذ / …..
المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة
الطعن المقيد برقم 20806 لسنة 60 قضائية عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب
أعضاء هيئة التدريس جامعة عين شمس في الدعوى التأديبية رقم 57 لسنة 2013 بجلسة 1/
1/ 2014 بمجازاة الطاعنين بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة .
والتمس الطاعنان - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن
شكلاً , وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بمعاقبتهما بعقوبة
العزل من الوظيفة , وفى الموضوع بإلغائه وببراءتهما مما هو منسوب إليهما .
وبتاريخ 27/ 2/ 2014 أودع الأستاذ /…. المحامي بالنقض والإدارية
العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة الطعن المقيد برقم 23187 لسنة
60 قضائية عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس المشار إليه
بمجازاة الطاعن بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة .
والتمس الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن
شكلاً , وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بمعاقبته بعقوبة
العزل من الوظيفة , وفى الموضوع بإلغائه وببراءته مما هو منسوب إليه .
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين .
ونظر الطعنان أمام الدائرة الرابعة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية
العليا حيث قررت إحالتهما إلي هذه المحكمة لنظرهما أمامها , وتدوولا أمامها علي
النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 11/ 4/ 2015 حكمت المحكمة بوقف الطعنين
وإحالة أوراقهما بدون رسوم إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية
الفقرة الأخيرة من المادة (110) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظم الجامعات
فيما تضمنه من جزاء العزل لكل فعل فيه مخالفة لنص المادة (103) من ذات القانون
وذلك علي الوجه المبين بالأسباب .ونفاذا لذلك اُحيلت أوراق الطعنين إلى المحكمة
الدستورية العليا حيث قيدت بجدولها تحت رقم 166 لسنة 37 قضائية دستورية .
وبجلسة 2/ 2/ 2019 حكمت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 166
لسنة 37 قضائية دستورية برفض الدعوى .
ومن ثم اُعيدت أوراق الطعنين إلى هذه المحكمة مرفقا بها صورة طبق
الأصل من حكم المحكمة الدستورية , وتحدد للطعنين جلسة 1/ 6/ 2019 لنظرهما وتدوولا
على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ,وبجلسة 16/ 11/ 2019 قررت المحكمة إصدار الحكم
في الطعنين بجلسة 18/ 1/ 2020,وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21/
3/ 2020 لاستمرار المداولة , وفيها قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إدارياً لجلسة
اليوم , حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه لدي النطق به .
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أو ضاعهما المقررة قانوناً , فمن
ثم يكونا مقبولين شكلاً .
ومن حيث أن وقائع الطعنين تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن رئيس
قسم اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس حررت مذكرة مؤرخة 15/ 1/ 2013 لوكيل
الكلية للتعليم والطلاب مفادها أن هناك شكوي تقدم بها بعض أولياء أمور طلاب
بالفرقة الأولي يدعون وجود مكتبة تبيع ملزمة المراجعة النهائية لمادة جغرافية
فلسطين التي يقوم بتدريسها د. …… وأنه الذي قام بكتابتها , وأن الامتحان ورد
بالفعل من هذه الملزمة , كما أضاف الطلاب في شكواهم أن المكتبة بدأت توزيع ملزمة
المراجعة النهائية لمادة علم اللغة التي يقوم بتدريسها د …. المدرس بالقسم وأنه من
وضعها وأن الامتحان موجود بها , كما أضافت الشكوى بأن الطلاب أكدوا قيام هذين
الأستاذين بإعطاء دروس خصوصية , وبتاريخ 9/ 1/ 2013 تقدمت رئيس قسم اللغة العبرية
بشكوي ضد الدكتور ….. الأستاذ المساعد بالقسم مفادها أنه يقوم بإعطاء دروس خصوصية
ويقوم بإعطاء الامتحان للطلبة , وبتاريخ 17/ 1/ 2013 أشر رئيس الجامعة بضم تلك
الشكاوي وإحالتها للتحقيق بمعرفة أحد أساتذة كلية الحقوق بالجامعة حيث جري التحقيق
علي النحو المبين بالأوراق , وبتاريخ 14/ 4/ 2013 أصدر رئيس الجامعة القرار رقم
224 بإحالتهم لمجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة .
وبجلسة 1/ 1/ 2014 أصدر مجلس التأديب قراره في الدعوى التأديبية رقم
57 لسنة 2013 بمجازاة الطاعنين بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة .
وقد شيد مجلس التأديب قراره على أن الطاعنين قد تنكبوا جادة الصواب
وخرجوا علي الواجب الوظيفي المنوط بهم وخالفوا القانون والقواعد والتعليمات
والتقاليد الجامعية المعمول بها وثبت في حقهم بشهادة الشهود قيامهم بإعطاء دروس
خصوصية خلافاً لما تقرره المادة (103) من القانون رقم 49 لسنة 1973 بشأن تنظيم
الجامعات ، وقرر مجلس التأديب مجازاة كل منهم بعقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ
بالمعاش أو المكافأة إعمالاً لأحكام المادة 110/ 4 من قانون تنظيم الجامعات
وتعديلاته.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولاً لدى الطاعنين فى الطعن الأول ، فأقاما
طعنهما بالنعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ,
وشابه القصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال, تأسيساً على أسباب حاصلها , أنهما
يبديان الدفع بانقضاء الدعوى التأديبية وسقوطها بمضى المدة لأن الادعاء بإعطاء
الدروس الخصوصية كان فى العام الجامعى 2009/ 2010 وأن التحقيق اُجرى فى 5/ 1/ 2013
بعد أكثر من ثلاث سنوات وهو مالم يأخذ به مجلس التأديب , وأن الاتهام المسند
إليهما بشأن إعطاء الدروس الخصوصية غير صحيح لأن معنى الدرس الخصوصى أن يكون
لمجموعة من الطلاب فى مكان متفق عليه ولعدة مرات ولقاء مقابل متفق عليه وهو ما لم
يثبت من الأوراق , وكذلك جاء قرار مجلس التأديب مشوبا بالبطلان لمخالفة حيثياته
لوقائع التحقيقات , وإذ جاءت أقوال الطالبات متناقضة ومعظمها سماعى , وأن
التسجيلات التى اعتد بها مجلس التأديب غير مشروعة فهى إما صورة بلا صوت وإما صوت
بلا صورة , وأن تحريك الدعوى التأديبية يرجع إلى خصومة بين الدكتورة …… رئيس قسم
اللغة العبرية وبينهما التى ادعت بأن أولياء الأمور تقدموا بشكوى ولا يوجد توقيع
لهم ولا أسماء الشاكين , فضلا عن أن التحقيق انتهى إلى طرح جميع الاتهامات
المنسوبة للمحالين عدا تهمة اعطاء الدروس الخصوصية استنادا إلى أقوال الطالبات
التى جاءت متضاربة وتحريات الرقابة الإدارية التى كانت غير صحيحة ، وخلص الطاعنان
فى ختام تقرير طعنهما إلى طلباتهما سالفة البيان.
كما أن هذا القرار لم يلق قبولاً لدى الطاعن فى الطعن الثانى ، فأقام
طعنه نعياً على القرار المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ,
وشابه القصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال, تأسيساً على أسباب حاصلها , أنه
توجد خصومة بينه وبين الدكتورة ………… رئيس قسم رئيس قسم اللغة العبرية وصلت إلى حد
التربص به وتلفيق الاتهامات له ,وقد جاءت الأوراق والتحقيقات خالية من وجود دليل
مادى على صحة ما نسب إليه من اتهام بقيامه بإعطاء الدروس الخصوصية , إذ جاءت أقول
الطالبات متناقضة , كما جاء قرار الإحالة للتحقيق باطلا لقصور التحقيق قصورا
مبطلا, وأن الدكتورة المذكورة رئيس القسم هى التى أثارت الموضوع عبر وسائل الإعلام
ولم يتم سؤال العميد أو الوكيل , فضلا عن أن قرار مجلس التأديب مشوبا بالبطلان
لبطلان تشكيله حيث جمع الدكتور جميل عبد الباقى عميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس
بين سلطتى الاتهام والمحاكمة لأنه هو الذى حقق فى الموضوع , وأخيرا جاء قرار مجلس
التأديب المطعون فيه إخلالا بحق الدفاع , واعتمادا على تقرير هيئة الرقابة
الإدارية الذى احتوى على متناقضات عديدة ولا يسند إلى أى دليل .
وحيث إنه عن موضوع الطعن , فإن المادة (95) من قانون تنظيم الجامعات
رقم 49 لسنة 1972 وتعديلاته تنص على إنه على أعضاء هيئة التدريس أن يتفرغوا للقيام
بالدروس والمحاضرات والتمرينات العملية وأن يسهموا في تقدم العلوم والآداب والفنون
بإجراء البحوث والدراسات المبتكرة والإشراف على ما يعده الطلاب منها والإشراف على
المعامل وعلى المكتبات وتزويدها بالمراجع
وتنص المادة (96) من القانون على إنه : على أعضاء هيئة التدريس التمسك
بالتقاليد والقيم الجامعية الأصيلة والعمل على بثها في نفوس الطلاب، وعليهم ترسيخ
وتدعيم الاتصال المباشر بالطلاب، ورعاية شئونهم الاجتماعية والثقافية والرياضية.
وتنص المادة (103) من هذا القانون على إنه : لا يجوز لأعضاء هيئة
التدريس إعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل.
وتنص المادة (110) من القانون المذكور - والمستبدل فقرتها الثانية
بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 3 لسنة 2015 - على إنه : الجزاءات التأديبية التي
يجوز توقيعها على أعضاء هيئة التدريس هي:
1- التنبيه.
2- اللوم .
3- اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة أو تأخير التعيين في
الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر.
4- العزل عن الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
5- العزل مع الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع.
ويعاقب بالعزل عضو هيئة التدريس الذى يرتكب أى من الأفعال الاَتية : --
4- فعل يزري بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته وكرامته أو
فيه مخالفة لنص المادة (103) يكون جزاءه العزل.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع ناط بالجامعة - وفقاً لقانون تنظيم
الجامعات - الاختصاص بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذي تقوم به
كلياتها ومعاهدها في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، متوخية في ذلك
المساهمة في رقي الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد
بالمتخصصين والفنيين والخبراء في جميع المجالات وإعداد الإنسان المزود بأصول
المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم في بناء وتدعيم المجتمع وصنع
مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، بحسبان أن الجامعات بذلك معقلاً للفكر الإنساني في
أرفع مستوياته، ومصدر الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثروة
البشرية , فإن من أهم عملها واختصاصاتها مراعاة المستوي الرفيع للتربية الدينية
والخلقية والوطنية , وهو ما يفرض على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة
والسلوك القويم بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة لكونهم قدوة لطلابهم
يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم , وهو ما يقتضى حظر إعطاء
الدروس الخصوصية فى الجامعات لما فيه من الاتجار بالوظيفة والتربح منها , فإذا ما
خرج أحدهم عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية وتنكب بمسلكه وأفعاله وتصرفاته الطريق
القويم وأتى فعلاً مزريا بالشرف والاعتبار الذى يوازيه فى العقاب إعطاء دروس
خصوصية , فقد الثقة والاعتبار ويتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضاً ناصعا .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يشير إلى أن المحكمة الدستورية العليا
قضت فى الدعوى الدستورية رقم 166 لسنة 37 قضائية دستورية بجلسة 9/ 2/ 2019 - بعد
أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بموجب حكمها الصادر بجلسة 11/ 4/ 2015 فى
الطعنين الماثلين المقامين من الطاعنين ضد رئيس جامعة عين شمس - برفض الدعوى
ودستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 110 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم
الجامعات فيما تضمنه من جزاء العزل لكل فعل فيه مخالفة لنص المادة 103 من القانون
ذاته تأسيسا على أن دستورية النصوص القانونية التي يسنها المشرع في المجال
التأديبي يتحدد بمدى توازن الجزاء التأديبي المقرر مع الإثم الذي يقارفه العاملون
بالجهة الإدارية ، فينبغى أن يكون هذا الجزاء مبرراً بما يعد حقاً وعدلاً ، فلا
يكون بشططه حائلاً دون أداء العاملين لواجباتهم ، ولا بلينه أو هونه مؤدياً إلي
استهانتهم بها ، بل يكون مجرداً من الميل ، دائراً حول الملاءمة الظاهرة بينه ،
نوعاً ومقدراً ، وبين خطورة الفعل المعتبر ذنباً إدارياً ، وإلا كان تقدير المشرع
انحرافاً بالسلطة التأديبية عن أهدافها ، وبهذه المثابة فإنه ولئن كان الأصل أن
يتقرر أكثر من جزاء تأديبي للإثم الواحد كى تقدر السلطة التأديبية المختصة بتوقيعه
ما يكون مناسباً من بينها ، إلا أنه لا ضير من أن يختص المشرع إثما بعينه بجزاء
بعينه ، مادام قد استهدف في ذلك المصلحة العامة وحدها ، وكان الجزاء متناسباً مع
خطورة الإثم المرتكب ، ودون أن يشوب تقديره غلو أو تفريط .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يقرر أن الدستور نص في المادة 19 منه على
أن يكون التعليم حقا لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية
الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار،
وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز،
بما يوجب عدم التفرقة بين الطلاب الأثرياء والطلاب الفقراء في النهل من العلم الذى
هو مناط تجريم الدروس الخصوصية , ذلك أن العملية التعليمية التى يتولاها أساتذة
الجامعات يجب أن يقوم بنايتها على أساس صلب متماسك، نحو رحابة آفاق العلوم متوازية
مع أصول مناهجها التربوية ، تعبيرا عن حقائق العصر ومعطياته، وبتكامل الشخصية
الإنسانية التى يتشكل منها وجدان شباب الأمة ، وبإنماء التقاليد التربوية والخلقية
والثقافية وتكريسها للطلاب ليرسموا في داخلهم ألوانا من فنون الإبداع , وهو مالم
يمكن تحقيقه إلا إذا التزم أساتذتهم بالمعايير المهنية التي التزمتها الأمم المتحضرة
تأمينا لتعليم جيد للأجيال تنهض به الأمة لتحقق آمالا لا ينحصر لها محيط ، ولا
تمتد لحيزها فراغ ، فإذا تنكب بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات طريق الاستقامة
، وقد وسد القانون لهم أمانة تنشئة شباب الوطن ، وغرس قيم الحق والعدل في عميق
وجدانه ، توطئة فى المستقبل القريب لحمل أمانة النهوض بالبلاد ، وإذا ما استباحوا
هدم القيم الجامعية الأصيلة ، سعيه وهو ظالم إلي إعطاء الدروس الخصوصية ، مهدرا
بذلك مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب محدثا ميزة لطلابهم الأثرياء على حساب
كفاءة نظرائهم الفقراء كان مسلكهم فى هذا الطريق المعوج الموحل كالح السواد أثره
الوبيل على مستقبل شباب الأمة ،وهم يرون بأعينهم أن معيار التعلم والنجاح لم يعد
يعتمد على الكفاءة والجدارة والاستحقاق ولم يقم وزنا للموهبة والكد والمثابرة
والجد وإنما اعتمد على مجرد المقدرة المالية ، فتتحول العملية التعليمية إلى صحراء
جرداء وهجير لافح، ليس فيها ظل العلم ولا رواء التربية ولا مأوى الفضيلة , ويضحى
علمُ أضاعَ جوهرَه الفقرُ وجهلٍ غَطىَّ عليه الثراءُ , و يكون لا ريب فعل اَثيم
جزاؤه العزل من الوظيفة الجامعية التى تسعى غاياتها لتحقيق المصلحة العامة وحماية
أمن عقول الشباب والمجتمع .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يقرر كذلك أن الدستور حرص فوق هذا وبنص
المادة 21 منه , على أن تكفل الدولة استقلال الجامعات ،وتوفير التعليم الجامعي
وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعى وتكفل مجانيته فى
جامعات الدولة ومعاهدها وفقا للقانون , وعلى القمة من مظاهر مجانية التعليم حظر
إعطاء الدروس الخصوصية بالجامعات التى تحوط لها المشرع في المادة 103 من قانون
تنظيم الجامعات المشار إليه , ورصد عقوبة العزل لها وفقا للمادة 110 لأعضاء هيئة
التدريس الذين يرتكبون جُرم إعطاء الدروس الخصوصية لخطورتها على تخريب التعليم
الجامعى من ناحية , وتمييزا لفئة الطلاب الأثرياء القادرين على تكاليف هذا الجُرم
, عن الطلاب الفقراء ومحدودى الدخل من ناحية أخرى , مما يستنهض عدل هذه المحكمة من
منصتها العالية متوخية بذلك أن تتكامل العملية التعليمية في وسائلها وغاياتها ،
وأن تتعدد روافدها لتكون نهرا متصلا يتجدد ماؤه ولا يغير مساره ، ليكون رواء ماؤه
تلك القيم والتقاليد الكامنة في أعماق بيئتها الجامعية ، وتعبيراً عن المصالح
والأسس التي يقوم عليها تثبيتا لها، وتعميقا لمضمونها , وهو ما يفرض على أولى
الأمر بالجامعات ألا يقفوا من ظاهرة الدروس الخصوصية موقفا سلبيا ، وإنما حملهم
القانون مسئولية مجابهتها والإصرار عليها .
ومن حيث إن التعليم يعد حجر الزاوية في بناء المجتمعات المتحضرة
لاتصالها بآمال النشء وطموحاتهم، وارتباطها بمصالح الدول ومقاييس تقدمها، وهو ما
يوجب على الجامعات أن تهيمن على عناصره الرئيسية ، وأن توليه رعايتها، وأن توفر
لدور التعليم - وبقدر طاقتها - شرايين الحياة الجوهرية التي لا تقوم إلا بها، وأن
يكون جهد أساتذتها في البناء التعليمى للطلاب داخل قاعات الدرس لا خارجه ، تعبيرا
عن اقتناعها بأن ثماره عائدة في منتهاها إلى الأمة , وأنها بيد أعضاء هيئة التدريس
بها ليكون اضطلاعهم بالمسئولية مستقبلا منتجا وفعالا، وتعميقا لمشاعر الانتماء
للوطن ، يتمخض إلهاما للضمائر الجامعية ، وشحذا للهمم نحو ما ينبغي أن يكون نهجا
قويما للعمل الجامعى ، استعادة لتلك القيم التربوية التى تأبى أن يكون جهد
أساتذتها انحرافا بالدروس الخصوصية عن غاياتها , بل تكون المثل العليا التي يكون
غرسها وإيقاظها في نفوسهم عملا يؤول مصيره لصالح طلابهم ، مشكلا عقولهم ومحددا
معالم الطريق تجاه وطنهم ، فلا يرون قدوتهم في الجامعة تنحدر إلى الاتجار بإعطاء
دروس خصوصية فيتخاذلون ويمارون و يفرطون فى كل القيم والمثل التى كان يجب غرسها في
نفوسهم .
ومن حيث إن التعليم الجامعى فوق هذا يعد هؤلاء الفتية للحياة ويدربهم
على مواجهة صعابها ، وهم أسوياء بالتعليم داخل أسوار الجامعة لا خارجها ، يتوافقون
به مع بيئتهم، ويندمجون في مجتمعاتهم، فلا يسعون لغير مظاهر التفوق إصرارا ، ليكون
التعليم دوما حقا أصيلا لا تجد الأهواء فرص النفاذ إليه ، ولا تمليها نزوة عابرة
بدرس خصوصى فيقيد من مدى حقهم اعتسافا ، بل يكون لجميع الطلاب داخل قاعات
المحاضرات محددا وفق أسس موضوعية تستقيم بها متطلبات ممارسة هذا الحق، فلا يكون
التعليم على ضوئها شكليا بلا مضمون ، ، بل يكون ملبيا للأغراض التي يتوخاها
الدستور على ضوء نظرة كلية تكفل الارتقاء بالمجتمع حضاريا ، ولا ريب أن جُرم
الدروس الخصوصية تنال من مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب في الصميم , ويقضى على
مواهبهم وقدراتهم ، فتنعدم قدرة الجامعات على الاتصال المنشود بطلابها والتأثير
فيهم وجذبهم إليها ، وإشرابهم تلك القيم والمثل التي تمليها المصالح الحيوية في
درجاتها العليا. ذلك أن العملية التعليمية يجب أن تتكامل عناصرها ، فلا يجوز
المساس بها عن طريق فتح باب انحراف الدروس الخصوصية فتنفصل بعض أجزائها عن البعض ،
وتنهار الحماية التي كفلها الدستور للحق في التعليم، ومن شأنها الإخلال بركائز
التعليم وخلق تمييز غير مشروع بين الطلاب ، غير مستند إلى جدارتهم وهى المعيار
القويم للأمم المتحضرة .
ومن حيث إن المواثيق الدولية حرصت على إرساء التكافؤ في الفرص
والمعاملة المتساوية بين الطلاب في مجال التعليم , فالإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، يؤكد في ديباجته، أن الحقوق المنصوص عليها فيه، مرجعها إيمان شعوب الأمم
المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان، وبقيمة كل فرد وكرامته، وضرورة أن يعامل مع
غيره وفقا لمقاييس تتكافأ مراكزهم القانونية بشأنها , وكان من بين هذه الحقوق، تلك
المنصوص عليها في المادة 26 من هذا الإعلان في شأن التعليم، فقد جاء نصها صريحا في
أن لكل إنسان حقا فيه، ولا يتاح التعليم العالي إلا على أساس من الجدارة
والاستحقاق، وهو النهج الذى تناقضه أهداف الدروس الخصوصية وتؤكد المادة 13 من
العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أن التعليم حق ينبغي أن
يكون موجها نحو التطوير الكامل للشخصية الإنسانية، معززا الاحترام لحقوق الإنسان
وحرياته الأساسية، مقترنا بضمان حق الناس جميعا في مجال الإسهام الفعال في بناء
مجتمعاتهم الحرة، وهى حقوق وضمانات تنهار بإعطاء الدروس الخصوصية الذى يخرج
بالتعليم خارج الحرم الجامعى وأروقته , فتتكون شخصية الطالب على غير ما تهدى إليه
القيم الجامعية ويتنكب السبيل إلى تحقيق أهداف التعليم الجامعى .
كذلك يبين من الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم
المتحدة للتربية والشئون العلمية والثقافية في 14 ديسمبر 1960 في شأن مناهضة
التمييز في مجال التعليم.Convention against
discrimination in education adopted on 14th December, 1960, by the General
Conference of The United Nations Educational, Scientific and Cultural
Organization (UNESCO) إن هذا التمييز، يمثل انتهاكا للحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان، وإن منظمة اليونسكو، تؤكد أن احترامها للتنوع في النظم التعليمية
الوطنية، لا يجوز أن يخل بالتزامها - ليس بتحريم أشكال التمييز في نطاق التعليم
على اختلافها فحسب - بل كذلك بالعمل على إرساء التكافؤ في الفرص والمعاملة
المتساوية على صعيد التعليم، ذلك أن أشكال التمييز - على تباينها - تكتنفها مخاطر
بعيدة آثارها. وكان لازما بالتالي أن يتناولها تنظيم دولي، يكون منهيا لصورها غير
المبررة. وهو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من الاتفاقية الآنف
بيانها، ذلك أن التمييز وفقا لحكمها يعني كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد أو تفضيل
يستند إلى لون الأشخاص أو جنسهم أو لغتهم أو عقائدهم أو آرائهم، أو أصلهم الوطني
أو الاجتماعي أو حالتهم الاقتصادية وهو ما يظهر جليا في أساس الدروس الخصوصية
ومبعثها خاصة أن هذا التمييز يتوخى إلغاء المعاملة المتكافئة بين الطلاب داخل
قاعات الدرس .
وحيث إنه قد بات مستقرا أن الحقوق الأساسية للإنسان لا تستمد من صفته
كمواطن في بلد ما فحسب ، بل مردها إلى الخصائص التي تميز الشخصية البشرية وتبرر
بالتالي حمايتها وطنيا ودوليا، وكانت الدساتير المصرية جميعها بدءا بدستور سنة
1923 وانتهاء بالدستور القائم، ترد المواطنين جميعا إلى قاعدتين متلازمتين ،
حاصلهما مساواتهم أمام القانون وتكافؤ الفرص فيما بينهم خاصة في مجال التعليم ،
باعتبارهما قواما للعدل وجوهرا للحرية والسلام الاجتماعي، لذا فإن جُرم إعطاء
الدروس الخصوصية في الجامعة تمثل إخلالا بالحق في التعليم وبالتضامن الاجتماعي،
فليس لفريق من الطلاب لثرائهم أن يتقدموا على غيرهم من الزملاء انتهازا، ولا أن
ينالوا قدرا من المزايا غير المشروعة يكونوا بها - عدوانا - أكثر علوا من فقرائهم
، فيتميزن عن بعضهم بهتانا، لذا كان جُرم الأستاذ الجامعى الذى يخون الأمانة
والثقة ويعطى دروسا خصوصية جرما جائرا في حق الوطن وطلابه , ولا يعدو أن يكون
تمييزا على أساس من الحالة الاقتصادية في مجال مباشرة حق التعليم الذى كفله
الدستور للمواطنين جميعا على السواء ، لينحل تمييزا منهيا عنه دستوريا، ذلك أن
تكافؤهم في الشروط الموضوعية التي يتم على ضوئها اجتياز الامتحانات يقتضى بالضرورة
تعادلهم في مجال الانتفاع بعلم أساتذتهم داخل قاعات الدرس المتصل بالعملية التعليمية
لا بدروس خصوصية خارج قاعات الدرس والتحصيل فيختل الميزان ويضطرب مؤشره .
ومن حيث إنه لما كان كل ما تقدم , وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على
أنه متى ثبت أن المحاكم التأديبية وما في
حكمها كمجالس التأديب قد استخلصت النتيجة
التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، وكان تكييفها
للوقائع تكييفاً صحيحاً وسليماً، وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه
قضاءها، فإنه لا يكون هناك مجال للتعقيب عليها، ولا يجوز لمن قضت المحكمة
التأديبية أو مجلس التأديب بمجازاته معاودة الجدل في تقدير أدلة الدعوى التأديبية
ووزنها أمام المحكمة الإدارية العُليا، ذلك أن وزن الأدلة وما يستخلص منها هو من
الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة أو مجلس التأديب مادام التقدير قد جاء
سليماً والتدليل سائغاً، دون أن ينال من ذلك مقولة عدم الرد على بعض أوجه الدفاع
بحسبان أن حكم أول درجة ليس ملزماً بتعقب دفاع المحال في وقائعه وجزئياته للرد على
كل منها، مادام قد أبرز إجمالاً الحجج التي كونت عقيدته مطرحاً بذلك ضمناً
الأسانيد التي قام عليها دفاعه.
كما استقر قضاء هذه المحكمة أيضاً أنه مِن الأُصول المُقرَّرة أنَّ القاضي
التَّأديبي يَتَمتَّع بحُرِّية كاملة في مجال الإثبات، ولا يلتزم بطريقة معيَّنة،
وله أن يحدِّد بكل حُرِّية طُرُق الإثبات التي يَقبَلها، وله أن يَستَنِد على ما
يرى أهميته ويبني اقتناعه، وأن يُهدر ما يرى التَّشكِيك في أمره ويَطرحه من
حساباته ، فاقتناع القاضي التَّأديبي هو سَنَد قَضائِه دون التَّقيُّد بمُراعاة
استيعاب طُرُق الإثبات أو أوراقه.
ومن حيث إنه إعمالا لما تقدم , ومتى كان الثابت بالأوراق أن أ.د …..
رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الأداب جامعة عين شمس حررت مذكرة بتاريخ 5/ 1/ 2013
لوكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب مفادها أن هناك شكوي تقدم بها بعض أولياء أمور
الطلاب بالفرقة الأولي يدعون وجود مكتبة تبيع ملزمة المراجعة النهائية لمادة
جغرافية فلسطين التي يقوم بتدريسها الدكتور / ………….. - الطاعن الأول فى الطعن
الأول - وهو الذي قام بكتابتها , وأن الامتحان أتي بالفعل من هذه الملزمة , كما
أضافت أن الطلاب في شكواهم أكدوا بأن المكتبة بدأت توزيع ملزمة المراجعة النهائية
لمادة علم اللغة التي يقوم بتدريسها الدكتور / ………. المدرس بالقسم - الطاعن الثانى
فى الطعن الأول - وأنه من وضعها وأن الامتحان موجود بالملزمة , كما أضافت رئيس قسم
اللغة العبرية أنها انتظرت حتي جاء موعد الامتحان لمادة علم اللغة يوم السبت 5/ 1/
2013 وتأكدت من وجود إجابات أسئلة الامتحان في هذه الملزمة ، وأن الطلاب في شكواهم
أكدوا قيام هذين الأستاذين بإعطاء دروس خصوصية في المواد التي يقومان بتدريسها ,
فضلاً عن تلاعب د / …………. في درجات الطلاب بالكنترول وأنه يبيع أسئلة الامتحان.
وبتاريخ 9/ 1/ 2013 تقدمت رئيس قسم اللغة العبرية بمذكرة ثانية تنطوي
علي اتهامات من أحد الطلاب منسوبة للدكتور / ……….الأستاذ المساعد بالقسم - الطاعن
فى الطعن الثانى - مفادها أنه يقوم بإعطاء دروس خصوصية ويقوم بإعطاء الامتحان
لطلاب تلك الدروس ، وقد تم إحالة الشكاوى إلي رئيس الجامعة في 8/ 1/ 2013 ,
وبتاريخ 17/ 1/ 2013 قام بالتأشير علي تلك الشكاوي بإحالتها للتحقيق بمعرفة أحد
الأساتذة أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة عين شمس حيث اُجري التحقيق علي
النحو المبين بالأوراق .
وبسؤال أ. د ……….. - رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الأداب جامعة عين
شمس - أفادت بأن هناك مذكرة وصلت إليها تتضمن اتهام د / ………….. ، د / …………….
بأنهما يقومان بإعطاء دروس خصوصية وبتسريب الامتحان ، وقررت أنها تعلم ما هو منسوب
إليهما منذ فترة طويلة مبررة عدم إبلاغها عن تلك التجاوزات بأنها لم تكن رئيسا
للقسم , فضلاً عن علم عميد الكلية بها ومن ثم لم يكن من الضروري إبلاغه بتلك
الوقائع .
وبسؤال الطالبة ………. خريجة القسم العبرى بكلية الأداب جامعة عين شمس
فى العام الجامعي 2011/ 2012 والتي تقدمت بعشرة أوراق تحمل محادثات عديدة تمت
بينها وبين د / ……… - الطاعن فى الطعن الثانى - علي موقع التواصل الاجتماعي فيس
بوك أكدت أن د / ……… كان يقوم بإعطائها درساً خصوصياً منذ الفرقة الثانية وحتي
الفرقة الرابعة مع أربع طالبات أخريات مقابل ألف جنيه من كل طالبة عن المادة
الواحدة , وأضافت أن الدكتور المذكور ن كان يعطيها بعض الموضوعات التي يأتي منها
الامتحان , و كان يُطمئن من يأخذ معه درساً خصوصياً بمراعاته في الكنترول باعتباره
رئيس الكنترول .
وبسؤال الطالبة / …………………. بالفرقة الرابعة فى العام الجامعى 2012/
2013 قررت أن د / ………………. يعطي دروساً خصوصية وأنه يعطي الطلاب الذين يحصلون علي
درس خصوصي أسئلة الامتحان وأنها تتحصل عليها من بعض زميلاتها وأنه يطلب منهم وضع
علامات بكراسة الإجابة ليسهل لهم الحصول علي تقديرات أعلي , وأنها تقدمت بشكوي
بهذا المضمون إلي رئيس قسم اللغة العبرية المذكورة لإزالة الفساد التي تحس به ويحس
به معظم الطلاب .
وبسؤال الطالبة / …………….. بالفرقة الثالثة فى العام الجامعى 2012/
2013 أفادت أنها أخذت درساً خصوصياً عند د / ……………… في الفرقة الأولي في مادة
تاريخ اليهود مقابل 300 جنيه ثلاثمائة جنيه ومكان الدرس هو منزل الطالبة ……………..
بجسر السويس في الفرقة الثانية مع الطلاب ……………………………. ، وفي التيرم الثاني أخذت
معه درساً خصوصياً في مادة فرق وطوائف مقابل ألف جنيه , وأضافت الطالبة المذكورة
أن د / ……… كان يعطيهم ثلاث محاضرات فقط تتضمن أسئلة الامتحان .
وبسؤال الطالبة ……….. الطالبة بالفرقة الثالثة فى العام الجامعى 2012/
2013 أفادت بأنها أخذت درساً خصوصياً مع د / ………. في مادة تاريخ اليهود بالفرقة
الثانية في منزل إحدي البنات بجسر السويس مقابل 400 جنيه أربعمائة جنيه وإنه قام
بتحديد أماكن أسئلة الامتحان وإجاباتها في الكتاب ، فضلاً علي إنه أعطي لها ملزمة
بالعبري وقرر أن ترجمتها موجودة في مركز تل أبيب للتصوير .
وبسؤال الطالبة ………….. بالفرقة الرابعة فى العام الجامعى 2012/ 2013
أفادت بأنها حصلت علي درس خصوصي لدي الدكتور / ………… أربع مرات , وأنه كان يعطيها
أسئلة الامتحان ، وأنه بالنسبة للدكتور / هاني عبد العزيز فقد أعطي لها درس خصوصي
في مادة قراءة ومحادثة مقابل ثلاثة ألاف جنيه , فضلاً عن ابتزازه لها بحصوله منها
علي جهاز لاب توب وأيضاً جهاز محمول نوكيا , وقد رضخت لذلك الابتزاز حرصاً علي
مستقبلها وخشية أن ترسب باعتباره أستاذ المادة ويعمل بالكنترول ، وأضافت بأنها
أخذت درساً خصوصياً أيضا مع د / ……………. وأنه كان يعطيها أسئلة الامتحان .
وبسؤال الطالبة ………. عن مضمون السي دي الذي قدمته بالتحقيقات أفادت
بأنه يحتوي علي عدة تسجيلات صوتية ومقطع فيديو يفيد تواجد د / أحمد محمد عبد
الرحمن في منزلها وقيامه بإعطائها درساً خصوصياً هي وبعض زميلاتها ، وفي تسجيل أخر
يتضمن شرحاً لموضوعات الامتحان يقوم به أثناء شرحه في الدرس الخصوصي .
وبسؤال الطالب / ………… بالفرقة الرابعة عبري فى العام الجامعى 2012/
2013 أفاد أنه أخذ درساً خصوصياً لدي د / ………. في مادة جغرافيا فلسطين ، في التيرم
الأول ، في السنة الأولي نظير مبلغ 300 جنيه ، وفي التيرم الثاني في مادة تاريخ
اليهود نظير مبلغ 300 جنيه ، وفي الفرقة الثانية حصل علي درس خصوصي في مادة تاريخ
اليهود مقابل 500 جنيه .
ومن حيث إنه عن المخالفة المنسوبة للطاعنين الأول والثانى فى الطعن
الأول والطاعن فى الطعن الثانى من قيام الثلاثة بإعطاء دروس خصوصية علي خلاف الحظر
الوارد بالمادة (103) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972
التى حظرت على أعضاء هيئة التدريس اعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل , فهى ثابتة
في حقهم ثبوتاً يقينياً على نحو ما شهد به الطلاب المذكورين سلفا ممن سمعت أقوالهم
فى التحقيقات , وقد تواترت أقوالهم بما يكشف عن صحة إسناد الواقعة محل المخالفة
لهم ، وقد تنكبوا جادة الصواب وخرجوا علي الواجب الوظيفي الجامعى المنوط بهم
وخالفوا القانون بما يمليه من الحرص على التقاليد الجامعية و ثبت في حقهم بيقين
قيامهم بإعطاء دروس خصوصية خلافاً لما تحظره المادة (103) المشار إليها ،وإزاء ما
ثبت ووقر فى يقين المحكمة بحق وعدل ويقين في شأن الطاعنين الثلاثة فى الطعنين
الماثلين , فإن المحكمة لا تملك فى حدود ولايتها قصاصاً منهم سوى عزلهم من الوظيفة
إعمالاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 110 من قانون تنظيم الجامعات والتي تقضي
بأن كل فعل فيه مخالفة لنص المادة 103 التى تحظر إعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير
مقابل , يكون جزاؤه العزل , ويكون ما ذهب إليه مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس
بجامعة عين شمس من مجازاة الطاعنين الثلاثة بعقوبة العزل من وظائفهم الجامعية مع
الاحتفاظ لهم بالمعاش أو المكافأة متفقا وحكم الفقرة الأخيرة من المادة 110 من
قانون تنظيم الجامعات مطابقا لحكم القانون لا تثريب عليه .
ومن حيث إن المحكمة تسجل فى حكمها أن ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية في
الجامعات المصرية مرض عضال ينهش في جسد التعليم الجامعى , وكارثة تعليمية وتربوية
تهدد بنسف منظومة التعليم الجامعى لتعارضها مع تقاليد وأصول المنهج الجامعى الذي
يرتكز في الأساس على تنمية قدرة الطالب على البحث عن المعلومة , فضلاً عما فيه من
النأى بالطالب خارج الحرم الجامعى لتلقى علومه وهو أمر جد خطير لما فيه من غرس قيم
سلبية في مرحلة التكوين العلمى والفكرى ويفت في عضد انتمائه لمجتمعه ووطنه وجامعته
بما يجعله عرضة لأنواء الأمراض الاجتماعية التى يمكن أن تترك ندوباً على وجه الوطن
يحتاج إلى البرء منها سنين عددا ، وسوف تؤدى هذه الظاهرة إذا لم تلق العناية
الكافية من المجلس الأعلى للجامعات إلى انهيار التعليم الجامعي وضعف خريجيه مما
يلزم معه على رؤساء الجامعات العمل على ايجاد نظام حقيقى للرقابة الفعلية على
أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والمتابعة الواقعية التى تؤدى إلى القضاء على تلك
الظاهرة , وكذلك العناية بأهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمة،
وابتكار ما يتوافق منها مع ما يُمكن الطالب من تفاعله مع المحاضر , خاصة وأن
المادة 19 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أناط بالمجلس الأعلى للجامعات
من بين اختصاصاته كل ما يتعلق بمسائل التعليم في مستوياته ونوعياته المختلفة ووضع
النظم الخاصة بتقويم وتطوير الأداء الجامعي , ولا ريب أن الدروس الخصوصية على
القمة من مهام المجلس الأعلى للجامعات للوصول بالتعليم الجامعى إلى مرتبة الجودة ,
ذلك أن النصوص القانونية لا تكفى وحدها ما لم تحظ بتطبيق فعال ممن ناط بهم القانون
لتنفيذ قواعده للقضاء على تلك الظاهرة التى أساءت للتعليم الجامعى المصرى صاحب
الصدارة والريادة فى المنطقة العربية والإفريقية.
ولا يغير من ذلك ما تذرع به الطاعنون من سقوط الدعوي التأديبية قبلهم
بمضى أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفة طبقاً لأحكام المادة (91) من
قانون تنظيم العاملين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 التى تنص علي أن تسقط الدعوي
التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب
المخالفة -- وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو
المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من أخر إجراء فذلك مردود بأن المخالفة
المنسوبة للطاعنين وهي إعطاء دروس خصوصية قد وقعت في العامين الجامعيين 2011/ 2012
، 2012/ 2013 ، وكان بدء التحقيق في 23/ 1/ 2013 على نحو ما ثبت بأقوال الطالبات
الواردة بالتحقيقات , ومن ثم لم ينقض سنوات ثلاث من تاريخ ارتكاب المخالفة , مما
يتعين معه طرح هذا الدفع .
كما لا يغير من ذلك ما ذكره الطاعنون من أن أقوال الطالبات متناقضة
ومعظمها سماعى , ذلك أن المحكمة قد استبعدت من يقينها كل شهادة سماعية واقتصرت
قناعتها على الطالبات والطلبة الذين أقروا جميعا وعلى وجه التفصيل - على نحو ما
سلف بيانه - بصحة الواقعة وأنهم تلقوا بصفة مباشرة دروسا خصوصية على يد الطاعنين ,
بحسبان أن القاضي التأديبي يتمتع بحرية كاملة في مجال الاثبات ولا يلتزم بطريقه
معينة فله أن يحدد بكل حرية طرق الأثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها
وفقاً لظروف الدعوي المعروضة عليه وله أن يستند إلي ما يري أهميته ويبني عليه
اقتناعه وأن يهدر ما يري التشكيك في أمره ويطرحه من حسابه فاقتناع القاضي التأديبي
هو سند قضائه .
ولا ينال مما تقدم , ما ذكره الطاعنون من أن تقرير هيئة الرقابة
الإدارية غير صحيح و احتوى على متناقضات عديدة ولا يستند إلى أى دليل , ذلك إلى أن
المحكمة اطمأنت إلى سماع أقوال الطلاب الذين أقروا بصحة واقعة إعطاء الطاعنين
لدروس خصوصية لهم مما ينبئ عن أن تحريات هيئة الرقابة الإدارية قد صادفت الحقيقة
والواقع وجاءت تحرياتها دقيقة في ضوء ما ورد بالمادة (2) من القانون رقم 207 لسنة
2017 فى شأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة
الإدارية من منح تلك الهيئة الاختصاص بكشف وضبط الجرائم التى تستهدف الحصول على أو
محاولة الحصول على أى ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدنيين
أو أحد شاغلى المناصب العامة بالجهات المدنية أو اسم إحدى الجهات المدنية المنصوص
عليها بالمادة (4) من هذا القانون.
كما لا يوهن من سلامة هذا النظر , ما ساقه الطاعنون من وجود خلاف
بينهم وبين د / ……….. رئيس قسم اللغة العبرية أنذاك دفعها إلي محاولة النيل منهم ،
فذلك مردود بأن الدكتورة المذكورة اقتصر دورها على دور المبلغ للجامعة عما خطه
الطلاب ضد الطاعنين من وقوع جُرم إعطاء الدروس الخصوصية لهم , وهو من أخص واجباتها
ومسئولياتها كرئيس لمجلس قسم اللغة العبرية, ولم تشترك فى أى إجراء من إجراءات
التحقيق , وفضلا عن ذلك فإن الادعاء بوجود خصومة بينها وبين الطاعنين محض قول مرسل
دون دليل يؤيده فى عيون الأوراق التى خلت من ثمة دليل جدى على الخصومة بينهم
وبينها تلقى بظلالها على موضوع الطعنين .
ولا ينال مما تقدم أخيرا , ما ذكره الطاعنون من بطلان قرار مجلس
التأديب لبطلان تشكيله حيث جمع الدكتور جميل عبد الباقى عميد كلية الحقوق بجامعة
عين شمس بين سلطتى الاتهام والمحاكمة لأنه هو الذى حقق فى الموضوع , فذلك مردود
بأن الثابت بالأوراق أن الذى حقق فى موضوع المخالفة محل الطعنين الماثلين هو
الدكتور طه عوض غازى وكيل كلية الحقوق لشئون الدراسات العليا والبحوث ومن ثم يضحى
قولهم لا يستأهل فى الحق ذكرا , مما يغدو معه الطعنان لا سند لهما من القانون ولا
ظل لهما من الواقع متعين رفضهما .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعنين شكلاً , ورفضهما موضوعاً .
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 21 من شوال
لسنة 1441 هجرية ، الموافق 13/ 6/ 2020 ميلادية , بالهيئة المُبِينة بصدره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق