الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 25 مايو 2025

الطعن 13645 لسنة 91 ق جلسة 8 / 2 / 2023

باسم الشعب
محكمة النقـــض
الدائــرة الجنائيـــة
دائرة الأربعاء (ب)
ـــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / حازم عبـد الرؤوف دخيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشـارين / حاتم حميـدة أحمد أنور الغرباوي وأحمد مصطفى عبد الفتاح نواب رئيس المحكمة وجورج إميل الطويل
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد محمد البارودي.
وأمين السر السيد / أحمد لبيب.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 17 من رجب سنة 1444هـ الموافق 8 من فبراير سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 13645 لسنة 91 القضائية
المرفوع من
................... " محكوم عليه ــــ طاعن "
ضــد
النيابة العامة " مطعون ضدها "
-----------------
" الوقائــــع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ......... لسنة ٢٠٢٠ قسم ثان سوهاج (المقيدة بالجدول الكلي برقم ........ لسنة ۲۰۲۰ شمال سوهاج).
بأنه في غضون شهر أكتوبر ۲۰۱۹ بدائرة قسم ثان سوهاج ــــ محافظة سوهاج.
ــ هدد المجني عليها ......... كتابة بإفشاء أمور مخدشة للشرف والاعتبار، وكان ذلك التهديد مصحوباً بطلب حصوله على مبلغ مالي.
ـ حصل بالتهديد على إعطائه مبلغ مالي من المجني عليها ..... على النحو المبين بالتحقيقات.
ــ سب المجني عليها ...... عن طريق التليفون على وجه مخدش للشرف والاعتبار وطعناً في عرضها وسمعتها.
ـ اصطنع حساباً خاصاً على موقع فيس بوك بشبكة التواصل الاجتماعي ونسبه زوراً للمجني عليها المذكورة واستخدمه في أمر يسئ إليها على النحو المبين بالتحقيقات.
ــ انتهك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها ...... بأن أرسل إليها رسائل إلكترونية دون موافقتها ونشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أخباراً وصوراً تنتهك خصوصيتها ودون رضاها على النحو المبين بالتحقيقات.
ـ أساء استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة ٣ من يوليه سنة ۲۰۲۱ عملاً بالمواد ١٦٦مكرراً، ۳۰۸، ٣٠٨مكرراً/٣،٢، 326 /1، 327 /1 من قانون العقوبات والمواد ۱، ۱۲، 24 /2،1، ٢٥ من القانون رقم ۱۷٥ لسنة ۲۰۱۸ والمواد ۱، 5 /5،4، 13 /7، 70 /1، 76/ 1 بند 3 من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ مع إعمال المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات ــــ بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وألزمته المصاريف الجنائية وأمرت بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 15 من أغسطس سنة 2021، وبذات التاريخ أودعت أسباب طعنه موقعاً عليها من محامٍ مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
-----------------
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التهديد بإفشاء أمور خادشة للشرف عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) المصحوب بطلب، واصطناع حساب مزور على ذلك الموقع بغرض الإساءة، والسب والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها، ولم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة، ولم يشر إلى مواد القانون التي دانه بمقتضاها، ولم يستظهر أركان جريمة التهديد بركنيها المادي والمعنوي رغم عدم توافرها في حقه لشواهد عدة، وخلا من بيان عبارات السب، وأحال في بيان شهادة الشاهدة الثانية إلى مضمون ما حصله من شهادة المجني عليها رغم اختلاف أقوالهما، معتنقاً تصويرهما للواقعة رغم كذبهما وتناقض أقوالهما دون أن يعرض لدفعه في ذلك الشأن، وعول على تحريات الشرطة رغم تمسكه بعدم جديتها وعدم اختصاص مجريها ولائياً بإجرائها، فضلاً عن دفعه ببطلان الفحص الفني الذى أجراه الضابط لحسابات الطاعن على مواقع التواصل الاجتماعي لحصوله دون إذن من النيابة العامة ولعدم تحليفه اليمين قبل إجراءه، ولكونه ليس من خبراء وزارة العدل، وأورد الحكم في تحصيله واقعة الدعوى أن الشيطان هيأ للطاعن أن يستحصل على أموال لسد حاجته بغير سند من الأوراق، واستند في إدانته إلى جزء من أقوال شاهدي النفي مما مسخها وغير فحواها، في حين أنه أطرحها في مواضع أخرى، ولم تجبه المحكمة إلى طلباته التي أبداها على سبيل الاحتياط بمناقشة المجني عليها وشاهدة الإثبات الثانية وسماع الشهود الذين سماهم والاستعلام من شركات المحمول عن المكالمات والرسائل التي تمت بينه وبين المجني عليها خلال الفترة من عام ٢٠١٦ حتى عام ٢٠١٩، كما لم تطلع على صور الرسائل الإلكترونية المقدمة من المجني عليها في حضور الطاعن والمدافع عنه ولم ترد على جحد الطاعن لها، والتفتت عن باقي أوجه دفاعه، وأعمل الحكم المادة 32 من قانون العقوبات في حق الطاعن وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد دون أن يفصح عن هذه الجريمة، وخلا من اسم المدعية بالحقوق المدنية وصفتها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وإيصال الإيداع النقدي في حسابه البنكي وأورد مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض الحكم لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها الماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة. لما كان ذلك، وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة العقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور الذي رمى به الحكم يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت، أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن بها بقوله (الأمر الذي يتعين معه وعملاً بنص المادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبته بالمواد ١٦٦ مكرر، 3۰۸، 308 مكرر/3،2، 326/1، 327/1 من قانون العقوبات والمواد 1، 12، 24/2،1، 25 من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ والمواد 1، 5/5،4، 13/7، 70/1، 76/1 بند 3 من القانون 10 لسنة 2003) فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى عبارات التهديد بما مجمله "أن المتهم استغل علاقة ربطت بينه وبين المجني عليها وقام بتهديدها بنشر صور فاضحة لها تم تصويرها إبان تلك العلاقة وطلب منها مبلغ مالي مقابل عدم نشره لها" واستدل الحكم على ذلك بأقوال المجني عليها وشهادة .... وأقوال مجري التحريات وإيصال الإبداع النقدي في حسابه البنكي، ومفاد هذا الذي أورده الحكم أن التهديد كان بإفشاء أمور خادشة للشرف، لما كان ذلك، وكان يكفي في بيان التهديد أن يكون الحكم قد أشار إلى العبارات التي هدد الطاعن بها المجني عليها، فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التهديد المصحوب بطلب يتوافر متى ثبت لمحكمة الموضوع أن الجاني اقترف التهديد وهو يدرك أثره في إيقاع الرعب في نفس المجني عليه، وكانت أوراق الدعوى قد أفصحت عن أن الطاعن هدد المجني عليها بغية مطالبتها بمبلغ مالي، فإن أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة ٣٢٧ من قانون العقوبات تكون قد توافرت في حقه، ولم توجب المادة بصيغتها العامة قدر معين من التهديد أو نوع محدد من الطلب أو الأمر المكلف، بل يكفي أن يكون قد وجه التهديد كتابة إلى المجني عليه وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفسه ،وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب بغض النظر عن قدر التهديد أو نوع الطلب أو الأمر المكلف به وبغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه، ولا عبرة بعد ذلك بالأسلوب أو القالة الذي تصاغ فيه عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجاني قصد ترويع المجني عليه وحمله على أداء ما هو مطلوب، وكان لا يلزم التحدث عن هذا القصد استقلالاً، بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وظروف الواقعة كما أوردها الحكم المطعون فيه، ولما كانت المحكمة قد استخلصت من عبارات التهديد ومن ظروف الواقعة وملابساتها أن الطاعن رمى إلى إثارة الرعب في نفس المجني عليها بإفشاء أمور خادشة لشرفها، فلا يصح مصادرتها فيما استنبطته بدعوى عدم تنفيذ الطاعن لتهديده طالما كان استخلاصها سائغاً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبة بالعقوبة المقرر للجريمة الأشد ــــ وهي جريمة التهديد بإفشاء أمور خادشة للشرف المصحوب بطلب ــــ فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة السب ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال المجني عليها وعند إيراد الحكم لأقوال شاهدة الإثبات الثانية أورد أنها شهدت بذات مضمون ما قررته سالفتها ــــ المجني عليها، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وأنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها، وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك، وأن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقص فيه ــــ كما هو الحال في الدعوى الراهنة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة، مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقص. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة، وإنما أقام قضاءه على أقوال المجني عليه وشاهدة الإثبات الثانية وأقوال ضابط المباحث وإيصال الإيداع النقدي في حساب الطاعن البنكي، وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. هذا فضلاً عن أن الحكم عرض لدفع الطاعن في هذا الشأن واطرحه في رد سائغ. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن مجرى التحريات ضابط بقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، وهو من ضباط الشرطة الذين أسبغت عليهم المادة الثالثة والعشرون من قانون الإجراءات الجنائية صفة مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام في دوائر اختصاصهم، مما مؤداه أن تنبسط ولايته المقررة في القانون على جميع أنواع الجرائم بما فيها الجريمة التي دين الطاعن بها، فإن النعي على الحكم تعويله على أقوال الضابط مجري التحريات وعدم الرد على دفعه بعدم اختصاصه ولائياً بإجرائها يكون على غير أساس، ولا حرج على الحكم إن هو لم يرد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من الفحص الفني لحسابات الطاعن على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذا الفحص دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن، ومن ثم فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان الفحص الفني الذي أجراه الضابط لحسابات الطاعن على مواقع التواصل الاجتماعي للأسباب المشار إليها بأسباب الطعن. فضلاً عن ذلك، فإنه من المقرر أن بطلان الفحص الفني الذي أجراه الضابط ــــ بفرض وقوعه ــــ لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها الفحص الفني، كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجل الضبط فيما باشره من إجراءات ونما إليه من معلومات فيما لا يتصل بالفحص الفني المدعي ببطلانه، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الصدد. هذا إلى أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عما ادعاه من بطلان الفحص الفني لعدم حلف الضابط الذي أجراه اليمين قبل مباشرة المأمورية ولكونه ليس من خبراء وزارة العدل، ومن ثم فلا يحل له ــــ من بعد ــــ أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع، فإن تزيد الحكم فيما أورده في تحصيله واقعة الدعوى من أن الشيطان هيأ للطاعن أن يستحصل على أموال لسد حاجته، هو قول خارج عن سياق تدليله على ثبوت الجرائم التي دانه بها ولا يمس منطقه والنتيجة التي انتهى إليها ما دام قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية بذاتها لحمله، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها، وأن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كانت المحكمة قد عولت على قول شاهدي النفي فيما يتعلق بقيام الطاعن بمطالبة المجني عليها بسداد مبلغ نقدي إثر عدم إتمام خطبتهما، ولم تعبأ بقولهما في مواضع أخرى. لما كان ذلك، وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن الطلبات التي أبداها كانت طلبات على سبيل الاحتياط، وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب الطاعن أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً، أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون ملزمة بالرد عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على صور الرسائل الالكترونية ولم يشر إليه في مدوناته، فإن ما يثيره بشأنها يكون على غير محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول أنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الجرائم التي قارفها الطاعن والمستوجبة لعقابه قد ارتكبت لغرض واحد وأعمل في حقه حكم الفقرة الثانية من المادة ٣2 من قانون العقوبات فقضى عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد تلك الجرائم، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ولا ينال من سلامته إغفاله تعيين الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن على الحكم بالبطلان لإغفاله اسم المدعية بالحقوق المدنية وصفتها، فمردود بأن هذه البيانات لا تكون لازمة إلا في حالة الحكم في الدعوى المدنية لصالح رافعيها والقضاء لهم بالتعويض الذي تقدره المحكمة حتى يتسنى الوقوف على مسوغات هذا القضاء، أما في حالة الحكم بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة ــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة، فإن هذا البيان لا يكون لازماً في الحكم لعدم قيام الموجب لإثباته في مدوناته، وبذلك فلا يكون الحكم مشوباً بالبطلان لإغفاله إيراد ذلك البيان، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا ورفضه موضوعًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

OSZAR »