الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 26 مايو 2025

الطعن 26 لسنة 19 ق جلسة 29 / 3 / 1951 مكتب فني 2 ج 2 ق 88 ص 491

جلسة 29 من مارس سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

-----------------

(88)
القضية رقم 26 سنة 19 القضائية

إثبات. 

اشتراط الكتابة في العقود الرضائية. الأصل فيه أن يكون لمجرد إثباتها. اشتراط تعليق انعقاد العقد على التوقيع على المحرر المثبت له. صحيح قانوناً. استخلاص قصد المتعاقدين. مما يستقل به قاضي الموضوع. مثال.

-----------------
إنه وإن كان الأصل أن اشتراط الكتابة في العقود الرضائية إنما يكون لمجرد إثباتها إلا أنه ليس ثمة ما يمنع المتعاقدين من اشتراط تعليق انعقاد العقد على التوقيع على المحرر المثبت له، إذ ليس في هذا الاتفاق ما يخالف النظام العام، واستخلاص قصد المتعاقدين من هذا الشرط هو مما يستقل به قاضي الموضوع. وإذن فمتى كان الواقع هو أن الطاعن أقام الدعوى على المطعون عليه يطالبه برد ما دفعه إليه من تأمين وبتعويضه عما لحقه من ضرر وما فاته من ربح من جراء فسخ العقد المقول بإبرامه بينهما، وكان الحكم إذ قضى برفض الدعوى في خصوص التعويض قد أقام قضاءه على أن من بين شروط المناقصة التي قبلها الطاعن أن التعاقد لا يتم بين الطرفين إلا بتوقيع الطاعن الخاص بها وأنه هو الذي تخلف عن توقيع العقد وتكملة التأمين رغم التنبيه عليه مرتين من المطعون عليه بالحضور لهذا الغرض مما اضطر هذا الأخير إلى إلغاء المناقصة، وأن العقد لم يتم بين الطرفين، وأن الطاعن وهو المتسبب في عدم إتمامه لا يكون محقاً في طلب التعويض - متى كان الحكم قد أقام قضاءه على ذلك فإن الطعن عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس.


الوقائع

في يوم أول مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 14 من يونيه سنة 1948 في الاستئناف رقم 1196 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 6 من مارس سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 19 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 30 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 20 من إبريل سنة 1949 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي أول مايو سنة 1949 أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد. وفي 23 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 8 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن واقعة الدعوى - كما يؤخذ من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - تتحصل في أن بنك التسليف الزراعي المصري (المطعون عليه) أعلن عن مناقصة لنقل محاصيل التموين بمركز منوف فتقدم الطاعن في 31 مايو سنة 1945 بعطائه، ورسا عليه العطاء ودفع لذلك تأميناً مقداره 200 جنيه مصري. وفي 26 من يونيه سنة 1945 أخبره البنك برسو العطاء عليه وكلفه بالحضور إلى مقره بمنوف لتحرير العقود اللازمة لهذه العملية وتكملة التأمين، وذلك تنفيذاً لشروط المناقصة وادعى الطاعن أنه ذهب إلى البنك في الميعاد المحدد ووقع على تلك العقود التي أرسلت إلى المركز الرئيسي للتوقيع عليها من المدير المختص ثم إنه تعاقد - بموجب عقد قدمه مع صاحب سيارات لنقل هذه المحاصيل نيابة عنه وانتظر أمر البنك بالنقل على غير طائل - فاضطر إلى مخاطبته في 19 من ديسمبر سنة 1945 يستعلم عن سبب التأخير، فرد عليه البنك يطلب إليه الحضور إلى منوف لصرف التأمين الذي دفعه، فاعتبر الطاعن هذا الرد فسخاً للعقد من جانب واحد، وأقام دعواه يطلب فيها القضاء له بإلزام المطعون عليه بأن يدفع إليه مبلغ 2500 جنيه من ذلك ما دفعه من تأمين والباقي تعويض عما لحقه من ضرر وما فاته من ربح من جراء فسخ التعاقد. قضت محكمة أول درجة برد التأمين للطاعن وبرفض دعواه في خصوص التعويض، تأسيساً على أن العقد النهائي لم يتم بين المتعاقدين حتى تدخل المناقصة في دور التنفيذ، وبذلك يكون للبنك الحق في فسخ التعاقد بدون إبداء أسباب - وفقاً لشروط المناقصة. استأنف الطاعن هذا الحكم فأيدته محكمة الاستئناف مؤسسة قضاءها على أن الطاعن هو الذي تخلف عن تحرير العقد النهائي بينه وبين المطعون عليه. ومن ثم لا يكون ثمة تعاقد قد أبرم بين الطرفين، فطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد، حاصله: أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أن محكمة الاستئناف إذ لم تأخذ فيه بوجهة نظر المحكمة الابتدائية في أن احتفاظ البنك (المطعون عليه) في شروط المناقصة بأحقيته في اعتمادها أو تعديلها أو إلغائها يخوله حق فسخ التعاقد دون إبداء أسباب ودون مسئولية عليه، وقررت أن اعتماد البنك للمناقصة ولرسوها على الطاعن يعتبر حداً نهائياً لكل حق للبنك في تعديلها أو إلغائها كان من مقتضى هذا النظر الذي يتفق مع أحكام القانون اعتبار المطعون عليه مسئولاً عن فسخ العقد الذي تم قانوناً بإخبار البنك الطاعن برسو العطاء عليه، إذ بذلك تكون المناقصة قد اعتمدت بصفة نهائية وانعقد العقد وصار ملزماً لطرفيه ولا يجوز لأحدهما أن يتحلل منه بمحض إرادته إلا أن محكمة الاستئناف ناقضت بعد ذلك تقريرها سالف الذكر، إذ اعتبرت أن الطاعن لم يقدم أي دليل على انعقاد العقد النهائي ورتبت على ذلك رفض دعواه فيما عدا مبلغ التأمين، أما ما ذهب إليه الحكم من أن الطاعن هو الذي تخلف عن تحرير العقد النهائي ففضلاً عن عدم صحته فإن عدم تحرير العقد النهائي لا يبرر فسخ العقد الابتدائي الذي انعقد صحيحاً وأصبح نافذاً، وبفرض تخلف الطاعن عن توقيع العقد النهائي فليس للبنك أن يفسخ العقد من تلقاء نفسه دون شرط صريح فاسخ، ودون تكليف رسمي بالوفاء، ودون حكم القاضي بذلك.
ومن حيث إن الحكم إذ قضى برفض دعوى التعويض قال: "وحيث إن القضاء برفض الدعوى هو قضاء صائب إلا أن المستندات التي استندت إليها محكمة أول درجة ليست بطبيعتها مؤدية إلى ذلك فإن مناقشة شروط المناقصة واستقراء ما يخول البنك من حق إلغاء المناقصة أو تعديلها لا يجدي شيئاً في خصوصية النزاع، لا لشيء إلا لأن المناقصة تقوم نافذة بكل ما حوته من شروط وحقوق مخولة للبنك في إلغائها أو تعديلها حتى يعتمدها البنك برسو العطاء على المستأنف (الطاعن) فإذا تم ذلك اعتبر ذلك حداً نهائياً لكل حق للبنك في تعديل المناقصة أو إلغائها ووجب تحرير العقد النهائي بين الطرفين، وحيث إن البنك أرسل للمستأنف (الطاعن) خطابين تاريخهما 30 مايو و26 يونيه سنة 1945 يخطره في أولهما برسو العطاء عليه ويطلب إليه تحرير العقد النهائي وتكملة الواجب عليه دفعه، وفي الثاني يطلب منه الحضور لاستيفاء العقد المذكور، وحيث إن مؤدى ذلك أن البنك اعتمد المناقصة على المستأنف (الطاعن) فزال كل حق له في تعديلها أو إلغائها، وبذلك يصبح موضع النزاع والفصل في الدعوى فيما إذا كان العقد النهائي قد حرر بين الطرفين وإلا فبفعل مَنْ مِنْ الطرفين لم يحرر العقد، وحيث إن المستأنف (الطاعن) ادعى أنه ذهب إلى البنك استجابة لخطابه الأول وحرر العقد في بضع صور إلا أنه لم يستلم إحداها، وأن الغرض من الخطاب الثاني لم يكن إلا مطالبته بوضع طوابع التمغة على العقد المحرر، وحيث إن المستأنف عليه (البنك) ينكر على المستأنف هذه الواقعة ويقرر أن العقد لم يحرر بين الطرفين بسب امتناع المستأنف (الطاعن) وأنه لذلك استعجله بالخطاب الثاني فلم يفد ذلك شيئاً حتى أخطرته وزارة التموين بإلغاء العملية كلية فأخطرت بذلك المستأنف (الطاعن) ليسترد مبلغ التأمين المدفوع منه، وحيث إن المستأنف لم يقدم دليلاً أو حتى قرينة على تحرير العقد النهائي ولا يقبل منه القول بأنه لم يستلم صورة من هذا العقد لا لشيء إلا لأنه ليس مانع أصلاً من أن يسلم هذه الصورة فهي مستندة على التعاقد وإلا لكان عليه أن يبادر بتسجيل ذلك على البنك وهو لم يفعل، ولعل الدليل على ذلك أن البنك عاد في خطابه الثاني إلى مطالبته بالحضور لاستيفاء العقد ولا يتصور أن يكون المقصود بذلك مجرد وضع طوابع التمغة على العقد كما يدعي المستأنف، فهو أمر قليل الشأن كان البنك يستطيع أن يغفله وأن يخصم ثمنها مما يستحق للمستأنف قبله وبذلك يغلب الرأي بأن المقصود من هذه العبارة استيفاء العقد من حيث التوقيع عليه، وحيث إنه بذلك لا يكون العقد قد انعقد بين الطرفين بفعل المستأنف فلا يجوز له الاحتجاج على البنك إذ ألغى العملية كلية بناء على تعليمات وزارة التموين التي يعمل بالنيابة عنها".
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم أن من شروط المناقصة التي قبلها الطاعن أن التعاقد لا يتم بين الطرفين إلا بتوقيع الطاعن العقد الخاص بها وهو ما تؤيده قائمة شروط المناقصة الموقعة من الطاعن والمقدمة إلى هذه المحكمة ضمن أوراق الطعن، وكانت المحكمة قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الأدلة التي فصلتها أن الطاعن هو الذي تخلف عن توقيع العقد وتكمله التأمين رغم التنبيه عليه مرتين من المطعون عليه بالحضور إلى مقر البنك لهذا الغرض مما اضطر هذا الأخير إلى إلغاء المناقصة - لما كان ذلك كذلك - كان صحيحاً في القانون ما قرّره الحكم من أن العقد لم يتم بين الطرفين بامتناع الطاعن عن توقيعه رغم اعتماد المطعون عليه رسو العطاء عليه، ذلك أنه وإن كان الأصل أن اشتراط الكتابة في العقود الرضائية إنما يكون لمجرد إثباتها إلا أنه ليس ثمة ما يمنع الطرفين من اشتراط تعليق انعقاد العقد على التوقيع على المحرر المثبت له، إذ ليس في هذا الاتفاق ما يخالف النظام العام، واستخلاص قصد المتعاقدين من هذا الشرط هو مما يستقل به قاضي الموضوع، فمتى أثبت وجوده واتفاق الطرفين عليه كما هو الحال في الدعوى وأن الطاعن هو الذي امتنع عن توقيع العقد، كان على صواب في تقريره أن العقد لم ينعقد وأن الطاعن وهو المتسبب في عدم إتمامه لا يكون محقاً في طلب التعويض.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

OSZAR »