جلسة 23 من سبتمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / علي نور الدين الناطـوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ياسر جميل نائب رئيس المحكمة وحاتم حميدة ، أحمد عمران وعلي أحمد عبد القادر .
-----------------
(78)
الطعن رقم 12422 لسنة 89 القضائية
سلاح . محكمة دستورية . قانون " تفسيره " " القانون الأصلح " . محكمة النقض " سلطتها في الرجوع عن أحكامها " . عقوبة " تقديرها " .
الفقرتان الثالثة والأخيرة من المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 6 لسنة 2012 بشأن الأسلحة والذخائر . مفادهما ؟
الطعن على الحكم الصادر بالإدانة من محكمة النقض استناداً لقضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص العقابي . حقيقته ؟
المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 . مفادها ؟
الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بإبطال نص عقابي . ماهيته ؟
الحكم بعدم دستورية نص جنائي وفقاً للمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا . مؤداه : إزالة وصف التجريم عن أفعال المتهم أو تعديل تكييفها أو تغيير بنيان بعض عناصرها بما يسقط الأحكام الصادرة بالإدانة استناداً إلى ذلك النص واعتبارها كأن لم تكن . ولو كانت باتة .
القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 فيما تضمنته من استثناء تطبيق المادة 17 عقوبات بالنسبة للجرائم المنصوص عليها بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها . أصلح للمتهم .
قضاء محكمة النقض بتصحيح الحكم المطعون فيه وتشديد العقوبة المقضي بها استناداً للفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 في ظل سريان المادة الأولى بالقانون 6 لسنة 2012 وصدور حكم المحكمة الدستورية العليا من بعد بعدم دستوريتها . أثره : استردادها سلطة استعمال الرأفة بها والعدول عن حكمها السابق . علة وأثر ذلك ؟
مثال لحكم صادر من محكمة النقض بالعدول عن حكمها السابق وإعادة تقدير العقوبة استناداً لنص قُضي بعدم دستوريته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت هذه الدائرة - بهيئة مغايرة - سبق وأن أصدرت بجلسة 9/4/2014 حكمها في الطعن رقم .... : أولاً : قبول الطعن المرفوع من ذات المحكوم عليه الحالي شكلاً وفي الموضوع برفضه . ثانياً : قبول الطعن المرفوع من النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية السجن المؤبد بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة - ألف جنيه - والمصادرة المقضي بهما إعمالاً للفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدلة بالمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 الصادر قبل وقوع الجريمة والتي نصت على أنه : ( وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان الجاني حائزاً أو محرزاً بالذات أو بالواسطة سلاحاً من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثاني من الجدول رقم (3) ) ، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة سالفة البيان قد نصت على أنه : ( واستثناء من أحكام المادة 17 عقوبات لا يجوز النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في هذه المادة ) واستناداً إلى أن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية التي أوقعها على المحكوم عليه الماثل عن جريمة إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية طراز كلاشينكوف " بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد والواردة بالقسم الثاني من الجدول الثالث الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، فتم تصحيحه بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها السجن المؤبد تطبيقاً للتعديل الوارد بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 المشار إليه سلفاً لمخالفة الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة جنايات .... الحظر الوارد بنص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل المشار إليه سلفاً ، وإذ أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 8/11/2014 حكمها في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل المشار إليه سلفاً في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها . لما كان ذلك ، وكان طلب النيابة العامة وطعن المحكوم عليه هما في حقيقتهما ووفقاً لصحيح القانون في خصوصية هذه الدعوى المطروحة عدم الاعتداد بالحكم البات الصادر بإدانته من محكمة النقض - هذه الدائرة بهيئة مغايرة - بتاريخ 9/4/2014 المشار إليه سلفاً والذي يعد عائقاً يحول دون إعمال الأثر الرجعي للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا رقم 196 لسنة 35 قضائية بجلسة 8/11/2014 ويعد بمثابة قانون أصلح له مما يوجب إعماله في حقه كمحكوم عليه بالاستمرار في تنفيذه . لما كان ذلك ، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه : ( أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .... فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ، ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه ) ، وكان من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن قانونها قد شرع ضماناً لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها عدواناً ، إذ نص قانونها في المادة 49 منه على أنه : ( إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ) ، وهو ما يعني سقوطها بكل آثارها ولو صار الطعن فيها ممتنعاً لتفارقها قوة الأمر المقضي التي قارنتها ، وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية ، وهي - من بعد - رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها ، بل يكون أثرها جارفاً لكل عائق على خلافها ولو كان حكماً باتاً ، كما جرى قضاء هذه المحكمة الدستورية أيضاً على أن التفسير المنطقي السديد لما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا بشأن إعمال الأثر الرجعي للحكم الصادر بعدم دستورية نص جنائي اعتبار الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ولو كانت باتة ، وينسحب هذا الأثر إلى الأحكام التي تزيل وصف التجريم أو التضييق من مجاله باعتباره وضعاً تأباه العدالة أشد الإباء وتتأذى وتنفر منه إذا ما أسقط الحكم هذا الوصف من الأفعال التي ارتكبها المتهم ، أو عن طريق تعديل تكييفها ، أو بتغيير بنيان بعض عناصرها بما يمحو عقوبتها كلية أو يجعلها أقل وطأة ، استناداً إلى أن هذا الأثر الرجعي يسري في شأن الأحكام السابقة على صدوره ولو كانت باتة طبقاً لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون هذه المحكمة الدستورية . لما كان ذلك ، وكان حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية قد انتهى إلى عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ، وتبعاً لذلك ينصرف أثر هذا الحكم إلى إزالة القيد الوارد على السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بنص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون المشار إليه ، وهو القيد المتمثل في عدم جواز النزول بالعقوبة - بما يجعل حكمها بعد إزالة هذا القيد أقل وطأة - إذا ارتأت استعمال سلطتها التقديرية في النزول بالعقوبة في الحدود المرسومة لها طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات ، ومن ثم يصير حكم محكمة النقض الصادر في الطعن المشار إليه مخالفاً لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بالقضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية ، ومن ثم فإنه يشكل عقبة عطلت تنفيذ الأثر الرجعي لهذا الحكم مما يتعين معه القضاء بإزالتها ، بعد أن تطهّر هذا القيد الذي كانت تفرضه الفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر سالفة البيان بالشرعية الدستورية ، وما يترتب على ذلك من إعادة نظر الطعن الماثل ، واسترداد محكمة النقض - من بعد - سلطتها في هذا الصدد ، كما يعود لمحكمة الجنايات أيضاً كقضاء موضوع سلطة استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات إن ارتأت ذلك ، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمحكوم عليه بعد استئصال ما عراه من نتوء عدم الدستورية إعمالاً ونتيجة للأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا وفقاً لأحكام المادة 49 من قانونها والمذكرة الإيضاحية على النحو السالف بيانه ، بما مفاده عدم سريان حكم الفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954 المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والمقضي بعدم دستوريتها على هذا الطعن الراهن ، ومن ثم يتعين القضاء بالعدول عن الحكم الصادر من محكمة النقض - هذه الدائرة بهيئة مغايرة - بجلسة 9/4/2014 فيما قضى به من عقوبة السجن المؤبد وفقاً لما سلف سرده ، والقضاء مجدداً بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها بجلسة 20/12/2012 من محكمة جنايات .... هي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى الغرامة وقدرها ألف جنيه والمصادرة المقضي بهما على المحكوم عليه .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً لا يجوز الترخيص به " بندقية آلية طراز كلاشينكوف " .
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " سونكي " بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 26 /3 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 2 من الجدول الأول والبند ( ب ) من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه ومصادرة السلاحين المضبوطين بعد إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات .
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول المحكمة برقم .... ، وقضت محكمة النقض في 9 من أبريل لسنة 2014 أولاً : قبول الطعن المرفوع من المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع برفضه . ثانياً : قبول الطعن المرفوع من النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية السجن المؤبد بالإضافة إلى عقوبة الغرامة والمصادرة المقضي بهما .
وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 2014 قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية الدستورية رقم 196 لسنة 35 قضائية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ، وإذ ارتأى الطاعن أن حكم محكمة النقض في الطعن المقيد برقم 6750 لسنة 83 ق يعتبر عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا السالف البيان ، فقد أقام دعوى أمام المحكمة الأخيرة قيدت بجداولها برقم 37 لسنة 37 قضائية دستورية " منازعة تنفيذ " قضي بجلسة السابع من مايو سنة 2016 بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 8 من نوفمبر سنة 2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 ق " دستورية " وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ثم أقام المحكوم عليه إشكالين في تنفيذ الحكم القاضي بعقوبة السجن المؤبد قضت فيهما محكمة جنايات .... بجلستي .... ، .... بعدم اختصاصها نوعياً بنظرهما .
فتقدم الطالب بعريضة للمستشار النائب العام قيدت برقم .... طلب فيها إعادة النظر في مقدار العقوبة المقضي بها ، قدمتها النيابة العامة لمحكمة جنايات .... ، وبجلسة .... قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة طلب المحكوم عليه وأوراق القضية على الدائرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن هذه الدائرة - بهيئة مغايرة - سبق وأن أصدرت بجلسة 9/4/2014 حكمها في الطعن رقم .... : أولاً : قبول الطعن المرفوع من ذات المحكوم عليه الحالي شكلاً وفي الموضوع برفضه . ثانياً : قبول الطعن المرفوع من النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية السجن المؤبد بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة - ألف جنيه - والمصادرة المقضي بهما إعمالاً للفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدلة بالمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 الصادر قبل وقوع الجريمة والتي نصت على أنه : ( وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان الجاني حائزاً أو محرزاً بالذات أو بالواسطة سلاحاً من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثاني من الجدول رقم (3) ) ، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة سالفة البيان قد نصت على أنه : ( واستثناء من أحكام المادة 17 عقوبات لا يجوز النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في هذه المادة ) واستناداً إلى أن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية التي أوقعها على المحكوم عليه الماثل عن جريمة إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية طراز كلاشينكوف " بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد والواردة بالقسم الثاني من الجدول الثالث الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، فتم تصحيحه بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها السجن المؤبد تطبيقاً للتعديل الوارد بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 المشار إليه سلفاً لمخالفة الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة جنايات .... الحظر الوارد بنص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل المشار إليه سلفاً ، وإذ أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 8/11/2014 حكمها في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل المشار إليه سلفاً في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها . لما كان ذلك ، وكان طلب النيابة العامة وطعن المحكوم عليه هما في حقيقتهما ووفقاً لصحيح القانون في خصوصية هذه الدعوى المطروحة عدم الاعتداد بالحكم البات الصادر بإدانته من محكمة النقض - هذه الدائرة بهيئة مغايرة - بتاريخ 9/4/2014 المشار إليه سلفاً والذي يعد عائقاً يحول دون إعمال الأثر الرجعي للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا رقم 196 لسنة 35 قضائية بجلسة 8/11/2014 ويعد بمثابة قانون أصلح له مما يوجب إعماله في حقه كمحكوم عليه بالاستمرار في تنفيذه . لما كان ذلك ، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه : ( أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .... فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ، ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه ) ، وكان من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن قانونها قد شرع ضماناً لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها عدواناً ، إذ نص قانونها في المادة 49 منه على أنه : ( إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ) ، وهو ما يعني سقوطها بكل آثارها ولو صار الطعن فيها ممتنعاً لتفارقها قوة الأمر المقضي التي قارنتها ، وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية ، وهي - من بعد - رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها ، بل يكون أثرها جارفاً لكل عائق على خلافها ولو كان حكماً باتاً ، كما جرى قضاء هذه المحكمة الدستورية أيضاً على أن التفسير المنطقي السديد لما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا بشأن إعمال الأثر الرجعي للحكم الصادر بعدم دستورية نص جنائي اعتبار الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ولو كانت باتة ، وينسحب هذا الأثر إلى الأحكام التي تزيل وصف التجريم أو التضييق من مجاله باعتباره وضعاً تأباه العدالة أشد الإباء وتتأذى وتنفر منه إذا ما أسقط الحكم هذا الوصف من الأفعال التي ارتكبها المتهم ، أو عن طريق تعديل تكييفها ، أو بتغيير بنيان بعض عناصرها بما يمحو عقوبتها كلية أو يجعلها أقل وطأة ، استناداً إلى أن هذا الأثر الرجعي يسري في شأن الأحكام السابقة على صدوره ولو كانت باتة طبقاً لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون هذه المحكمة الدستورية . لما كان ذلك ، وكان حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية قد انتهى إلى عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ، وتبعاً لذلك ينصرف أثر هذا الحكم إلى إزالة القيد الوارد على السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بنص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون المشار إليه ، وهو القيد المتمثل في عدم جواز النزول بالعقوبة - بما يجعل حكمها بعد إزالة هذا القيد أقل وطأة - إذا ارتأت استعمال سلطتها التقديرية في النزول بالعقوبة في الحدود المرسومة لها طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات ، ومن ثم يصير حكم محكمة النقض الصادر في الطعن المشار إليه مخالفاً لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بالقضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية ، ومن ثم فإنه يشكل عقبة عطلت تنفيذ الأثر الرجعي لهذا الحكم مما يتعين معه القضاء بإزالتها ، بعد أن تطهّر هذا القيد الذي كانت تفرضه الفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر سالفة البيان بالشرعية الدستورية ، وما يترتب على ذلك من إعادة نظر الطعن الماثل ، واسترداد محكمة النقض - من بعد - سلطتها في هذا الصدد ، كما يعود لمحكمة الجنايات أيضاً كقضاء موضوع سلطة استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات إن ارتأت ذلك ، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمحكوم عليه بعد استئصال ما عراه من نتوء عدم الدستورية إعمالاً ونتيجة للأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا وفقاً لأحكام المادة 49 من قانونها والمذكرة الإيضاحية على النحو السالف بيانه ، بما مفاده عدم سريان حكم الفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954 المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والمقضي بعدم دستوريتها على هذا الطعن الراهن ، ومن ثم يتعين القضاء بالعدول عن الحكم الصادر من محكمة النقض - هذه الدائرة بهيئة مغايرة - بجلسة 9/4/2014 فيما قضى به من عقوبة السجن المؤبد وفقاً لما سلف سرده ، والقضاء مجدداً بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها بجلسة 20/12/2012 من محكمة جنايات .... هي السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى الغرامة وقدرها ألف جنيه والمصادرة المقضي بهما على المحكوم عليه .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق