باسم الشعب
محكمة النقـــض
دائرة الأحد ( د ) الجنائيـــة
الطعن رقم 10739 لسنة 92 القضائية
جلسة الأحد الموافق 24 من ديسمبر سنة 2023
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي/ محمد السعدني " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة/ وائل صبحي ومحمد عبد العليم مهران د. محمد سامي العواني " نواب رئيس المحكمة " أحمد محمد ممدوح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
- أحرزا بقصد التعاطي جوهرًا مخدرًا (الحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته ما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وإذ أعيدت إجراءات محاكمتهما، والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا وعملا بالمواد 1/1، 2، 37/1، ٤٢/1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل، والبند رقم (٥٦) من القسم الثاني من الجدول الأول والملحق والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم ٤٦ لسنة ١٩٩٧؛ بمعاقبة كل من/ .... و.... بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبغرامة عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية.
وبتاريخي ۲۰، ۲۸ من مارس سنة،۲۰۲۲، قرر المحكوم عليهما - بشخصهما - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وبتاريخ 6 من أبريل سنة ۲۰۲۲ أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه الأول/ .... بالنقض موقعًا عليها من الأستاذ / .... المحامي، والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبتاريخ ٢٦ من إبريل سنة ۲۰۲۲، أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه الثاني/ .... بالنقض موقعًا عليها من الأستاذ/ .... المحامي، والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سُمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، والمداولة قانونًا:
حيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز جوهر " الحشيش" المخدر بقصد التعاطي، قد شابه القصور في التسبيب، وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه اعتوره الغموض والابهام، إذ لم تفطن المحكمة إلى أن إجراءات أخذ عينة البول وتحليلها افتقرت إلى السند القانوني ولم تتوافر حالة من حالات التلبس التي تبيح ذلك وأنهما خضعا له مجبران لكونه قرار إداري ولم يكن اختياريًا، كما أن من قام بإجرائها غير مختص قانونًا؛ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه في أطار التعاون بين صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي ووزارة .... وبتاريخ .. أجرت حملة على العاملين بديوانها للكشف عن متعاطي المواد المخدرة منهم، وقد تم أخذ عينة بول من بعض العاملين وارسالها إلى معامل وزارة الصحة لأجراء تحليل عليها وأسفرت العينة المأخوذة من الطاعنين برضائهما عن إيجابيتها لمخدر الحشيش، وأن الطاعنين أنكرا ما أسند إليهما طوال مراحل التحقيق والمحاكمة، واستند في إدانتهما إلى ما أسفر عنه التحليل وأقوال الطبيبة بمعامل التحاليل بمستشفى الصحة النفسية والعصبية التي أجرته. ثم عرض من بعد للدفع ببطلان إجراءات الضبط وما تلاه من إجراءات أخذ العينة ورد عليه بقوله ".... فمردود عليه أنه تم أخذ عينة البول من المتهمين لتحليلها طواعية وبرضاء منهما وبموافقتهما وعن إرادة حرة من جانبهما وليس بلازم أن تكون تلك الموافقة ثابتة بالكتابة منها سيما وأن المتهمين لم يقررا أن أخذ تلك العينات كانت كرهًا عنهما بتحقيقات النيابة ومن ثم يكون ما اثاره الدفاع في هذا الصدد غير سديد " لما كان ذلك، وكانت المادة ٥٤/١ من الدستور قد نصت على أن " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق ". وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقًا طبيعيًا من حقوق الإنسان لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانونًا أو بإذن من السلطة المختصة، ويعتمد التلبس على مظاهر خارجية تبدو لمأمور الضبط القضائي إما بمشاهدة الركن المادي للجريمة وقت مباشرتها أو برؤية أثر من أثارها ينبئ عن وقوعها أو يكشف عن وقوعها منذ برهة يسيرة، كما أن التلبس بالجريمة – والذي يعد سببًا مشروعًا في التفتيش – هو الذي ينشأ قبل التفتيش، ومن ثم يجب أن يثبت التلبس أولًا ثم يلي ذلك التفتيش، كما أن التفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق التي تؤدي إلى ضبط أدلة الجريمة، وبالتالي فهو ليس من إجراءات كشف الجرائم قبل وقوعها، بل هو من إجراءات تحقيقها بعد ارتكابها، ولقد أجاز القانون التفتيش بعد أن أخضعه لضمانات راعى فيها حق الدولة في العقاب وحق المتهم في الحياة الخاصة. وكان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقًا وحقيقة العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن، وكان المشرع في المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية قد مايز في تحديد مأموري الضبط القضائي بين طائفتين، الأولى وهم مأمورو الضبط القضائي ذوو الاختصاص النوعي العام، أي الذين يختصون بإجراءات الاستدلال في شأن آية جريمة، وهؤلاء جعلهم على فئتين من حيث الاختصاص المكاني، أولاهما تختص بأعمال الضبط القضائي على نطاق محدد يرتبط بدوائر اختصاصهم الوظيفي، وقد انتظمهم البند (أ) من المادة ٢٣، وأخراهما تختص بأعمال الضبط القضائي على مستوى الجمهورية وهؤلاء حددتهم الفقرة (ب) منها، وقد حدد المشرع هذه الطائفة بفئتيها (أ، ب) تحديدًا جامعًا مانعًا وعلى سبيل القطع والحصر، ولم يفوض غيره في إضافة وظائف أو مناصب أخرى إليها وإلا عد ذلك غصبًا لسلطة التشريع، وأما الطائفة الأخرى فهم موظفون عموميون يمنحون – بموجب قرارات تصدر من وزير العدل – صفة مأموري الضبط القضائي، وهم دومًا ذوو اختصاص محدود نوعيًا ومكانيًا، إذ يختصون بإجراءات الاستدلال بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم – اختصاص مكاني – وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم – اختصاص نوعي – وذلك بحسبانهم ممن يقع ضمن اختصاصاتهم أعمال الضبط الإداري، والتي تقوم على اتخاذ الإجراءات المانعة من ارتكاب الجريمة، ومن ثم كان نشاطها سابقًا على ارتكاب الجريمة، بيد أن الضبطية القضائية تفترض جريمة ارتكبت، فنشاطها دائمًا لاحق على الجريمة، وعلى ذلك فإن وظيفة الضبطية القضائية تبدأ حين تنتهي وظيفة الضبطية الإدارية بالفشل فترتكب الجريمة. لما كان ذلك، وكان يبين من صورة المفردات - بعد ضمها - من انه تم أخذ العينة من الطاعنين بمعرفة لجنة الكشف عن تعاطي المواد المخدرة التابعة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي وخلو الأوراق من صدور قرار من وزير العدل يفيد أنه منح أي أحد من أعضاء اللجنة صفة مأموري الضبط القضائي، مما مؤداه أن أعضاء اللجنة المذكورين من آحاد الناس بالنسبة للجريمة التي نسبت للطاعنين، ولما كان القانون قد حظر القبض على أي إنسان أو تفتيشه أو القيام بإجراء من شأنه الاعتداء علي حريته الشخصية وحقه في سلامة جسده إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة، وكان لا يجوز لأعضاء اللجنة المذكورة – وهم من آحاد الناس علي نحو ما سلف - أن يباشروا أيًا من هذه الإجراءات، وكل ما خوله القانون إياهم باعتبارهم من آحاد الناس هو التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة في الجرائم المتلبس بها بالتطبيق لأحكام المادتين ٣٧، ٣٨ من قانون الإجراءات الجنائية وتسليمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي، وليس له أن يعتدي علي حريته الشخصية على نحو ما فعلوا في واقعة الدعوى، كما لم تقم النيابة العامة - وقد استدعت الطاعنين وقامت بالتحقيق معهما - بإرسالهما إلى قسم المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي لتأكيد إيجابية عينة البول من عدمه، كما أن الثابت في الحكم على الوجه المتقدم أن أخذ العينة من الطاعنين تم دون مسوغ أو سند من القانون، وأن خضوعهما للتحليل لم يكن إلا بعد انصياعهما لطلب اللجنة المذكور بأخذ العينة، فلا يتحقق به الرضا المعتبر في القانون ولا يعتد به، ولا ينال من ذلك صدور القانون رقم 73 لسنة 2021 الصادر بتاريخ 16 من يونيو سنة 2021 بشأن شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها وإمكانية إجراء تحليل المخدرات الفجائي لجميع العاملين بالجهات المذكورة بالقانون. لكون الثابت من الحكم المطعون فيه أن الواقعة حدثت في تاريخ سابق على تطبيق القانون الأخير - وهو ليس قانونًا أصلح للمتهمين - ومن ثم فإن الإجراءات تكون باطلة لحصولها دون سند ومن غير مختص، ويبطل بالتالي كل ما ترتب عليها تطبيقًا لقاعدة كل ما يترتب على الباطل فهو باطل، ويكون ما أسفرت عنه شهادة من أجرت التحليل قد وقعت باطلة لكونها مترتبة عليها، ولا يصح التعويل على الدليل المستمد منها في الإدانة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدليل الوحيد في الدعوى هو ما أسفر عنه أخذ العينة وتحليلها الباطل وشهادة من أجرى التحليل، فإن الحكم وقد عول على ذلك الدليل الباطل في إدانة الطاعنين يكون باطلًا ومخالفًا للقانون؛ لاستناده في الإدانة إلى دليل غير مشروع، وإذ جاءت الأوراق وعلى ما أفصحت عنه مدونات الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم خلوًا من أي دليل يمكن التعويل عليه في إدانة الطاعنين، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعنين عملًا بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩، والمادة ٣٠٤ /١ من قانون الإجراءات الجنائية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق