جلسة أول فبراير سنة 1951
(57)
القضية رقم 80 سنة 19 القضائية
(1) حكم. تسبيبه.
قضاؤه برفض دعوى تعويض رفعها المستأجر بسبب حجز أوقعه المؤجر على مزروعاته. قيامه على أن الحجز لم يكن كيدياً، وأن نية الإضرار التي يجب توافرها عند من ينسب إليه التعسف في استعمال الحق منعدمة وأن المستأجر هو الذي أهمل في طلب رفع الحجز. كفاية ذلك جميعاً لحمل قضائه. البحث فيما إذا كان قد أصاب المستأجر ضرر من الحجز. تزيد لم يكن الحكم في حاجة إليه. إغفال الحكم التحدث عما قدمه المستأجر من أوراق تثبت حصول الضرر. لا بطلان.
(2) حكم. تسبيبه.
قضاؤه بإلزام مستأجر بتعويض. قيامه على عدة عناصر انهار أحدها لمناقضته الثابت بالأوراق وكان لهذا العنصر أثره في التقدير. بطلانه. مثال.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
الوقائع
في يوم 29 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 17 من مارس سنة 1949 في الاستئنافين رقمي 1155 سنة 63 ق و641 سنة 65 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 30 من مايو سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 18 من يونيه سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 19 من يوليه سنة 1949 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 8 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً بالنسبة للاستئناف رقم 641 سنة 65 ق وقبول الوجه الثاني من أوجه الطعن بالنسبة للاستئناف رقم 1511 سنة 62 ق ونقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص وإحالة الدعوى على محكمة استئناف المنصورة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات. وفي 18 من يناير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
ومن حيث إن واقعة الدعوى كما يستفاد من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تتحصل في أن المطعون عليه أقامها أصلاً على الطاعن أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالباً الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 868 جنيهاً و893 مليماً متأخر إيجار و50 جنيهاً على سبيل التعويض وقيدها بمبلغ التعويض فقط كما طلب تثبيت الحجز التحفظي واستند إلى عقد إيجار موقع من الطاعن عن 335 فداناً و23 قيراطاً لمدة سنة من 15 من نوفمبر سنة 1943 إلى 14 من نوفمبر سنة 1944 بإيجار قدره 1350 جنيهاً و774 مليماً مضافاً إليه الفرق في زيادة سعر القطن كما تحدده وزارة الأوقاف المؤجرة لهذه الأرض إلى أحمد أفندي مرسي خليفة الذي أجرها بدوره للمطعون عليه وقد أجرها الأخير للطاعن الذي دفع عند تحرير عقد الإيجار مبلغ 550 جنيهاً كتأمين يرد إليه بعد الوفاء بما التزم به وتسليم العين لوزارة الأوقاف، وقد تعهد الطاعن بالموافقة على الإجارة الصادرة من المطعون عليه إلى عبد الخالق جبر عن خمسة أفدنة وبالمحافظة على ملحقات العين المؤجرة من آلات الري وخلافها. وأثناء نظر الدعوى أقام الطاعن دعوى فرعية على المطعون عليه طالباً إلزامه بمبلغ 300 جنيه تعويضاً بحجة أن الحجز الذي أوقعه على المزروعات هو حجز كيدي. فقضت محكمة الزقازيق الابتدائية برفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بإلزام المطعون عليه بدفع مبلغ 75 جنيهاً فأستأنف الطرفان. وفي 17 من مارس سنة 1947 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن أن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ 40 جنيهاً والمصروفات عن الدرجتين وبرفض تثبيت الحجز التحفظي ورفض الدعوى الفرعية وإلزام رافعها بمصاريفها. فطعن حامد أبو العينين في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبعة أسباب أربعة منها عن الحكم الصادر برفض الدعوى الفرعية وبالسببين الأولين ينعى الطاعن على الحكم أنه أقام قضاءه على استخلاص مناقض لما هو ثابت بأوراق الدعوى، أولاً: لأنه كان قد دفع مبلغ الإيجار جميعه إلى وزارة الأوقاف قبل أن يصدر أمر الحجز التحفظي في أول نوفمبر سنة 1944 ومع ذلك فقد أقام الحكم قضاءه برفض الدعوى الفرعية على أن الطاعن كان متأخراً في دفع كل الإيجار الذي رفعت به الدعوى ووقع الحجز بمقتضاه خلافاً لما جاء بالأوراق المقدمة في الدعوى، وثانياً إذ جاء به أنه اتفق في عقد الإيجار على عدم أحقية الطاعن في خصم التأمين إلا بعد الوفاء بالإيجار والتسليم وبعد أن تقبل الوزارة تسليم التأمين للمستأجر الأصلي مع أن هذا الاتفاق عدل بموجب خطاب صادر من المطعون عليه إلى أحمد أفندي مرسي خليفة في 5 من أكتوبر سنة 1944 بالتصريح إلى الطاعن باحتسابه ضمن المطلوب من الإيجار.
ومن حيث إنه جاء بالحكم أن الطاعن لم يسدد أقساط الإيجار في مواعيدها وأنه سدد بعد توقيع الحجز التحفظي مبلغ 125 جنيهاً و300 مليم في 14 من نوفمبر سنة 1944 إلى المستأجر الأصلي ومبلغ 195 جنيهاً و965 مليماً في 20 من نوفمبر سنة 1944 إلى وزارة الأوقاف ثم استطرد إلى القول بأنه إلى هذا التاريخ كانت ذمة الطاعن مشغولة بمبلغ 550 جنيهاً من الإيجار وزيادة سعر القطن وقد اكتفى الطاعن بإجراء المقاصة بينها وبين التأمين الذي ليس من حقه خصمه إلا بعد الوفاء والتسليم وقبول الوزارة تسليم التأمين للمستأجر الأول وهو ما لم يقم عليه دليل بل ثبت عكسه بدليل رفع الدعوى الخاصة بتلف وضياع الملحقات، وهذا الذي ذكره الحكم واستند إليه في الاستدلال على أنه عند توقيع المطعون عليه الحجز التحفظي في أول نوفمبر سنة 1944 لم يكن الطاعن قد وفى ما عليه من إيجار وفرق زيادة سعر القطن ليس فيه ما يخالف الأوراق التي استند إليها وليس في الخطاب الصادر من المطعون عليه إلى أحمد أفندي مرسي خليفة في 5 من أكتوبر سنة 1944 والمشار إليه فيما سبق - والمقدم إلى هذه المحكمة - ما يخالف ما جاء بالحكم من أنه لم يقم دليل على أن وزارة الأوقاف قبلت تسليم التأمين للمستأجر الأول، لذلك يتعين رفض هذين السببين.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم في الدعوى الفرعية أن أسبابه متناقضة تجعله باطلاً إذ استدل على حسن نية المطعون عليه بقيده الدعوى على الطاعن عن مبلغ التعويض فقط ومقداره 50 جنيهاً وذلك بعد أن علم أن الطاعن قد قام بوفاء ما عليه من الإيجار، وهذا الذي ذكره الحكم لا ينهض دليلاً على حسن نية المطعون عليه بل هو على الضد من ذلك دليل على سوء نيته ورغبته في الإضرار بالطاعن خصوصاً وأن الطرفين كاناً متفقين على أن يتم الوفاء لوزارة الأوقاف وليس للمطعون عليه - وهذا الاتفاق ملزم له - حق في رفع الدعوى أو توقيع الحجز التحفظي والاستمرار في طلب تثبيته إذ ذلك منه قال كما الحكم الابتدائي إسراف في استعمال الحق بلا مبرر بعد أن انتفى سببه القانوني وهو الوفاء بالأجرة.
ومن حيث إنه جاء بالحكم "أنه فيما يتعلق بما نسب للمؤجر من إسراف في استعمال حقه فقد ثبت لهذه المحكمة أنه بعد أن توقع الحجز لتأخر المستأجر في دفع الأجرة وبعد أن قام الأخير بالوفاء عقب الحجز أقر المؤجر فوراً بهذا الوفاء إذ قصر طلباته عند قيد الدعوى على طلب التعويض وحده فدلل على ذلك بحسن نيته وأوضح لمحكمة أول درجة من أول جلسة بأن الأجرة سددت بأكملها. ولما كان أمر الحجز صدر وفاء للأجرة وحدها وعلى مصاريفها فقد كان في مقدور المستأجر أن يعرض هذه المصاريف في الجلسة الأولى ويطلب الحكم فوراً بإلغاء الحجز المطلوب تثبيته وكان يجاب إلى طلبه دون أن يدفع المصاريف... ويخلص مما تقدم أن المؤجر لم يكن في حدود حقه فحسب، بل كان لم يقصد إضراراً بالمستأجر حسن النية عند توقيع الحجز أو عند قيد الدعوى وأن الأخير هو الذي استبقى الحجز بإهماله". وهذا الذي قرره الحكم مؤد إلى ما استخلصه من حسن نية المطعون عليه عند توقيع الحجز وعند قيد الدعوى وليس فيه أي تناقض، وهو بعد تقرير موضوعي سائغ لا يجوز إثارة الجدل في شأنه أمام هذه المحكمة ويتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم القصور في التسبيب إذ قرر أن الطاعن لم يضار باستمرار الحجز لأنه نقل المحصول إلى بنك التسليف وسحب عليه سلفة مغفلاً التحدث عما قدمه الطاعن من أوراق تثبت أن المحصول نقل حقيقة إلى شونة بنك التسليف لأنه حجز عليه بجرن العزبة وليس بها مخازن ولم يستطيع الطاعن التصرف فيه إلى أن سلم لبنك مصر في 19 من أغسطس سنة 1946 وبلغت قيمة الخسارة من تكاليف الإيداع وخلافه ما يزيد على 800 جنيه.
ومن حيث إن الحكم إذ انتهى إلى أن الحجز لم يكن كيدياً وأن نية الإضرار التي يجب توافرها عند من ينسب إليه التعسف في استعمال الحق منعدمة وأن الطاعن هو الذي أهمل في طلب رفع الحجز، كان في ذلك جميعاً ما يكفي لحمل قضائه برفض الدعوى الفرعية ولم يكن بعد في حاجة إلى بحث ما إذا كان قد أصاب الطاعن ضرر من الحجز لأن هذا البحث يكون بعد ذلك تزيداً غير لازم في الدعوى ويتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم في الدعوى الأصلية القصور في التسبيب إذ أقام قضاءه على الطاعن بالتعويض على سببين أحدهما مخالفة الطاعن لما التزم به من احترام عقد الإيجار الصادر إلى عبد الخالق جبر وقد ترتب على هذه المخالفة ضرر بالمطعون عليه إذ اضطر للدفاع عن نفسه في الدعوى التي أقامها عبد الخالق جبر عليه وعلى الطاعن إلى توكيل محام ودفع أتعاب ومصروفات مع أن المطعون عليه لم توجه إليه طلبات في الدعوى المذكورة بل اختصم فيها ليقدم سنداً لمصلحة المدعي وليس في ملف الدعوى ما يدل على أن المطعون عليه قام باتفاق مصروفات وبذلك يكون الحكم قد عاره بطلان يوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم إذ أقام قضاءه بالتعويض على سببين أحدهما ما تكلفه المطعون عليه من توكيل محام ودفع أتعاب ومصروفات في الدعوى التي أقامها عبد الخالق جبر عليه هو والطاعن على ما سبق ذكره لم يلق بالاً إلى ما جاء بعريضة الدعوى في القضية المذكورة - والمقدمة صورتها الرسمية من الطاعن - والثابت بها أن المدعي إنما أدخل المطعون عليه ليقدم عقد الإيجار ولم يوجه إليه طلباً ما غير ذلك كما أن الحكم الصادر فيها - والمقدمة صورته الرسمية بحافظة المطعون عليه - لم يلزمه بشيء ما ولم يثبت بالحكم أنه وكيل محامياً، ومن ثم يكون ما استند إليه الحكم في هذا الخصوص يناقض الثابت بالأوراق. ولما كان قد أسس قضاءه بالتعويض في الدعوى الأصلية على عدة عناصر انهار أحدها لما تبين من أنه يناقض الثابت في الأوراق وكان لهذا العنصر أثره في التقدير كان قضاؤه بالتعويض باطلاً بطلاناً جوهرياً يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن الموجهة إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق