جلسة 8 من فبراير سنة 1951
(64)
القضية رقم 104 سنة 19 القضائية
(1) حكم. تسبيبه.
ادعاء المدعي وجود شركة بينه وبين المدعى عليه. استناده إلى إنذارات متبادلة بينه وبين المدعى عليه تدل على وجود علاقة بينهما. اعتبار المحكمة هذه الإنذارات مبدأ ثبوت بالكتابة. حكم تمهيدي. اقتصاره على الفصل في جواز إثبات الشركة بالبينة. عدم قطعه في ماهية العلاقة. حكم قطعي. فصله في أمر هذه العلاقة. نفيه وجود شركة بعد مناقشة شهادة الشهود وتقديرها. لا تناقض بين أسباب الحكم القطعي ومنطوقه. لا مخالفة لقضاء الحكم التمهيدي.
(2) حكم. تسبيبه.
حكم تمهيدي. قضاؤه بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أن أساس العلاقة بين المدعي والمدعى عليه هو وجود شركة محاصة بينهما. حكم قطعي. إشارته إلى ما قضى به الحكم التمهيدي. قضاؤه بعدم ثبوت الشركة. التكييف القانوني لما عسى أن يكون بين الطرفين من علاقة غير التي ادعاها المدعي وعلى أساسها صدر الحكم التمهيدي وقضى في الدعوى. خارج عن نطاق الدعوى. إغفال الحكم إياه. لا بطلان.
(3) حكم. تسبيبه.
حكم تمهيدي ألقى عبء إثبات شركة المحاصة على من يدعيها. حكم قطعي لم يأخذ بشهادة شهود مدعي الشركة. اعتباره الدعوى عارية عن الدليل دون مناقشة شهود الخصم الآخر. عدم وجود ما يستوجب نفيه من جانب هذا الخصم. لا قصور.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
الوقائع
في يوم 21 من يونيه سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 5 من فبراير سنة 1949
في الاستئناف رقم 31 سنة 21 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 25 من يونيه سنة 1948 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 9 من يوليه سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب وحافظة بمستنداته. وفي 13 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 30 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 25 من يناير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إنه - الطعن - بني على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم التنافر بين الأسباب والمنطوق، إذ جاء بأسباب الحكم التمهيدي الصادر في 10 من يونيه سنة 1948 أن الطاعن يدعي أنه كان شريكاً بحق الثلث في شركة محاصة لتجارة البصل مع المطعون عليه الذي أنكر وجود هذه الشركة مدعياً أن الطاعن كان مجرد سمسار بأتعاب، وإزاء وجود رابطة معترف بها من المطعون عليه فإن اختلافهما على تكييفها لا يكون سبباً لرفض الدعوى بل يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الإثبات بالبينة، وقد نفذ الحكم التمهيدي وسمعت المحكمة شهود الطرفين، ومع أن اختلاف الطرفين بقى كما كان إلا أن المحكمة عادت فرفضت الدعوى كأنها لم تقطع بعكس ذلك بأسباب الحكم التمهيدي الذي يعتبر جزءاً من الحكم النهائي يتم كلاهما الآخر وتكون أسبابهما معاً وحدة وثيقة الارتباط يجب أن يراعى الانسجام فيها، أو على الأقل أن ينتهي منطق هذه الأسباب معاً إلى منطوق الحكم النهائي. وينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم أنه صدر مخالفاً لحكم سابق، ذلك أنه لو لم يكن هنالك تناقض بين الأسباب والمنطوق على ما سبق بيانه بالسبب الأول فإن الحكم التمهيدي قطع في أن الخلاف بين الطرفين على تكييف العلاقة التي بينهما لا يصح أن يكون سبباً لرفض الدعوى ولكن الحكم النهائي - المطعون فيه - قضى على عكس ذلك. وهذا الخلاف بين الحكم يعيب الحكم الأخير ويوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم ذكر في أسبابه "أن الحكم التمهيدي الصادر في 10 يونيه سنة 1948 من هذه المحكمة والقاضي بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المستأنف - الطاعن - أن العلاقة بينه وبين المستأنف ضده في شراء البصل إنما كان أساسها شركة محاصة وإثبات الكميات التي قام بشرائها والتي وردها من زراعته للشركة". وقد نفذ الحكم التمهيدي وسمعت شهود الطرفين ثم تولى الحكم مناقشتها وانتهى إلى أنه يبين من ذلك "أن شهادة شهود الإثبات مصطنعة غير طبيعية لفقتها يد ماهرة ولقنتها للشهود فرتلوها كما هي في غير سبك ولا إتقان فشفت عما تحتها فأصبحت الدعوى عارية من الدليل". وقضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى، وليس في هذا الذي جاء بالحكم أي تناقض بين الأسباب والمنطوق ولا مخالفة فيه لقضاء الحكم السابق الذي لم يفصل إلا في جواز إثبات الشركة التي كان الطاعن يدعي وجودها استناداً إلى أن الإنذارات المتبادلة بين الطرفين تدل على وجود علاقة بينهما اعتبرتها المحكمة مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز سماع البينة المتممة له ولم تقطع في ماهية هذه العلاقة. أما الحكم القطعي فقد فصل في أمرها بعد مناقشة شهادة الشهود وتقديرها، إذ نفى ما يدعيه الطاعن من وجود الشركة المزعومة بينه وبين المطعون عليه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم أنه إذ أغفل تكييف العلاقة بينه وبين المطعون عليه يكون قد عاره بطلان جوهري يوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم أشار إلى ما سبق أن قضى به الحكم التمهيدي من الإحالة على التحقيق لإثبات أن أساس العلاقة بين الطاعن والمطعون عليه هو وجود شركة محاصة بينهما ثم قضى بعدم ثبوتها، ومن ثم يكون خارجاً عن نطاق الدعوى التكييف القانوني لما عساه يكون بين الطرفين من علاقة غير تلك التي ادعاها المدعى وعلى أساسها صدر الحكم التمهيدي وقضى في الدعوى.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن العقد هو قانون المتعاقدين، والمحكمة نفسها قالت "إنه كيفما كان تكييفه فإن تطبيق أحكامه لا يؤدي إلى رفض الدعوى" ولكنها عادت ورفضت الدعوى، وبذلك يكون قضاؤها الأخير قد وقع مخالفاً للقانون فضلاً عن مناقضته لما ذهبت إليه في أسباب حكمها التمهيدي.
ومن حيث إن ما جاء بهذا السبب ليس إلا ترديداً لما جاء بالسبب الأول على أنه لا يوجد عقد مكتوب بين الطرفين يحدد علاقتهما التي لا تعدو كونها مجرد دعوى من الطاعن بوجود شركة قضى الحكم التمهيدي بالإحالة على التحقيق لإثباتها، ولما أن عجز الطاعن عن هذا الإثبات قضى برفضها، وليس في هذا الذي قضى به الحكم ما يخالف القانون. ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم عاره قصور في التسبيب إذ أغفل مناقشة شهادة شهود المطعون عليه مع أن شهادتهم دليل قائم في الدعوى يتعلق به حق كل من الطرفين.
ومن حيث إن الحكم التمهيدي ألقى عبء إثبات شركة المحاصة على من يدعيها وهو الطاعن، ولما لم يأخذ الحكم المطعون فيه بشهادة شهوده اعتبر الدعوى عارية عن الدليل، وليس في هذا الذي سلكه الحكم أي قصور في التسبيب، إذ بحسبه أن يناقش شهادة شهود من ألقى عليه عبء الإثبات فإن هو أطرح شهادتهم كانت الدعوى بغير دليل دون حاجة منه إلى مناقشة خصمه متى لم يثبت ما يستوجب نفيه من جانبه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق